فلسطين

غزة.. أساتذة وتلاميذ يتحدون الدمار والمجاعة

غزة.. أساتذة وتلاميذ يتحدون الدمار والمجاعة

“الأناضول”

قصفت إسرائيل من بداية الإبادة 1166 منشأة تعليمية، منها 927 مدرسة وجامعة وروضة أطفال ومركز تعليمي دُمرت بالكامل.

وسط ركام الحرب، وفي ظل غياب المقاعد، يجلس مجموعة من الطلاب بمدرسة “الرازي” التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، على قطع بالية من القماش، محاولين انتزاع حقهم في التعليم من قلب الدمار.

دفاترهم على الأرجل، وجدران الصفوف متهالكة بفعل القصف، لكنهم يصرّون على الحضور والتعلم، في مشهد يلخص معاناة آلاف الأطفال في قطاع غزة، الذين يواصلون الدراسة رغم المجاعة، والدمار، والخطر المحدق.

هذه المشاهد تكررت في مراكز تعليمية عدة تديرها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” في مناطق غرب خانيونس والمنطقة الوسطى، بعد أن توقفت معظم أنشطة التعليم بسبب حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة منذ 19 شهرًا وأوامر الإخلاء.

 

في 15 آذار/ مارس 2025، أفادت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، بأنها افتتحت 130 مقرًا تعليميًا مؤقتًا في غزة، ما أتاح التعلم المباشر لنحو 47 ألف طفل بأنحاء القطاع.

في أحد الصفوف شبه المدمّرة، يجلس الطفل يزن الغصين، طالب بالصف التاسع واضعًا دفتره على ركبتيه، يقول في تقرير نشرته وكالة “الأناضول” إنه “سنتعلم رغم ظروف الحرب والقصف وقلة الأدوات.. ونوجّه رسالة للعالم: أوقفوا الحرب وأدخلوا المساعدات والمستلزمات التعليمية”.

ومدرسة الرازي إحدى المدارس التابعة للأونروا والتي تعرضت لاستهداف إسرائيلي مباشر في 16 تموز/ يوليو 2024، واستشهد فيها نحو 23 فلسطينيًا وأصيب 73 آخرين جلّهم من النازحين إليها بحثًا عن حماية من القصف.

الحق بالتعليم

رغم الابتسامة الخجولة على وجه يزن، إلا أن نظراته تحمل قلقًا يتجاوز عمره، يقول تقرير “الأناضول”، ويضيف أنه يسأل متى ستنتهي الحرب، ومتى يعود إلى مقعده الخشبي الذي حُطم في الحرب.

ليس وحده من يتحدى الظروف، فإلى جانبه أدهم الخطيب يؤكد أنهم “يصرّون على ممارسة حقهم في التعليم”، ويضيف: “نواصل حقنا في التعليم جلوسًا على الأرض رغم الحرب والحصار، ونتمنى انتهاء الحرب لنعود إلى منازلنا ومدارسنا ونتعلم مثل أطفال العالم”.

مع انطلاق العام الدراسي الجديد في قطاع غزة، خلت العديد من الغرف الصفية من المقاعد والطاولات، ما اضطر الطواقم التعليمية لتوجيه الطلبة للجلوس على الأرض، بعد فرش سجاجيد صلاة مهترئة أو قطع من النايلون.

هذا الوضع تسبب، وفق شكاوى أولياء الأمور، في تشتيت انتباه الطلاب وإصابتهم بآلام في الظهر، نتيجة غياب الحد الأدنى من مقومات الراحة داخل الصفوف.

ويأتي ذلك بالتزامن مع أزمة حادة في توفر القرطاسية، وعلى رأسها الكتب المدرسية، التي كانت توزع مجانًا على الطلبة في بداية كل عام دراسي قبل اندلاع حرب الإبادة المستمرة.

تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل استهدفت بصورة مباشرة أكثر من 400 مدرسة في قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر 2023، وفق تقرير لوكالة “أونروا” نُشر في 14 نيسان/ أبريل.

كما أشارت التقرير إلى أن 88 بالمئة من مدارس القطاع تحتاج إلى ترميم أو إعادة تأهيل كاملة، وأن أكثر من 70 بالمئة من المدارس، معظمها مدارس لجأ إليها النازحون، تعرضت لاستهداف مباشر من جيش الاحتلال الإسرائيلي.

الطالب أسامة الهباش يشارك زملاءه الرأي، قائلاً: “نأتي إلى المدرسة رغم الدمار والخطر.. مدارسنا مستهدفة، لكننا نتمسك بحقنا في التعلم”.

ويضيف: “نتعلم رغم الاستهدافات.. ونتمنى أن تنتهي الحرب ونعود إلى الطاولات والكراسي كباقي أطفال العالم”.

نحو 13 ألف تلميذ وتلميذة شهداء

ووفق إحصائية صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، فإن الجيش الإسرائيلي قصف على مدار أكثر من 15 شهرًا من بداية الإبادة ألف و166 منشأة تعليمية، منها 927 مدرسة وجامعة وروضة أطفال ومركز تعليمي دُمرت بالكامل، إضافة إلى استشهاد 12 ألفا و800 طالب و800 معلم وإداري.

وقدر المكتب الاعلامي الحكومي بغزة، قيمة الأضرار والخسائر في قطاع التعليم بفعل الحرب الإسرائيلية، بأكثر من 2 مليار دولار.

وفي 22 كانون الثاني/ يناير الماضي، أعلنت وزارة التعليم في غزة، أن 95 بالمئة من المباني المدرسية والتعليمية تعرضت لأضرار مختلفة فيما خرجت 85 بالمئة منها عن الخدمة نتيجة تدميرها بشكل كلي أو جزئي خلال أشهر الإبادة.

يواجه أطفال القطاع منذ بدء إسرائيل حرب الإبادة على غزة أوضاعًا كارثية، وبحس تقارير حكومية فلسطينية يشكل الأطفال والنساء ما يزيد على 60 بالمئة من إجمالي ضحايا الإبادة الجماعية المتواصلة.

ويشكل الأطفال دون سن 18 عامًا 43 بالمئة من إجمالي عدد سكان “دولة فلسطين” الذي بلغ نحو 5.5 ملايين نسمة مع نهاية عام 2024، توزعوا بواقع 3.4 ملايين في الضفة الغربية و2.1 مليون بقطاع غزة، وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب