لقادة إسرائيل: ليست بلاد أرز بل “بلاد الموت اللعين”.. سنبكي كثيراً إذا عدنا

لقادة إسرائيل: ليست بلاد أرز بل “بلاد الموت اللعين”.. سنبكي كثيراً إذا عدنا
في ظل صدمة شلل الدفاع العسكري في 7 أكتوبر، تعود إسرائيل لارتكاب الأخطاء القاسية التي سبق أن ارتكبتها. فهي الآن في مسار انغراس آخر في الوحل اللبناني – بعد 25 سنة من نجاحها في تخليص نفسها منه.
لا توجد لإسرائيل استراتيجية، هي تعمل مثل محطة إطفاء نار. الجيش والقيادة السياسية منشغلان بإطفاء حرائق وليس ببناء خطوات بعيدة المدى تقوم على أساس نظرة واسعة بردع وتغيير الواقع الأمني في ضوء النجاحات العسكرية. هكذا في الشمال، وهكذا في غزة، وهكذا في الدائرة الثالثة أيضاً.
قبل أكثر من 30 سنة، بعد صدمة حرب يوم الغفران، بنت إسرائيل لنفسها قوة عسكرية ضخمة. مع فرق وفيالق، وسلاح جو ضخم ومنظومات قتال لقوة عظمى. وتبين لنا بعد سنوات أن إسرائيل لا تحتاج إلى جيش بهذا الحجم – جيش يتطلب منها ميزانيات ضخمة وثقيلة على مقدرات الدولة. ما أدى إلى أزمة اقتصادية كبيرة في الثمانينيات من القرن الماضي، التي عرفها الاقتصاديون لاحقاً كـ “عقد ضائع للاقتصاد الإسرائيلي”.
دخل الجيش الإسرائيلي إلى لبنان في العام 1982 لإبعاد مخربي حركة فتح، الذين حولوا لبنان إلى استحكام متقدم لهم. نجح الجيش الإسرائيلي بل أصدر صورة نصر لياسر عرفات وآلاف المخربين الذين يصعدون إلى سفن الإبعاد من مرفأ بيروت.
لكن الجيش الإسرائيلي علق في لبنان عندها طوال 18 سنة. بنى حزامين أمنيين، لكن سرعان ما تبين أن الحزام الأمني الذي استهدف حماية بلدات الشمال أصبح شرك موت للجنود الذين خدموا في الاستحكامات. يكفي أن نذكر كارثة السفاري، وكارثة السالوكي، وكارثة الوحدة البحرية، وكارثة المروحيتين، وكارثة المجنزرات، غيرها وغيرها. 18 سنة سفكت إسرائيل دمها في بلاد الأرز اللعينة، بلا غاية حقيقية. الكاتيوشا والصواريخ أطلقت إلى شمال البلاد من فوق رؤوس الجنود في الاستحكامات، ووجهنا أيضاً بتسللات مخربين إلى أراضي إسرائيل، “ليل الطائرات الشرعية” مثلا.
والآن نكرر الخطأ ذاته. في ظل قصور 7 أكتوبر، يحاول الجيش الإسرائيلي استعادة الثقة به، وخلق أمن وإحساس أمن للجمهور.
صحيح كان فعل الجيش الإسرائيلي حين ضاعف قوته بثلاثة أضعاف في الدفاع في الشمال. ثلاث فرق مع آلاف الجنود وقوة نارية كبيرة على نحو خاص، من البحر وحتى النهر، وصحيح أيضاً أنه يثبت معادلة قتالية؛ فهو يعمل في كل أرجاء لبنان وسوريا أمام أي محاولة من حزب الله وإيران لترميم قدرات منظمة الإرهاب العسكرية. الهجمات على النشطاء ومخازن السلاح في لبنان هي طريق ترسيم الردع الإسرائيلي في لبنان والمنطقة كلها. مع ذلك، فإن إقامة الاستحكامات من جديد تعد خطأ، ولا بد أن أمهات وآباء كثيرين سيبكون عليه. ويا ليت، يا ليت، يكون كاتب هذه السطور هو المخطئ!
آفي أشكنازي
معاريف 18/2/2025