فلسطين

غزة تدخل مرحلة خطيرة من المجاعة بسبب الحصار الإسرائيلي المشدد

غزة تدخل مرحلة خطيرة من المجاعة بسبب الحصار الإسرائيلي المشدد

إسماعيل عبدالهادي

يصعد الاحتلال الإسرائيلي من حصاره الظالم على السكان في قطاع غزة، ويستمر في إغلاق المعابر ومنع دخول البضائع والسلع بكافة أنواعها، وما زاد الوضع صعوبة أكثر توقف عمل المخابز في كافة مناطق القطاع، التي يعتمد عليها غالبية السكان لعدم توفر كهرباء وغاز الطهي.
وما أن أعلنت منظمة الأغذية العالمية الإثنين الماضي، وهي الجهة المسؤولة عن عمل المخابز، والتي تزودها بالطحين والسولار عن نفاد مخازنها من الطحين وإغلاق المخابز، حتى بدأ المواطنون بالبحث عن أكياس الطحين الذي شهدت أسعاره ارتفاعا كبيرا، وذلك تحسبا من تعرضهم للجوع واستمرار أمد المعاناة لفترة أطول.
ومنذ الثاني من آذار/مارس الماضي، بدأ الاحتلال التنصل من اتفاق التهدئة مع حركة حماس وإغلاق المعابر، وحرمان السكان من الحصول على الغذاء والدواء والماء، ولم يكتف بذلك، بل نسف وقف إطلاق النار بشن هجوم مفاجئ منتصف الشهر ذاته، وما زال يواصل عمليات القتل والإبادة والتجويع ضد السكان في غزة، الذين خرجوا ولأول مرة منذ اندلاع الحرب مطلع تشرين الأول/أكتوبر 2023 للمطالبة بوقف الحرب.
مؤسسات حقوقية وإغاثية دولية، حذرت من خطورة تشديد إسرائيل حصارها على قطاع غزة، مع انتشار الجوع والعطش والأمراض بين الغزيين لاسيما سوء التغذية، وزادت حدة الأمور مع إغلاق جميع المخابز وتوقفها عن العمل. وحذرت منظمة الأغذية العالمية من خطورة توقف عملها بعد نفاد مخزونها من الطحين والمساعدات الغذائية نتيجة إغلاق المعابر، كما أدانت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني «حشد» استمرار الاحتلال ارتكاب المجازر بحق المدنيين في غزة، وتعمد تجويع وتعطيش المواطنين، بعد نفاد المخزون من المواد التموينية وقطع خطوط المياه عن القطاع. وقال مدير شبكة المنظمات الأهلية في غزة أمجد الشوا، إن معظم الجمعيات والمنظمات الإغاثية في غزة توقفت عن تقديم الدعم الغذائي لأكثر من مليون ونصف مواطن يعيشون ظروفا قاسية، حيث يرجع هذا إلى تعمد الاحتلال الإسرائيلي تأزيم أوضاع المواطنين بإغلاق المعابر ومنع إدخال المساعدات، وأشار الشوا خلال تصريحات صحافية، إلى أن الأزمة بدأت تظهر مع توقف العشرات من التكايا الخيرية التي تقدم الطعام يوميا للفقراء، ومع إغلاق أبوابها حرم مليون مواطن يعتمدون عليها من الحصول على الغذاء يوميا.
تداعيات نقص الغذاء بدأت تظهر على المواطنين، من خلال التهافت على البحث عن السلع الغذائية من معلبات وطحين وبقوليات لسد جوع أطفالهم، وزاد ذلك مع توقف المخابز التي كانت تقدم الخبز المدعم بأسعار مخفضة، فلم يعد هناك سلع وبضائع كافية في الأسواق، ويوم عن يوم تشح المواد الغذائية ويزداد خوف المواطنين من استمرار المعاناة، وعدم تمكنهم من توفير الطعام.
في سوق الصحابة وسط مدينة غزة، الذي أنشأ حديثا خلال الحرب، لبيع السلع التموينية وغير ذلك من السلع يحرص المواطنون على شراء احتياجاتهم من السوق الشعبي، لكن منذ إغلاق الاحتلال معابر غزة، بدأت تشح السلع وما تبقى منها ارتفعت أسعارها، وبدأ المواطنون يجدون صعوبة في توفير مستلزماتهم.
ويعتمد أكثر من مليون مواطن في غزة على الطعام الذي تقدمة التكايا الخيرية إلى جانب المساعدات الغذائية التي توفرها المنظمات الإغاثية المختلفة، إلى جانب المبادرات الفردية التي يقدمها رجال أعمال من وجبات طعام ومياه شرب وغير ذلك من المساعدات، لكن كل هذه المبادرات والمساعدات توقفت مع إغلاق المعابر وشح المستودعات.
يقول المواطن أيمن مطير وهو نازح من مخيم جباليا، واعتاد منذ بداية الحرب على توفير طعامه من التكايا الخيرية، أنه بدأ يشعر بالجوع والخطر الشديد على حياته وأسرته بعد أن وصل إلى وضع يصعب فيه توفير لقمة عيشه، نتيجة توقف التكايا والمؤسسات الخيرية والإغاثية عن تقديم المساعدات الغذائية للنازحين.
وأشار لـ«القدس العربي» إلى أن الاحتلال يحارب السكان في غزة بلقمة العيش والتجويع كسياسة ضغط بعد فشل الخيار العسكري، و«هذه السياسة الظالمة أثرت علينا كمواطنين نعاني من حصار مشدد وموت بطيء، نتيجة نفاد الغذاء وتوقف المشاريع الخيرية التي كانت تشكل طوق نجاة لمئات الآلاف».
وبين أنه يعاني من هزال دائم وصعوبة أداء مهامه اليومية، نتيجة سوء التغذية، كونه وغالبية المواطنين يعتمدون منذ فترة طويلة على اللحوم والخضراوات المعلبة، نتيجة منع الاحتلال إدخال اللحوم البيضاء والحمراء إلى غزة، وتعرض المساحات الزراعية للتجريف واعتماد السكان على المعلبات.
أما أبو إسلام فهو يقطع مسافة طويلة يوميا من أجل الوصول إلى إحدى التكايا التي تواصل عملها بتقديم طعام من البقوليات، حيث لا تزال هذه التكية تعمل بما هو متوفر من مخزون لديها، لكن تعاني من ازدحام شديد بعد أن لجأ المئات من المواطنين إليها، نتيجة توقف عشرات التكايا بين الأحياء عن العمل.
يوضح لـ«القدس العربي» أن رحلة البحث عن الطعام باتت محفوفة بالمخاطر، «فكل يوم أقطع مسافة طويلة من أجل الوصول إلى تكية خيرية، وعندما أخرج أودع أولادي تحسبا من عدم عودتي حيا إلى الخيمة نتيجة القصف الإسرائيلي المتواصل للمركبات وتجمع المواطنين والمنازل».
ويصف الوضع الذي يعيشه والسكان في غزة بالموت البطيء، نتيجة صعوبة الحصول على الغذاء الصحي والمفيد، «فكل ما يحصل عليه السكان في غزة هو مساعدات غذائية عبارة عن معلبات سواء من السردين أو الدجاج ولحم البقر المفروم، وجميعها غير صحية، واعتمادنا عليها يعرض أجسادنا لخطر الموت مع مرور الوقت».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب