الصحافه

صحيفة إسرائيلية: هكذا دخل رئيس “الشاباك” في مواجهة مباشرة مع نتنياهو وسموتريتش و”آلة السم”

صحيفة إسرائيلية: هكذا دخل رئيس “الشاباك” في مواجهة مباشرة مع نتنياهو وسموتريتش و”آلة السم”

 أمر منع النشر بشأن ما سمي بالقضية الأمنية الجديدة، صمد أقل من يوم في هذه المرة، منذ اللحظة التي تسربت فيها التفاصيل الأولى وحتى رفع الحظر الجزئي صباح أمس. التحقيق الدائر حول هذه القضية يتعلق بشبهات بشأن تسريب معلومات لمراسلين ووزير في الحكومة بدون صلاحية. ولكن بدا من خلال الطريقة التي تدحرجت فيها وتصاعدت، أن شيئاً عميقاً يتطور. هذه مواجهة مباشرة بين “الشاباك” والصحافي اليميني البارز (كما يبدو المحبوب) جداً في الدولة، عميت سيغل من “أخبار 12″، حيث في الخلفية جهود متواصلة من نتنياهو للتخلص من رئيس الجهاز رونين بار.

منذ النشر، ظهرت ادعاءات لملاحقة سياسية منهجية لبار ضد رجال من اليمين. يجدر تذكر حقائق مهمة لفهم السياق. أولاً، أن نتنياهو واليمين المتطرف يديرون حملة مخططاً لها وواسعة لتشويه مؤسسات الدولة ومفاقمة الانقسام الداخلي في المجتمع الإسرائيلي. ثانياً، أن لرئيس الحكومة مصلحة شخصية معينة لتسريع إقالة بار (التي تم تجميدها في هذه اللحظة بأمر من المحكمة العليا). ورغم أن القضية الجديدة لا تتعلق الآن بصورة مباشرة برئيس الحكومة، فلا يمكن رؤيتها بصورة منفصلة عن حرب نتنياهو ضد بار والمستشارة القانونية للحكومة وجهاز الأمن وسلطات القانون.

في بيان قسم التحقيقات مع رجال الشرطة، المسؤول عن التحقيق سوية مع “الشاباك”، قيل إن رجلاً من “الشاباك” اعتقل بتهمة ارتكاب مخالفات أمنية في 9 نيسان في هذه القضية. هذا الرجل هو أحد موظفي الجهاز في خدمة الاحتياط، المسمى حالياً أ، متهم باستغلال منصبه وقدرته على الوصول إلى وثائق سرية لإعطاء معلومات لجهات غير مسموح لها الحصول عليها. في الأيام الأولى من التحقيق وحتى أمس، منع عليه مقابلة محامي. قسم التحقيقات في الشرطة قال إنه خلافاً لقضية قطر، فإنه لم تؤخذ شهادات من الصحافيين في الحالة الحالية.

من تفاصيل أخرى، التي تكشفت الآن، يتضح أن موظف الجهاز متهم بنقل معلومات للوزير عميحاي شكلي، من المخلصين الأخيرين ولكن المتحمسين لنتنياهو، وللصحافي عميت سيغل، ومراسلة “إسرائيل اليوم” شيريت افيتان -كوهين. نشر سيغل في 23 آذار بأن “الشاباك” يجري تحقيقاً في اشتباه “سيطرة كهانية” على الشرطة، وحسب المادة 7أ في قانون الجهاز الذي يحدد أغراضه، يذكر مكافحة “تقويض أجهزة الحكم والديمقراطية”. تحقيق “الشاباك” تناول خطوات للشرطة، بالتنسيق مع وزير الأمن الوطني بن غفير، حول اتخاذ القرارات بشأن ترتيبات الصلاة والزيارة في الحرم. حسب الاشتباه، نقلت معلومات مشابهة أيضاً إلى شيكلي.

في حين أن افيتان كوهين نشرت في صحيفتها بعد يومين من ذلك ما وصفته بـ “وثائق استراتيجية بار في السنوات التي سبقت مذبحة 7 أكتوبر”. وهو نشر اتهم “الشاباك” بـ “مؤامرة” مكنت من حدوث المذبحة، مع التوصية بمساعدة لاقتصاد قطاع غزة واحتواء تهديد حماس. رجل الجهاز المعتقل، قال أثناء التحقيق معه بأنه عمل من أجل نشر “معلومات عامة هامة جداً، أخفاها “الشاباك””.

ولمح سيغل أمس في تغريدة بأن “الشاباك” تنصت على محادثات مراسلين في هذه القضية. “الشاباك” ينفي ذلك: هذه الخطوة بحاجة إلى منظومة متشعبة من المصادقات، التي لم تُطلب على الإطلاق. في هذا الصباح، بعد رفع جزئي للأمر، صرح بحدة أكبر. كتب سيغل أن “القصة بسيطة جداً في النهاية: رونين بار روى للمستشارة القانونية قصة تثير القشعريرة عن سيطرة الكهانية على الشرطة كما ظهرت في 9 آب العبري في الحرم. المستشارة القانونية أرادت الفحص، وبعد ذلك تبين، للأسف الشديد، من قبل مرؤوسي بار أنه لم يكن هناك أي شيء كهذا. بار في محاولة لترميم مكانته أمامها وأمام رجاله، فتح تحقيقاً سرياً وغير مسبوق للشرطة… وهذا التحقيق انتهى بلا شيء”.

حسب قوله، أدرجت المستشارة القانونية “معلومات سرية كاذبة”، التي قدمها بار، في مبرراتها أمام المحكمة العليا في جلسة الاستماع للالتماسات التي تناولت إقالته. وأضاف سيغل بأن “القصة يتم نشرها، وهي محرجة له. لديهم الأدوات المطلوبة لملاحقة الشخص الذي كشف عريهم، ولذلك ألقوه في الحجز بدون محام. ألا يعتبر ذلك عرقلة؟ كيف يمكن إعاقة تحقيق انتهى بلا شيء؟ وعندما تنعدم المصادر التي يصعب تحديدها… كان الجهاز الجدي ينشغل بإجراء تحقيق داخلي معمق حول سبب انغماسه في تحقيق مزيف بدلاً من مضاعفة مبلغ الرهان”.

في المقابل، ادعت الجهات المطلعة على القضية بأن المعلومات حول العلاقة بين الشرطة ومصلحة السجون وبين جهات كهانية (المنظمات المتماهية مع “كاخ”، التي يعتبرها القانون منظمات إرهابية منذ العام 1994)، وصلت إلى لواء “يهودا” في الجهاز، بدون توجيهات من الأعلى لبار. لم يكن هذا تحقيقاً كاملاً، بل جمع معلومات مسبقة إزاء الاشتباه الذي ثار، والذي استهدف التحقيق في مستوى اختراق الكهانيين للشرطة ومصلحة السجون. انشغل الجهاز في ذلك بحكم دوره. حدث جمع المعلومات من خلال الحفاظ على مسافة من بن غفير ورجاله. وأضافوا بأن بار أبعد عن التفاصيل إزاء الحساسية، وطلب منه المصادقة على مواصلة الفحص. “يقومون بشيطنة بار”، قالوا. “الواقع مختلف كلياً. بسبب الحساسية، لم يتم فتح تحقيق أمام بدوكاي (بن غفير)، الذي في حالة أخرى ربما كان من الصحيح فتح تحقيق في ذلك”.

النشر واتهامات سيغل أثارت هجوماً صارخاً من قبل الوزراء وأعضاء الكنيست في الائتلاف ضد بار و”الشاباك”. نتنياهو، في بيان لقائمة الليكود، قال إن بار وبهراف ميارا حولا أجزاء من “الشاباك” إلى “مليشيا خاصة”. وزير المالية سموتريتش اتهم بار بـ “التخطيط لانقلاب نظامي عميق”، وهدد بمقاطعة الجلسة التي سيشارك فيها بار في فرقة غزة (ألغيت)، واقترح تعيين أ.، المشتبه فيه، رئيساً جديداً للجهاز. ووصف شيكلي المشتبه فيه بـ “بطل إسرائيل، الذي كشف الفساد، وكان مستعداً للمخاطرة ضد المسؤولين اللذين لعبا دوراً خطراً”. قناة الدعاية المؤيدة لبيبي أعلنت، القناة 14، بأن علماً أسود سيرفرف الآن على شعار بثها إلى حين إقالة بار.

يجدر تذكر موقف نتنياهو وأتباعه من التسريبات. عندما يناسبه الأمر يطالب بالتحقيق مع المصدر، وعندما يكون الأمر أقل ملاءمة كما في حالة تسريب العرض المقدم للحكومة حول عملية “الجرف الصامد” في 2014، يتجاهله. مؤخراً، اعترف بأن مستشاره المشهور يونتان اوريخ، سرب معلومات سرية بتوجيه منه. في وقت سابق، اعتقل متحدث آخر بلسانه هو إيلي فيلدشتاين، وضابط صف في “أمان”، آري روزنفيلد، وتم التحقيق أيضاً مع آخرين في الاستخبارات العسكرية للاشتباه بتسريب وثائق سرية لصحيفة “بيلد”.

التسريبات، لا سيما السرية، هي الأوكسجين الأساسي للصحافة الحرة. وما دامت المعلومات الأمنية تُقدم ويصادق عليها في الرقابة العسكرية، فليس من شأن المراسل الذي نشر أن يعرف كيفية الحصول عليها. مع ذلك، فإن قواعد اللعب معروفة. ففي الوقت الذي يصعب على الجيش -عقب زيادة حجمه وغياب الانضباط- تطبيق الحظر على إجراء اتصالات مع وسائل الإعلام، وتبدو ظروف في “الشاباك” الذي هو أصغر وأكثر سرية، مختلفة، يميل هذا الجهاز أكثر إلى التحقيق في التسريبات من صفوفه.

تسريب وثائق من جهاز تجسس لا يعتبر أمراً بسيطاً. وهذا الأمر لدى “الشاباك” نادر جداً، يشير إلى بداية التفكك الداخلي، حيث تشغل السلطة لأغراضها عملاء في الجهاز.

رئيس “الشاباك” الآن في مواجهة مباشرة، ليس فقط مع نتنياهو وسموتريتش وشيكلي وآلة السم، بل في مواجهة أخرى مع سيغل. من بين كل الأشخاص المتورطين من الصعب معرفة من هو الأكثر تصميماً واستعداداً للقتال. وفي الوقت الذي تسر وسائل الإعلام هذه المواجهات، فقد لحق ضرر كبير بجهاز “الشاباك” نفسه، الذي يصمم اليمين على جره إلى الوحل في إطار الحرب المحمومة من أجل الدفاع عن رئيس الحكومة. القضية الحالية ليست الأولى، وهي جاءت استمراراً للهجوم على رئيس القسم اليهودي في “الشاباك” في بداية الشهر الحالي. واضح أيضاً أن العاصفة الجديدة تخدم نتنياهو؛ لأن الانشغال الكبير بها يحرف النقاش مرة أخرى عن فشل الحرب في غزة وعدم إعادة الـ 59 مخطوفاً.

عاموس هرئيل

هآرتس 16/4/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب