ثقافة وفنون

مفاجأة الفنانين السوريين لرمضان السوري والفن.. وزيرة الخارجية الألمانية تبيع الشاورما في مطعم سوري

مفاجأة الفنانين السوريين لرمضان السوري والفن.. وزيرة الخارجية الألمانية تبيع الشاورما في مطعم سوري

أنور القاسم

لطالما كانت الدراما السورية تحمل معها الكثير من المفاجآت السنوية، لكنها هذا العام حملت مفاجأة من عيار خاص، حيث اجتمع عدد كبير من نجومها في حوار سياسي لم تشهده دمشق منذ 54 سنة.
مناسبة الحوار هو مشاركة عدد من الفنانين في مؤتمر الحوار الوطني، كقوة ناعمة لها وزنها المجتمعي والسياسي، بعد أن كانت مغيبة تماما عن ذلك.
حضر هذه الجلسة الحوارية منى واصف وكاريس بشار وسلاف معمار وسامر إسماعيل ومكسيم خليل وتيسير إدريس والمخرجة رشا شربتجي، وممثلون وفنانون آخرون. كما شارك عبر الاتصال المرئي في الجلسة الحوارية ريم علي ومازن الناطور وجمال سليمان ويارا صبري ونوار بلبل وفنانون آخرون.
الملاحظ في هذا الاجتماع الفني أنه عقد في غياب المكوعين والأصح «المكولكين»، سواء سلاف فواخرجي، التي اعتذرت، أو سوزان نجم الدين أو باسم ياخور، وغيرهم.
واضح أيضا أن هذا الفرز بين من كانوا مواليين لنظام القتل البائد وبين الأحرار من الفنانين وسع الشرخ بينهم، كما أن الجو خيم عليه البرود والتوجس. وحامت أرواح فدوى سليمان ومي سكاف وعامر سبيعي فوق المكان.
المخرجة السورية رشا شربتجي – التي كانت حتى الأمس قريبة من النظام – رأت أن المواطنين باتوا قادرين للمرة الأولى على رفع سقف الطلبات التي توجّه للسلطة الحاكمة في سوريا.
الكاتب المبدع سامر رضوان، تحدث عن استعصاء سجن صيدنايا، الذي كان من أطول الاستعصاءات في العالم، واعتبره حدثا تاريخيا يجب أن يرصد أيضا فنيا لتخليده ولتفكيك العقل الأمني الذي كان سائدا.
بينما رأى الفنان هشام كفارنة أنه لا بد أن يقوم الفن بوظيفته في تجسير الفجوات القائمة بين الشرائح المختلفة في المجتمع ليجسد الشعار الذي نردده دائما «واحد واحد واحد.. الشعب السوري واحد».
كانت هناك تقاطعات ومداخلات تصب كلها في بوابة أمل تشي بأننا مقبلون على دولة سورية واحدة حرة لجميع السوريين.
ومهما كانت الانتقادات للحوار الوطني، فإن الفنانين كغيرهم من شرائح المجتمع يستطيعون تصويب الأخطاء ووضع بصماتهم عليه، لما لهم من تأثير على المجتمع كقوة ناعمة مسموعة ومؤثرة.
في المحصلة، تسود حالة من التفاؤل في النقاشات، ويبدو أن خلاصة الرأي العام للفنانين أنه يجب على السوريين أن يحاولوا تناسي الماضي، فالبلاد الآن للكل دون استثناء. وعلى الجميع في شرائهم كافة أن يبتعدوا عن لهجة الانتقام والثأر والتنابز بالألقاب والاتجاه لبناء سورية للجميع وبروح الحب والأمل في غد أفضل.

عودة الحياة الثقافية لسوريا

تثبت الأحداث يوميا في البلاد أن النظرة للحياة الثقافية والفنية في سوريا مختلفة عنها في الدول التي حكمتها وتحكمها تيارات إسلامية. فقد بدأت الأنشطة الثقافية والفنية في العودة، بموافقة من السلطات الجديدة، بعد فترة وجيزة من الانقطاع التي أعقبت سقوط النظام وهروب «الأسد».
وقبل فترة قصيرة قبل أن تستأنف الحفلات الموسيقية في مطعم «بيت جبري» في دمشق، سعوا لاستكشاف موقف السلطات الجديدة أولا، وقال المغني محمود الحداد «نحن عملنا يلي علينا ونزلنا سألنا فكان الجواب مفاجئ بالنسبة لنا إنه أعملوا حفلتكم وإذا كان بدكن حماية نبعث لكم».
والمشتغلون في الفن السوري وهم رواد على مستوى العالم العربي والمنطقة كانوا يشعرون بالقلق على الحريات، تحت أي حكم إسلامي، وبات المهتمون بالحياة الثقافية في البلاد يرون ترحيبا بالفن بجميع أنواعه وأشكاله.
فقد أُعيد مؤخرا افتتاح معرض في المتحف الوطني في دمشق لفنانة شهيرة، وكان من بين اللوحات المعروضة أعمال فنية تحتوي على أجسام عارية.
وقد ساور بعض الفنانين القلق من التضييق على حرية الإبداع، وظن البعض أن النظام الجديد قد لا يتقبل النحت أو الفنون التصويرية، مثل المنحوتات والرسومات التي تصور البشر والحيوانات، كما فعلت أنظمة إسلامية في أفغانستان وغيرها.
واستأنف طلاب الرقص المعاصر التدريبات في المعهد العالي للفنون المسرحية. كما قدمت الفرقة السيمفونية الوطنية السورية أول حفل لها منذ سقوط الأسد. وهذا كله يؤكد أن القيادة الجديدة هي من تنشط وتساهم في ازدهار الفن في البلاد، عكس كل الرهانات الداخلية والخارجية.
ويرفض الشرع مقارنة سوريا مثلا بأفغانستان، ويقول إن المجتمع السوري مختلف كثيرا، وإن حكومته ستتكيف لتتلاءم مع ثقافة البلد وتاريخه.
وما خلفه نظامي الأب والابن من تجهيل يحتاج ثورة معرفية جديدة تجب ما قبلها.
وعلى الفنانين والمثقفين السوريين الآن، وهم كثر، ولهم بصماتهم الكبيرة عربيا واقليميا ودوليا أن يغادروا توجسهم والنزول الى ميادين المعرفة والعلم للنهوض بهذا البلاد، التي نشرت الثقافة والفن في أصقاع المعمورة منذ بدء الخليقة.

الوزيرة الألمانية والشاورما

عرضت قناة «العربية» تقريرا طريفا وجميلا يصوّر وزير الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، وهي تفاجئ عشرات الزبائن وهم يصطفون في الدور لشراء شاورما من مطعم سوري في برلين.
ولفتت الوزيرة إليها الأنظار مؤخرا بعدما تصدرت حديث وسائل التواصل الاجتماعي منذ لقائها مع الرئيس السوري أحمد الشرع وعدم مصافحته لها.
المدهش أن الوزيرة الشابة انغمست كليا بلف سندويشات الشاورما بشكل احترافي، خاصة وهي تضيف الخضراوات والسلطات ومكونات هذه السندويشات، التي غزت المحلات والمدن الألمانية.
مقطع الفيديو هذا أثار تفاعلا كبيرا على مواقع التواصل، وأظهرها وهي ترتدى الزي الخاص بعمال المطعم وتساعدهم جديا في بيع الشاورما للزبائن، بل وتحاول أن تكون أسرع منهم في اللف والبيع للزبائن.
ونالت الوزيرة تفاعلا وترحيبا من المشترين، الذين حيوها وشجعوها على روح التعاون والمحبة التي أبدتها لهم وللعاملين في المطعم.
تخيلوا معي فقط مديرا من الدرجة الألف في بلادنا العربية طولا وعرضا يقوم بهكذا خطوة تشجيعية!
فعلا هذا البلاد تصر دائما على مفاجأتنا بإنسانيتها وتقدمها وأخلاقها، فالمسؤول في الغرب هو بالفعل وظيفته الخدمة وليس استعباد البشر وإذلالهم ونهبهم.

كاتب من أسرة «القدس العربي»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب