ديمومة التعايش استراتيجية اسرائيل بعيدة الامد مع الفلسطينين لمنع اقامة كيان فلسطيني مستقل. بقلم مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸
بقلم مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸

ديمومة التعايش استراتيجية اسرائيل بعيدة الامد مع الفلسطينين لمنع اقامة كيان فلسطيني مستقل.
بقلم مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸
27.2.2025
——————————————
لا يوجد لدى اسرائيل استراتيجية تخالف عقيدتها واطماعها بخصوص منح الفلسطينيين حريتهم واستقلالهم عن دولة اسرائيل، او حتى ابقاؤهم ودمجهم في فكرة الدولة الواحدة. ما تحتفظ به اسرائيل وما تحاول تطبيقه على ارض الواقع هو فرض التعايش في الاراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967 تحت سيطرة الجيش الاسرائيلي والمستوطنين ، وهو جل ما تريد اسرائيل من الفلسطينيون ان يتقبلوه ويعتادوا عليه وهو وجود الاسرائيلي بشقيه المدني والعسكري على الارض الفلسطينية من خلال ديمومة الاحتلال وتعزيز الاستيطان ، سواء برضاهم او عدم رضاهم وذلك من خلال اساليب خشنة ذات تكلفة عالية في حال استعمالها، وهذا معناه ضم الضفة الغربية وقطاع غزة الى دولة اسرائيل باساليب جهنمية.
وهي بهذا الشان فقد اقدمت على اتخاذ سلسة من الاجراءات اللوجستية سواء من خلال فرض حقائق على الارض او قرارات تتماشى مع توجهاتها في منع اقامة كيان فلسطيني مستقل الى جانب دولة اسرائيل. وكل الذي بادرت واعلنت عنه باتجاه الفلسطينيين هو ادارة ذاتية تتمتع بنوع من الحكم الذاتي تحت السيطرة الامنية الاسرائيلية ضمن تجمعات سكانية في مناطق محددة، وكنتونات مغلقة منفصلة وغير متواصلة جغرافيا مع بعضها البعض، ومحاصرة من قبل الجيش الاسرائيلي والاستيطان ليسهل عليها السيطرة على تلك التجمعات ولتمنع تشكيل كيان فلسطيني موحد في الاراضي الفلسطينية.
التواجد العسكري الاسرائيلي في الاراضي الفلسطيني ، ليس محض صدفة واخذ منحنى جديد واسع بعد السابع من اكتوبر 2023 ، وهو احد المتغيرات الاسرائيلية التي تعمل من خلالها اسرائيل على تشديد قبضتها على الضفة الغربية وقطاع غزة، وفرض نفوذها وسياستها مع الفلسطينيين. لذلك فهي تعمل الان على انتشار الجيش وعمل قواعد ثابتة في داخل واطراف المناطق التي يوجد بها التجمعات الفلسطينية. وهي بهذا تريد ان يتقبل الفلسطينيون وجود الجيش الاسرائيلي بين التجمعات السكانية الفلسطينية ، وكذلك مرور المستوطنين من امام التجمعات الفلسطينية، كسياسة تحاول ان تفرضها على المجتمع الفلسطيني ويتقبل كل تلك التغيرات التي احدثتها اسرائيل في المناطق الفلسطينية حيث الاستيطان، والشوارع الالتفافية، ونقاط التفتيش، والبوابات الحديدية ، حالة صنعها الإحتلال لفرض امر واقع جديد في الاراضي الفلسطينية، والثمن لرفضها هو ثمن باهظ على الفلسطينين .
إسرائيل تطرح “التعايش” مع الفلسطينيين كإطار سياسي وأمني، لكنه ليس قائمًا على المساواة أو الاعتراف بالحقوق الوطنية للفلسطينيين، بل هو تعايش قسري تفرضه بالقوة والسيطرة، بما يضمن استمرار سيادتها ومنع أي تهديد لمشروعها الاستيطاني. في المقابل حاصرت اسرائيل السلطة الفلسطينية وعرقلة النفوذ الفلسطيني ومنعت اجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في الاراضي الفلسطيني بالاخص في مدينة القدس ذات الرمز العالي للسيادة الفلسطينية بصفتها عاصمة للدولة الفلسطينية ، وقوضت سلطاته وقرصنة الاموال الفلسطينية التي تعتمد عليها الخزينة الفلسطينية والتي هي تجمعها من اموال الضرائب مقابل منفعة مادية تتلقاها بمقدار %3 على البضائع التي يستوردها الفلسطينيون . في محاولة لابقاء السلطة الفلسطينية ضعيفة لتقديم خدمات التعليم والصحة والشؤون الاجتماعية في الضفة الغربية. اما في قطاع غزة عملت على تعزيز الانقسام ، من خلال السماح للاموال القطرية بالدخول الى غزة بحماية امنية اسرائيلية، وبعد السابع من اكتوبر بسبب الهجوم الذي شنته حركة حماس على غلاف غزة فقد اعلنت انها لا ترغب بوجد اي من الفصيلين حماس او فتح في ادارة غزة. وتعمل الى ديمومة احتلال غزة بوجود ادارة ذاتية فيها.
توجد عدة اهداف اسرائيلة لسياسة التعايش مع الفلسطينيين اولا : منع اقامة دولة فلسطينية من خلال فرض امر واقع على الارض تجعل اقامة الدولة الفلسطينية امرا غير ممكن تطبيقه على ارض الواقع. وفي هذا السياق فان المدن الفلسطينية اصبحت محاصرة بالمستوطنات والتي تمنع تمددها الطبيعي ، ومرتبطة بسلسلة شوارع التفافية تحد من تواصلها الجغرافي.
ثانيا : ديمومة الاحتلال الاسرائيلي الذي يحقق المرابح الاقتصادية لاسرائيل . حيث يعتبر الفلسطينيون سوقا استهلاكيا كبيرا للمنتجات الاسرائيلية ، ويبلغ حجم التداول السنوي بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي خمسة مليارات دولار، الفلسطينيون يصدرون منتجات فلسطينية بما قيمته مليار دولار لاسرائيل ، بينما يستوردون المنتجات الاسرائيلية بما قيمته اربعة مليارات دولار من اسرائيل.
ثالثا: تبعية الاقتصاد الفلسطيني تبقى تحت السيطرة الاسرائيلية. يعود ذلك الى العديد من الاتفاقيات التي وقعت بين الطرفين واهمها اتفاق باريس ، وسيطرة اسرائيل على المعابر والموانئ واستعمال العملة الاسرائيلة الشيكل للتداول في الاسواق الفلسطينية مما كبل الاقتصاد الفلسطيني ليبقى تحت هيمنة الاقتصاد الاسرائيلي. اسرائيل احكمت قبضتها على كل الموارد الفلسطينية واصبحت المصدر الرئيس للمارد الى الجانب الفلسطيني.
يجب ان يدرك الشعب الفلسطيني بكافة الوانه واشكاله انه امام معترك كبير ومشهد معقد ، وبالرغم من عدم شرعية الاحتلال والاستيلاء على المناطق الفلسطينية بالقوة فان اسرائيل تسعى الى ديمومة الاحتلال ولا تسعى إلى حل النزاع الفلسطيني الاسرائيلي ومنح الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة وتريد ان تفرض ما يسمى “التعايش” ، وعززت ما يسمى السلام الاقتصادي حيث منحت رجال الاعمال مزايا وتسهيلات لتعزيز هذا المفهوم ، دون الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية للفلسطينيين وفق المفهوم الاسرائيلي، وليس بمعناه الحقيقي في ظل دولة واحدة مبنية على التساوي في الحقوق والواجبات ، اسرائيل تعمل على إدارة الصراع وديمومته عبر فرض نموذج يُبقي الفلسطينيين تحت السيطرة الاسرائيلية، دون منحهم حقوقًا وطنية أو سياسية متساوية، برضى فلسطيني واقليمي ودولي. هذا التعايش القسري يعتمد على الرواية الاسرائيلية وتعتمد على القوة العسكرية، السياسات الاستيطانية، والتضييق الاقتصادي لضمان استمرار الهيمنة الإسرائيلية.