الصحافه

استنتاج: خطأ الفلسطينيين هو وجودهم ووجود العرب من حولهم

استنتاج: خطأ الفلسطينيين هو وجودهم ووجود العرب من حولهم

عودة بشارات

بعد كل مقال أكتبه ضد سياسة الحكومة، يحتجون ضدي ويقولون: ماذا، أليس لديك شيء ضد الفلسطينيين؟ للوهلة الأولى هم على حق، لأن أي شخص متصالح مع نفسه عليه انتقاد عيوبه أولاً. هذا موقف صحيح، وأنا أعمل بهذه الروحية. عندما أكتب باللغة العربية أتطرق إلى الأمور السلبية في المجتمع العربي وأنتقدها بشدة. ليس لدي أي تبجح لملاطفة “أنا” شعبي. الشاعر محمود درويش كتب: “عندما أصبحت كلماتي عسلاً غطى الذباب شفتي”.

في المقالات التي كتبتها باللغة العربية أدنت العمليات بشدة. كتبت ضد الأنظمة الدكتاتورية العربية، وتعرضت لانتقادات شديدة عندما وقفت بإصرار ضد نظام الأسد، حتى في عهد حافظ الأب. للأسف، هناك من رأوا في الأسد ونظامه قائداً للقومية العربية. ورأيت فيه دكتاتورا فاسداً ومتعطشاً للدماء.

لا يمكن الآن تمييز شفاه معظم العاملين في الإعلام العبري، لأنها مغطاة بطبقة من الذباب بسبب العسل الذي يخرج من أفواههم، ويتساوق مع القوات الظلامية في المجتمع اليهودي

في المقابل، لا يمكن الآن تمييز شفاه معظم العاملين في الإعلام العبري، لأنها مغطاة بطبقة من الذباب بسبب العسل الذي يخرج من أفواههم، ويتساوق مع القوات الظلامية في المجتمع اليهودي، ظلامية التحريض وتبلد الحواس.

باستثناء انتقاد نتنياهو، ليس لديهم أي تحفظ على الاحتلال والقتل الجماعي في قطاع غزة، بعد ذلك فيهم من الوقاحة أن يطلبوا من الشخصيات العامة العربية إدانة جرائم حماس. النفاق في هذا الطلب يصرخ إلى عنان السماء. لأنه باستثناء ميكروفون الإدانة، جميع ميكروفونات الإذاعة والتلفزيون والصحف مغلقة أمام العرب.

أنا مضطر إلى التذكير بأنني أكتب في صحيفة أغلبية قرائها من اليهود حول الموضوع على جدول أعمال المجتمع الإسرائيلي. وبصفتي مواطناً في الدولة (إلا إذا كان هناك شخص يعتقد غير ذلك) فعنواني هو حكومة إسرائيل ومؤسساتها. وأحاول بقوتي الضئيلة أن أعبر عن موقفي حول هذا الشأن. من يرد “آراء” تداعي “الأنا” القومية للمجتمع اليهودي، بأسلوب أن اليهود ضحايا وأن العرب برابرة، فليبحث عن شخص آخر ليفعله.

إضافة إلى ذلك، لا أكتب من أجل الإغضاب، وإذا كان ذلك هو ما يحدث فبسبب الوضع الصعب الذي نعيش فيه؛ وكيف أكتب أيضاً أموراً مشجعة بنفس الدرجة، لأن الحياة بدون أمل ليست حياة في نهاية المطاف؛ فطوال الوقت أبحث عن شرخ في سور الكآبة الموجود حولنا. ذات مرة، مدحت نتنياهو الذي قال في أحد الافلام القصيرة أموراً جميلة عن المواطنين العرب. إذا واصل ذلك، كتبت، فسأصبح عاطلاً عن العمل.

في مرة أخرى، بعد أن رأيت أطفالاً من اليهود والعرب وهم يغنون معاً، ولم أميز بين العربي واليهودي، كتبت عن “الزهرة اليهودية – العربية”. إذا وقفت أمام زهرة سأرويها، أنا مثل كثيرين أعمل على زراعة الأمل، مثلما قال محمود درويش.

مع ذلك، إزاء المطالبة المتزايدة، سنشير نحن الكُتاب العرب إلى سلبياتها، وهاكم انتقادي:

خطأنا الرئيسي نحن الفلسطينيين، هو أننا موجودون أصلاً. أنا غاضب جداً على آبائي. لو لم يكونوا موجودين لما كانوا سيطردونهم من قرية معلول؛ لأنه لا يمكن طرد مواطنين غير موجودين. ويمكن المواصلة: لو لم يكن هناك فلسطينيون في قطاع غزة لما كان الرئيس الأمريكي ترامب سيكلف نفسه عناء وضع خطة لطرد أشخاص غير موجودين، وما كان وزير الدفاع السابق ليأمر بتجويعهم.

صحيح أننا حادثة تاريخية تنغص على حياة اليهود، بل وتسبب لبعضهم المثول في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، لكننا في التجسد القادم سنطلب من إخوتنا اليهود البحث عن مكان آخر يخلو من مثل هذه المصيبة البائسة التي تسمى الفلسطينيين. ويفضل ألا يكون حولنا عرب على الإطلاق.

 هآرتس 24/2/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب