صحيفة عبرية: إسرائيل وتركيا على مسافة مليميتر واحد من الصدام

صحيفة عبرية: إسرائيل وتركيا على مسافة مليميتر واحد من الصدام
في 28 شباط وقعت لحظة دراماتيكية وإن كادت تخفى عن العين: بلال أردوغان، نجل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قطع ساحة مسجد أمية في دمشق ترافقه قافلة شرف سورية. استقبله حاكم دمشق، ومسؤولون كبار آخرون. الأعلام رفعت، وبان من خلف المراسيم أن تركيا ليست ضيفاً في سوريا، بل رب البيت.
ها هو عهد ما بعد الأسد يبدأ في وقت مبكر. انهيار الجيش السوري، وهجر موسكو، والضغط الاقتصادي – الاجتماعي، كلها أدت إلى سقوط النظام. وصعد بدلاً منه، بإسناد تركي كامل، أبو محمد الجولاني، زعيم جبهة النصرة سابقاً.
الحلف موضع الحديث بدا أكثر عمقاً من كونه شراكة استراتيجية: فقد أقامت تركيا قواعد عسكرية في تدمر ومنبج وعين العرب والحسكة، وسيطرت على المجال السوري من الشمال حتى الشرق، في ظل خليط من القوات النظامية والمستشارين الخاصين والجيش المحلي بالوكالة. وإسرائيل ترى في هذا واقعاً استراتيجياً إشكالياً. ثمة لاعب جديد دخل إلى الساحة، مع جيش نظامي مزود جيداً وذي قدرات استخبارية وجوية عالية.
يواصل سلاح الجو مهاجمة أهداف تركيا في سوريا، وعلى رأسها المطار في تدمر، حيث يفترض أن تقوم قاعدة جوية تركية دائمة، وإمكانية التصعيد آخذة في التزايد. يكفي أن يصاب مهندسون أتراك لتسخين الساحة. فضلاً عن الخوف العسكري من التموضع التركي الدائم قرب الحدود الشمالية، تدرك إسرائيل أن مواجهة مباشرة مع تركيا لم تعد سيناريو نظرياً. في هذه الأثناء، تحاول إسرائيل منع انتشار منظومات دفاع جوي تركية، وهي خطوة تستوجب تغييراً عميقاً في تكتيك سلاح الجو.
وثمة سيناريو يقلق جهاز الأمن، وهو طيران تركي دائم في سوريا. خطوة كهذه ربما تؤدي إلى صدام مباشر في الجو، وأساساً إذا ما استخدمت منظومة اعتراف ضد طائرة إسرائيلية، حتى وإن كان بالخطأ. “يكفي ميليمتر أخطاء لإشعال جبهة شمالية جديدة”، قال مصدر أمني كبير. وثمة تخوف إضافي في إسرائيل، وهو أن تنصب تركيا منظومات دفاع جوي في أراضي سوريا. وفي مثل هذه الحالة، كل عمل جوي إسرائيلي في سوريا قد يصطدم برد.
واشنطن صامتة
سوريا جزء من خطوة استراتيجية لتركيا التي تقيم قواعد في ليبيا، وتشغل مستشارين عسكريين في أذربيجان، وتحافظ على وجود عسكري دائم في قطر. في هذه الأيام، يتصدى الرئيس أردوغان لأزمة داخلية، ويعول على مواجهة خارجية لأغراضه السياسية. وهجماته غير المسبوقة على إسرائيل ليست دعاية خارجية فقط، بل محاولة لخلق إجماع قومي. الولايات المتحدة تغيب عن الساحة في هذه الأثناء. إدارة ترامب الثانية تتصدى بالتوازي لعدة ساحات عسكرية واقتصادية، لكن يصعب عليها بلورة خط عمل واضح في سوريا. بين البنتاغون ووزارة الخارجية خلافات رأي، وترامب يمتنع عن التدخل.
الواقع الحالي في الشرق الأوسط واضح: الخطاب يحتدم، والقوات تنتصب، واللاعبون مسلحون بأفضل الأسلحة المتطورة. إسرائيل وتركيا كلتاهما حليفتان عسكريتان حديثتان ولهما مصالح إقليمية واضحة، ولا يمكنهما التراجع عن مواقفهما. في مثل هذا الوضع، ليس غير الولايات المتحدة من ينقذ الأمر. على إسرائيل أن تحث واشنطن على تشمير الأكمام والدخول إلى الحدث. فهل ستستيقظ الإدارة الأمريكية قبل الانفجار؟
عوديد عيلام
إسرائيل اليوم 7/4/2025