عربي دولي

أوضاع إنسانية قاسية يعيشها المواطن السوداني.. والموت يحاصره من كل الاتجاهات.. فيديو وصور

أوضاع إنسانية قاسية يعيشها المواطن السوداني.. والموت يحاصره من كل الاتجاهات.. فيديو وصور

 

توقفت الحياة بشكل شبه كامل منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان، وتفاقمت الجراح التي تنزف منذ شهور، لكن في أقل من أسبوعين أصبح السودان مهدد بأن تصبح الكارثة الإنسانية الأكبر بعد انسحاب البعثات الدبلوماسية وغلق غالبية المرافق الخدمية أبوابها، وتحولت العاصمة بفعل جثث القتلى إلى مدينة أشباح تناشد العالم إنقاذها من هذا الوحل.
رصدت “سبوتنيك” في التقرير التالي جانبا من معاناة السودانيين المستمرة منذ أقل من أسبوعين، في محاولة لكشف ملابسات الوضع الإنساني الكارثي ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته.
بداية يؤكد الصافي محمد، منسق منظمات المجتمع الأهلي في السودان، أنه نظرا للوضع المتردي في البلاد وانتشار الموت في كل مكان نتيجة الصراع بين قوات الجيش والدعم، لذا لا بد من الهدنة لعدة أيام، حتى تتمكن الفرق الإغاثية المحلية من إنقاذ المرضى والجرحى ودفن الجثث التي وصلت لمراحل التعفن، علاوة على محاولة توفير المواد الإغاثية للمحاصرين والعالقين في البيوت ومن لا يملكون قوت يومهم.

ظروف قاسية

ويرى في حديثه لـ”سبوتنيك”، أنه يجب ألا تقل مدة الهدنة عن 10 أيام حتى نستطيع إيصال المساعدات وفتح ممرات آمنه لمن يريدون العودة إلى بلادهم، ففي ظل هدنة ممتدة بعض الوقت يمكننا إسعاف الجرحى والمصابين وترتيب الأوضاع المعيشية، فلم نكن نتوقع مثل هذا الصراع بين قوتين يفترض أنها صمام أمان الوطن، مشيرا إلى أن للموت حق علينا بأن نواري جسد الميت في التراب تقديرا له وللإنسانية.
وقال محمد: “من واجبنا كمنظمات مجتمع مدني، أن نطالب وبشدة بعدم التصعيد ووقف إطلاق نار كامل واللجوء إلى الحوار للوصول إلى الأمن والسلام والاستقرار، لذا قمنا بإطلاق مبادرة (لا للحرب ونعم للسلام) وقد وجدت صدى كبيرا جدا في منصات التواصل الاجتماعي، يجب على الجميع التكاتف لأجل دعم ومساندة المتضررين من تلك الحرب وتوفير القوت والعلاج لهم”.

كارثة قادمة

ويقول مصطفى، أحد العاملين في المجال الإنساني في السودان، البلاد تسير نحو كارثة إنسانية وخاصة بالنسبة للأطفال والنساء والمرضى وكبار السن، حيث وصلت السلع إلى أسعار فلكية وأصبح الخبز من النوادر التي يتم الحصول عليها بصعوبة كبيرة بعد اشتعال النيران في المستودعات الكبرى التي كانت تغطي عموم البلاد، واتوقع أن ينعدم وجود الخبز تماما خلال أيام قليلة إذا استمرت الأوضاع على حالها دون وقف لهذا الصراع الدموي الذي يدفع الشعب السوداني ثمنه منفردا.
وأكمل روايته لـ”سبوتنيك”، صفوف الخبز الطويلة جدا في غالبية المناطق تحذر من الوضع القادم، كما أن غالبية المتاجر والمخابز مغلقة وهجرها أصحابها بعد اندلاع القتال، بل حتى الصيدليات والمستشفيات أسعار خدماتها باهظة والوصول إليها يكلف على الأقل خمسة آلاف جنية سوداني.
وأضاف مصطفى، هناك صعوبة بالغة في الحصول على النقود حتى بالنسبة لمن يمتلكون المال، نظرا لوجود مشاكل كبيرة في شبكة التحويلات، وإذا تمكن المواطن من الحصول على المال للذهاب إلى المستشفى، قد لا يجد الطبيب وإذا وجد الطبيب لا يجد العلاج، ونتمنى أن يتم توفير المحروقات حتى تساهم في تقليل نفقات نقل المرضى والمصابين من بيوتهم إلى المستشفيات وعودتهم بسلام.

أوضاع خطيرة

بدوره يؤكد د. سماح علي خميس، من اللجنة الطبية في منظمات المجتمع الأهلي السودانية، أن الآلاف من السودانيين يعانون من أوضاع صحية مزرية، لا سيما بعد الأحداث الجارية، الوضع الصحي في السودان متدهور للغاية وغير مطمئن نتيجة للنقص الكبير في الكادر الطبي، وصعوبة الوصول للمستشفيات لأن القتال بالشوارع مع استمرار إطلاق النار وكذلك استخدام الأسلحة الثقيلة بشكل عشوائي ما يعيق حركة تنقل الكوادر الطبية.
وقال في حديثه مع وكالة “سبوتنيك”، هناك نقص في المعينات وأكياس الدم والمحاليل والمسكنات والأدوية المنقذة للحياة. كما توجد صعوبه للوصول إلى القتلى والجرحى ببعض المناطق التي لاتزال تشهد تبادل إطلاق نار، مشيرا إلى أن القطاع الصحي من نقص الإمكانيات الطبية وإغلاق عدد كبير من المستشفيات، وبحسب تقارير رسمية خروج أكثر من 60 مستشفى عن الخدمة وتعرض العديد منها للقصف أو الإخلاء القسري، وأن 26 مستشفى تعمل بشكل كامل أو جزئي بعضها تقدم الإسعافات الأولية فقط، وهي مهددة بالإغلاق نتيجة لنقص الكوادر والإمدادات الطبية والتيار الكهربائي والمائي.

قوات الدعم السريع في السودان - سبوتنيك عربي, 1920, 28.04.2023

قوات الدعم السريع تنفي تورطها في الهجوم على الطائرة التركية
وأضاف خميس، أعلنت نقابة الأطباء أن 72 في المئة من المستشفيات المتاخمة لمنطقة الاشتباكات متوقفه عن العمل، هذا بجانب تعرض عدد كبير من مصانع الأدوية بالعاصمة (الخرطوم بحري الباقير) لعمليات نهب مستمر منذ اندلاع الحرب، كما تعرضت بعض المصانع للقصف، وسيؤدي هذا الوضع الكارثي إلى توقف تام للأدوية المنقذة للحياة.

لا للحرب

وتعليقا على الأوضاع الراهنة وخاصة المتعلقة بالوضع الإنساني، تقول د. إشراقة حمدين، المتحدثة الرسمية باسم منظمات المجتمع المدني في السودان لـ”سبوتنيك”، تقدمت منظمات المجتمع بنداء لا للحرب ونعم للسلام إلى قادة الحرب في البلاد وخرج المئات من المواطنين رغم الاشتباكات في عدة ولايات ومحليات منددين بالحرب مطالبين بوقفها ودعم السلام الاجتماعي والتحول الديمقراطي في السودان.
وأشارت حمدين إلى أن المنظمات المدنية تقوم بجهد استثنائي لوقف سفك دماء أبناء الوطن الواحد، وطالبنا خلال الأيام الماضية بالابتعاد عن المرافق الخدمية وفتح الطرق لتوصيل المساعدات الإنسانية للمدنيين، وإعادة الخدمة في بعض المرافق الصحية والمستشفيات، وتعمل المنظمات مع شركائها ودوائرها الإقليمية والدولية لتوفير المساعدات الإنسانية للمتضررين من النزاعات، وبدورنا ندعوا كافة الدول الشقيقة والصديقة للوقوف مع الشعب السوداني الذي هو في أشد الحاجة للتدخل الإنساني العاجل.

الجريمة المنظمة

أما د.محمد مصطفى، رئيس المركز العربي الأفريقي لثقافة السلام والديمقراطية في السودان، فيقول: “هناك تقارير رسمية من منظمة الصحة العالمية ومنظمة الهلال الأحمر ولجنة أطباء السودان أغلبها تقارير عن عدد القتلى والجرحى ومستوى الطاقة العاملة للمؤسسات الصحية في الخرطوم والتي تتحدث جميعها عن حجم المعاناة”.

الجيش السوداني - سبوتنيك عربي, 1920, 28.04.2023

تغطية مباشرة للأحداث في السودان بين الجيش والدعم السريع… فيديو
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، هناك تقارير أخرى عن حجم الكارثة الإنسانية من تدهور للاقتصاد يصحبه جشع التجار وأصحاب المركبات حيث أن أسعار التذاكر إلى بعض المناطق الحدودية وخلفها تضاعفت عشر مرات، في ظل نزوح ومحاولات لجوء متزايدة، أضف إليها أسعار السلع التموينية والوقود وندرة ملحوظة في مياه الشرب وقطوعات الكهرباء، والأهم من ذلك عمليات النهب والسلب والسرقات، التي طالت المحلات التجارية والمصانع وحتى بيوت الدبلوماسيين والمواطنين.
وأكد مصطفى أن وتيرة الجريمة المنظمة تزايدت، خاصة بعد إخلاء السجون من النزلاء وفيهم عتاة المجرمين، حتى البارحة 26 أبريل/ نيسان 2023، حوالي الثانية عشر منتصف الليل، فقد نهب مسلحون شخصٱ أمام منزلي وشخص آخر على بعد مائتي متر من منزلي وأطلقوا النار في الهواء وذهبوا.

السلام العادل

وأوضح رئيس المركز العربي أن الوضع في الخرطوم كارثي، وعمليات النهب الآن تنتظم في بعض مدن دارفور كالفاشر ونيالا والجنينة، وبالأخص الجنينة الآن تنزف بسبب اشتباكات قبلية دموية حادة راح ضحيتها ما لا يقل عن 96 مواطن ومواطنة.

دخان يتصاعد من حي وسط الخرطوم، السودان 16 أبريل 2023 - سبوتنيك عربي, 1920, 28.04.2023

سماع دوي انفجار واستخدام مضادات الطائرات في الخرطوم في أول يوم لتجديد الهدنة
ولفت إلى أن هذه الحرب اللعينة تؤكد أهمية وجود قوات نظامية موحدة ذات قيادة مركزية، لذلك أتمنى أن تكون عبرة للسودانيين في أهمية تحقيق السلام العادل والشامل وإنهاء وجود مراكز قوى ذات استقلال ذاتي، وذلك عبر عملية الدمج والتسريح وإصلاح القوات النظامية بصورة شاملة.
يأتي ذلك في وقت دخل فيه الصراع الأخطر في السودان يومه الـ 13، دون أي بوادر لحل قريب، ودفعت المعارك المتواصلة بين الجيش وقوات الدعم السريع الكثير من الدول إلى تكثيف جهودها لإجلاء رعاياها أو أفراد بعثات دبلوماسية، برا وبحرا وجوا.
كما تسببت المعارك منذ 15 أبريل/ نيسان الجاري، بين الجيش وقوات الدعم السريع، وفق تقارير لمنظمة الصحة العالمية، عن مقتل المئات وإصابة آلاف آخرين، بينهم عمال إغاثة، ودفعت عشرات الآلاف إلى النزوح من مناطق الاشتباكات نحو ولايات أخرى، أو في اتجاه تشاد ومصر.
سبوتينك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب