مقالات

” قطر غيت ” فضيحة تهز إسرائيل ؟؟؟ فهل يتمكن نتنياهو من النجاة 

” قطر غيت ” فضيحة تهز إسرائيل ؟؟؟ فهل يتمكن نتنياهو من النجاة 

المحامي علي ابوحبله

تعيش حكومة نتنياهو واحده من أكبر أزماتها السياسية في ظل استمرار التحقيقات في قضية أطلق عليها الإسرائيليون  “قطر غيت”، حيث باتت شبهات الفساد  وتقاضي أموال من قطر تضع مستقبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على المحك. الفضيحة، تتعلق بتحويلات مالية سرية إلى مستشارين مقربين من نتنياهو، لم تقتصر على بعدها القانوني، بل امتدت إلى تداعيات أمنية وسياسية تهدد بتغيير موازين القوة داخل إسرائيل وحتى في مفاوضات غزة.

منذ عام 2022، لعبت قطر دورًا رئيسيًا في تمويل قطاع غزة من خلال تحويلات مالية ضخمة تحت غطاء “المساعدات الإنسانية”، لكن التحقيقات كشفت أن هذه الأموال لم تكن تمر فقط عبر القنوات الرسمية، بل وصلت إلى أشخاص داخل ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي، مثل إيلي فيلدشتاين ويوناتان أوريخ، عبر وسطاء أمريكيين مثل غاي فوتليك، وهو رجل أعمال مقرب من اللوبي القطري في واشنطن.

مع تصاعد الاتهامات، تم توقيف شخصيات رئيسية للتحقيق، وتم تسريب تسجيلات صوتية تكشف تورط شخصيات إسرائيلية بارزة في تسهيل هذه التحويلات مقابل مكاسب مالية وسياسية. لكن الحدث الذي زاد الأمور تعقيدًا كان إقالة رئيس جهاز الشاباك رونين بار، الذي كان يقود التحقيق، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كان نتنياهو يسعى إلى عرقلة التحقيقات.

وتثير الاتهامات المتقدّمة، تساؤلات جدّية حول تداعياتها على مستقبل نتنياهو وائتلافه الحكومي؛ إذ في حال ثبوت تورّطه أو تورّط مقرّبين به، فإن تداعيات ذلك ستكون كارثية عليه، وصولاً ربما إلى حدّ إصدار اتهام جرمي بحقّه، وهو ما يفسّر مباشرةَ رئيس الحكومة وائتلافه، الإجراءات ” العقابية”  ولا سيما لجهة إقالة كبار المسئولين الإسرائيليين، ممَّن قرّروا بدء التحقيقات، ومن بينهم رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار، والمستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف-ميارا. وعلى خلفية هذه الخطوات، استعادت الاحتجاجات زخمها، مع اتهام المؤسسة السياسية بربْط الحرب ومصير الأسرى الإسرائيليين، بمصالحها الخاصة.

قضية ” قطر غيت ” تأتي في وقت يواجه فيها نتنياهو اتهامات فساد وتلقّي رشى في قضايا أخرى، وإنْ كان للقضية الأحدث وقْع مغاير كونها تتّصل بعناوين واسعة التأثير على الجمهور الإسرائيلي، على رأسها الفشل في  تحقيق الحرب على غزه أهدافها وإطلاق سراح الرهائن ، وتُمثّل تلك القضية واحدة من أدوات الحرب السياسية القائمة بين نتنياهو ومؤيّديه من جهة، وبين معارضيه على اختلافهم من جهة ثانية، سواء من داخل المؤسسة الإسرائيلية نفسها، أو من خارجها. لكنّ التهمة، هذه المرّة، ثقيلة جداً؛ ذلك أن ثبوت تورّط رئيس الحكومة أو مستشاريه في ” الفضيحة ” ، من شأنه أن يؤدّي إلى انهيار حكومته، أو حتى إلى تقديم لائحة اتهام ضدّه.

للقضية انعكاسات وردود فعل متناقضة لدى شرائح مختلفة في المجتمع الإسرائيلي بحيث يرى الائتلاف الحكومي بأنه مستهدف ، وتعتقد بأن هذه الاتهامات تُستخدم لتحقيق مكاسب سياسية على حساب جهودها الرامية إلى تعزيز الأمن الإسرائيلي؛ وهو بالضبط ما يسعى إليه نتنياهو، في ظلّ محاولته تصوير نفسه كبطل يواجه ” مؤامرة من الدولة العميقة”  تستهدف النيل من مكانته وزعزعة الاستقرار السياسي والأمني لإسرائيل.

أما على صعيد المعارضة الإسرائيلية فهي تبحث على نقاط تعزز من خلالها موقفها في مواجهة نتنياهو وحكومته ،  فوجدت في «قطر غيت » مبتغاها، وهي بدأت بالفعل في استخدام هذا الملف كأداة ضغط ووسيلة للهجوم السياسي، ساعيةً إلى تصوير رئيس الحكومة ومستشاريه على أنهم متورّطون في ممارسات مشبوهة تهدّد ” الأمن القومي”  الإسرائيلي.

لكن هل سيُتّهم نتنياهو ومستشاروه؟ وهل تقدّم لائحة اتهام جنائية بحقّه، أم أن المعركة الداخلية الحالية ستؤدّي إلى نتيجة مشابهة لاتهامات الماضي المتعلقة بالفساد والرشى، أي التسويف والمماطلة وكسب الوقت إلى أمد غير معلوم؟

ربّما تكون الأمور مختلفة هذه المرّة، ذلك أن القضية القطرية مهمة  للغاية، فيما تداعياتها أكثر خطورة وتهدّد استقرار النظام السياسي. ومع هذا، لا تزال الأوراق والمبادرات والألعاب السياسية والمكائد، فضلاً عن العلاقات العامة، تميل لمصلحة نتنياهو.

وعلى أي حال، ثمّة مجموعة فرضيات يمكن ترجيحها، ومن بينها – وهو الأكثر ترجيحاً وفقاً للمعطيات الحالية -، أنه حتى لو أثبتت التحقيقات وجود تضارب مصالح أو استغلال نفوذ، فإنه لا يُستبعد أن تحاول الأحزاب السياسية في الحكومة التوصّل إلى تسوية ما لتجنّب الانهيار الكامل للنظام السياسي، الذي سيواجه بلا شكّ تداعيات ثقيلة نتيجة هذه المعركة. وقد تتضمّن تلك التسوية المحتملة إقالة بعض المستشارين المتورّطين، وتقديمهم ككبش فداء لمسئوليهم.

على أن أهمّ ما يميّز تداعيات «قطر غيت »، خاصة إذا تفاقمت وفرضت نفسها على رأس جدول الأعمال الإسرائيلي، هو تأثيرها المباشر وغير المباشر على قرار الحرب في غزة. ذلك أنها قد تكون حاسمة في تحديد مسار الأحداث المقبلة، سواء بالدفع نحو تصعيد الخيارات العسكرية أو فتح الطريق إلى التهدئة.

ويبقى السؤال الأهم: هل سيتمكن نتنياهو من النجاة من هذه العاصفة السياسية؟ أم أن “قطر غيت” ستكون القشة التي ستطيح بحكومته؟ كما سبق وأطاحت في اولمرت رئيس الوزراء الأسبق 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب