الصحافه

بعد تعليق برلين إعادة توطين اللاجئين: هل تتخلى ألمانيا عن دورها الإنساني؟

بعد تعليق برلين إعادة توطين اللاجئين: هل تتخلى ألمانيا عن دورها الإنساني؟

علاء جمعة

برلين- في خطوة صادمة أثارت الجدل، علقت ألمانيا مؤقتاً برنامج إعادة توطين اللاجئين مع الأمم المتحدة، في وقت تتصاعد فيه الضغوط السياسية داخل البلاد. القرار، الذي أكدته وزارة الداخلية والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، اليوم الثلاثاء، يأتي وسط مفاوضات حامية لتشكيل الائتلاف الحاكم بين التحالف المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي. لكن هل هذا التعليق هو بداية نهاية التزام ألمانيا الإنساني، أم مجرد خطوة تكتيكية لإعادة ضبط سياسة الهجرة؟ وهو السؤال التي طرحته مجلة شبيغل الألمانية.

تراجع حاد في طلبات اللجوء

تتزامن هذه التطورات مع احتفاء وزيرة الداخلية نانسي فايسر بانخفاض مذهل في أعداد طالبي اللجوء. في 2024، تراجعت الطلبات بنسبة 34% إلى 213 ألفاً فقط، وفي أول شهرين من 2025، هبطت بنسبة 43% مقارنة بالعام الماضي. “لقد نجحنا في تقليص الهجرة غير النظامية بشكل كبير”، أعلنت فايسر بفخر، مشيرة إلى تعزيز الشرطة الفيدرالية بآلاف الوظائف وتوسيع الضوابط الحدودية منذ خريف 2023، حيث أعادت قوات الحدود 50 ألف مهاجر. لكن هل يمكن أن تكون هذه الأرقام مجرد واجهة تخفي حقيقة أكثر تعقيداً؟.

السر يكمن خارج الحدود

خبراء الهجرة يشككون في رواية فايسر. فيكتوريا ريتيغ من المجلس الألماني للعلاقات الخارجية تقول: “الانخفاض ليس بسبب الضوابط الداخلية”. بدلاً من ذلك، يبدو أن العوامل الخارجية هي المحرك الحقيقي. ففي البحر الأبيض المتوسط، تقلص عدد الوافدين إلى إيطاليا إلى 67 ألفاً في 2024، نصف ما كان عليه في 2023. وعلى طريق غرب البلقان – أحد أكبر ممرات الهجرة إلى أوروبا – انهار العدد بنسبة 80% إلى 21 ألف محاولة عبور، بفضل “خطة عمل الاتحاد الأوروبي” واتفاق مع صربيا صيف 2024 لتدريب حرس الحدود المحلي.

ضوابط حدود رمزية أم فخ سياسي؟

“تأثير رمزي فقط”، هكذا يصف دانييل ثيم، أستاذ القانون بجامعة كونستانس، الضوابط الحدودية الألمانية. “المهاجرون يتحولون إلى مسارات أخرى، لا يتوقفون”، يحذر ثيم، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات قد تكون مجرد رسالة سياسية لتهدئة الناخبين. في الوقت نفسه، يرى فرانك دوفيل من جامعة أوسنابروك أن الهجرة “دورة طبيعية”. “اللاجئون يهاجرون مرة واحدة فقط، ثم تنتهي الموجة”، يقول، مستشهداً بتراجع أعداد الأوكرانيين بعد ذروة الحرب. بحسب ما نشرت شبيغل.

ورغم تعهدها باستقبال 13,100 لاجئ عبر برنامج الأمم المتحدة لعامي 2024 و2025، لم تستقبل ألمانيا سوى 5,061 حتى الآن. والآن، مع تعليق البرنامج باستثناء الحالات المتقدمة، يتساءل المراقبون: هل تتخلى ألمانيا عن دورها كملاذ آمن؟ القرار، المرتبط بورقة اتفاق مبدئي بين التحالف المسيحي والاشتراكي الديمقراطي لإنهاء برامج الاستقبال الطوعية، يثير مخاوف من تحول جذري في السياسة.

“القدس العربي”:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب