
الحفاظ على مسافة الامان الوطني
بقلم مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸
21.2.2025
—————————————
لعل من قواعد اهم الامان في السير على الطرق من اجل السلامة وتفادي الخسائر والارواح هو ترك مسافة امان بين المركبات، قانون وضع من اجل حماية الناس والحفاظ على ممتلكاتهم ، وحياتهم. لا يوجد شيء عبثي ، فقط المطلوب هو اتباع الارشادات والنصائح من اجل تلك الاهداف. وقس على ذلك العلاقات الاسرية والاجتماعية والوطنية ، لتجنب الكثير من المهاترات والحفاظ على النسيج الاجتماعي والوطني. ان ما يدعو الى التطرق لمثل هذا الموضوع هو التدخلات التي تتبلور اليوم من كل صوب وحدب، نشطاؤها معرفون، عملاؤها معرفون ، والاب لهم ايضا مكشوف. لعلي في عمري هذا وعلى مدى السنوات التي عشتها لم ارى مثل الذي يحدث في مجتمعنا الفلسطيني، وان كان ليس غريبا. فالتاثيرات بسبب المؤثرات شئ ضخم اليوم بسبب التقدم في عالمنا الرقمي. الحقيقة ونحن اي الشعب الفلسطيني نمر تحت الضغط الاستيطاني الاحتلالي والذي يعمل ليل نهار في محاولة لديمومة الاحتلال الاستيطاني الاحلالي، بمعنى ان هذا الاحتلال ومن وراءه الاحزاب الاسرائيلية اليمينية واليسارية متفقة تماما على الشان الفلسطيني، وهو التخلص من الشعب الفلسطيني على الارض الفلسطينية واحلال المستعمرين المستوطنين مكانهم. كل هذا يتساقط امام النضال والصمود الفلسطيني العتيد ، وسيقف نضال الشعب الفلسطيني حائلا اما سياسات الاحتلال واهدافه. الحرب الشرسة التي يتعرض لها شعبنا اليوم في كل المدن الفلسطينية في الضفة الغربية وعلى الاخص في المخيمات بعدما اجهز على غزة وشتت اعلها في العراء يلتحفون السماء ويفترشون الارض تتطلب منا الحرص ، واخذ الحيطة والحدر امام عدوان جارف يتتبع مخططات تهدف الى انهاء القضية الفلسطينية.
لكن استفحال الوضع الداخلي الفلسطيني ، بداية من الانقسام الذي تسبب بكل ما نحن فيه من ضعف وهوان، لان التيار السياسي الاسلامي يرفض رفضا تاما الانخراط في المؤسسات الوطنية الفلسطينية، وخلق واعد برنامجا نضاليا يديره لوحده بعيدا عن البرامج النضالية الاخرى، فلم تتوحد بيانات حركة حماس في الانتفاضة الاولى مع نظرائها من الحركة النضالية الفلسطينية، واتخذت لنفسها يوما مغايرا لانطلاقة الانتفاضة ، وفي الانتخابات التشريعية الاولى رفضت المشاركة فيها تحت ذريعة التخوين والحلال والحرام، ورفض مظلة اوسلو. مجمل الحديث ان اطراف النضال الفلسطيني ان صح القول لم يلتقي على برنامج واحد بالرغم من ان الهدف واحد. طيب اذا كنا هنا اللقاء بمعنى التوحد في حبل من مسد لا يتم هنا فاين يتم اللقاء؟. في ظل النضال الفلسطيني من اجل الحفاظ على الوجود الفلسطيني، يفترض ان هناك قيادة فلسطينية موحدة بعيدة كل البعد عن المحصصات, لمتابعة المرحلة والتصدي لكل التحديات. الحديث عن انتخابات هي استحقاق وطني بامتياز ونحن بامس الحاجة اليها في كل المواقع، لكن الانتخابات التشريعية والرئاسية هلى من الممكن ان تجرى في ظل هذا المناخ السياسي السائد في الاراضي الفلسطينية؟ هنا يكمن السؤال؟!. اسرائيل تمنع اجراء اي انتخابات في القدس على عكس ما تم في الانتخابات 2006, وما قبلها، وقطاع غزة شبه مدمر ويخضع الى حكومة انقلاب 2007، كيف يمكن اجراء انتخابات سياسية مجزوئة واستبعاد القدس وغزة منها. اسئلة بحاجة الى رؤيا جديدة في مسيرة النضال الفلسطيني ويجب ان نجد لها مسارا واجابات.
كل هذا واقع ، اما ما يستجد اليوم فاننا وللاسف نواجه تحديا كبيرا من التحريض السياسي بسبب المناخ السياسي المسموم والمحموم في هذا الوطن الصغير ، والكبير باهله. السبب لا توجد مسافات من الامان الوطني تحافظ على الموروث الفلسطيني النضالي والسياسي . كل الذي يحدث هو جزء لا يتجزء من المؤامرة والاستهداف للشعب الفلسطيني، ويصب في الفخ الذي نصبه الاحتلال لهذا الشعب، والابقاء على الانقسام المحموم!.
سياسة الامان الوطني هي التي من المفترض ان تحكم العلاقة الفلسطينية الفلسطينية في السلم او الحرب ، والشورى هي الاساس في هذه العلاقة . لا يجوز ان يصادر الفصيل الفلسطيني مهما كان شان القرار الفلسطيني لجر البلاد والعباد الى متاهات نحن في غنى عنها سواء للاستئثار في القرار او ارضاء لطرف غير فلسطيني، ولا توجد مقدس الى سلامة الوطن والشعب . والكل الفلسطيني مطلوب منه ان يعرف حدوده ودوره المناط به والحفاظ على الثغر الذي يقف عليه فلا ياتين من قبل احدهم ، فهل سنحافظ على سياسة مسافة الامان الوطنية في كل القضايا والشان العام، وغير ذلك هي الهاوية؟ ساعتها لا يتفع الندم. الشعب الفلسطيني اليوم في عين العاصفة ، وهذا له استحقاقاته ، وواجباته.