واشنطن بوست: الخطة العربية هي الخيار الواقعي على الطاولة ويجب دعمها والبناء عليها

واشنطن بوست: الخطة العربية هي الخيار الواقعي على الطاولة ويجب دعمها والبناء عليها
إبراهيم درويش
رأت صحيفة “واشنطن بوست” في افتتاحيتها أنه يجب التعامل مع الخطة العربية لغزة جديا، فعلى الرغم من رفض الولايات المتحدة لها إلا أنها الخيار الواقعي المطروح على الطاولة.
وقالت إن الدول العربية أدانت بحق مع بقية العالم، مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخيالي الاستيلاء على غزة وتهجير أكثر من مليوني فلسطيني بشكل دائم وتحويل هذا القطاع المحاصر الذي مزقته الحرب إلى “ريفييرا” فاخرة على البحر الأبيض المتوسط. وعزز ترامب هذه الفكرة بفيديو مولد بالذكاء الاصطناعي يصور غزة المستقبلية بأشجار النخيل وراقصات شرقيات ملتحيات، وتمثال ذهبي لترامب.
وضع اقتراح ترامب المحير على عاتق القادة العرب والفلسطينيين مسؤولية التوصل إلى رؤية بديلة. وأقر قادة جامعة الدول العربية خطة واقعية طرحها الرئيس المصري لإعادة إعمار غزة على مدى سنوات
ووضع اقتراحه المحير على عاتق القادة العرب والفلسطينيين مسؤولية التوصل إلى رؤية بديلة لما بعد الحرب، وقد فعلوا ذلك بالفعل. فقد أقر قادة جامعة الدول العربية خلال اجتماعهم في القاهرة الأسبوع الماضي، خطة واقعية طرحها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإعادة إعمار غزة على مدى سنوات، تبقي السكان الفلسطينيين في وطنهم وتلزم الدول العربية الغنية بدفع معظم تكاليف إعادة الإعمار.
وسارعت فرنسا وإيطاليا وفرنسا والصين ومنظمة التعاون الإسلامي بأعضائها الـ 57 دولة إلى دعم الخطة. وكما هو متوقع، فقد رفضت إسرائيل وإدارة ترامب الخطة واعتبرت أن “هذا عار”، لأن الخطة العربية وإن لم تكن كاملة وغامضة في الموضوعات الرئيسية، بما في ذلك مستقبل جناح حماس العسكري في غزة، تقدم عددا من الأفكار العملية المعقولة، وتقدم نقطة بداية مفيدة للحديث عن مستقبل غزة وخريطة طريق واضحة لإعادة إعمار مع الكلفة، وهي تستحق النظر من الولايات المتحدة وإسرائيل.
وتقول الصحيفة إن الخطة العربية تتصور جهدا لإعادة الإعمار على ثلاث مراحل: ستركز المرحلة الأولى، والمتوقع أن تستمر ستة أشهر، على تطهير غزة من الأنقاض والذخائر غير المتفجرة، وبناء 200,000 منزل مؤقت لأكثر من مليون شخص، وكذا ترميم حوالي 60,000 مبنى قابل للإصلاح. وتقدر كلفة هذه المرحلة 3 مليارات دولار.
وفي المرحلة الثانية والتي ستستمر لمدة 3 أعوام، سيتم بناء حوالي 400,000 بناية مزودة بالمياه والكهرباء والاتصالات، وسيتم إصلاح الواجهة البحرية لغزة ومطارها المدمر، وستكلف هذه المرحلة 20 مليار دولار.
أما المرحلة الثالثة والتي ستستمر على مدى عامين ونصف وتكلف 30 مليار دولار فتركز على إكمال إسكان كامل السكان وبناء منطقة صناعية وبناء ميناء تجاري، وتبلغ كلفة المراحل الثلاث 53 مليار دولار. وتدعو الخطة إلى إنشاء صندوق لإدارة الاستثمارات، ففي المرحلة الأولية، ستدار غزة من قِبل لجنة من التكنوقراط الفلسطينيين المستقلين. وسترفع هذه اللجنة تقاريرها إلى السلطة الفلسطينية (المصلحة)، التي تدير بالفعل الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل.
وتشمل الخطة العربية على بند لقوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة، ولكن لا تفاصيل عن الدول التي ستشارك فيها. وقد وعدت مصر والأردن بتدريب قوات الأمن الفلسطينية التي ستقوم بالحفاظ على الأمن خلال عملية إعادة الإعمار. وبالنسبة لحماس، التي شنت هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، فهي تسيطر على غزة، وقد أعلنت سابقا استعدادها للتخلي عن دورها في الحكم وقبول لجنة من التكنوقراط. لكن حماس والسلطة الفلسطينية خصمان لدودان خاضا في عام 2007 معركة على غزة، مما ترك حماس تسيطر على القطاع.
ترى الصحيفة أن أكبر ثغرة في الخطة العربية هي كيفية التعامل مع الجناح العسكري لحركة حماس
والقلق هنا هو أن حماس، إلى جانب مواطني غزة، قد لا يرحبون بالسلطة الفلسطينية. وترى الصحيفة أن أكبر ثغرة في الخطة العربية هي كيفية التعامل مع الجناح العسكري لحركة حماس.
ويقول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والمتشددون في ائتلافه الحاكم إن الحرب يجب أن تستمر حتى يتم القضاء على حماس كقوة مقاتلة، وهو هدف يعتبره معظم المحللين، وحتى بعض المسؤولين العسكريين الإسرائيليين، غير واقعي. ووصفت حماس نزع سلاح جناحها العسكري بأنه “خط أحمر”.
كما رفض نتنياهو رفضا قاطعا أي دور للسلطة الفلسطينية في غزة. حتى إن بعض المتشددين الإسرائيليين تحدثوا علنا عن إعادة احتلال القطاع أو ضمه. كما يعارض نتنياهو والعديد من الإسرائيليين فكرة الاعتراف يوما ما بدولة فلسطينية مستقلة، وهو جزء من الخطة العربية. وأقل ما يمكن قوله هو أن الخطة ستحتاج إلى مناقشة ومراجعة قبل قبولها وتنفيذها.
وتقول “واشنطن بوست” إن اللحظة الحالية حرجة بالنسبة لغزة. فقد انتهى وقف إطلاق النار الذي استمر ستة أسابيع، ولا تزال إسرائيل وحماس عالقتين في مأزق بشأن تمديده وكيفية تمديده. ويبدو نتنياهو مستعدا لاستئناف الحرب، وقد قطعت إسرائيل جميع المساعدات الإنسانية والكهرباء عن غزة، مما زاد من معاناة السكان، ولا بد من تمديد فوري لوقف إطلاق النار تتبعه مفاوضات شاقة حول مستقبل غزة بعد الحرب. وفي هذا تقدم الخطة العربية نقطة انطلاق، وهي الخيار العقلاني الوحيد المطروح حاليا.
القدس العربي