250 من قادة الموساد السابقين: قدسية الحياة أهم من الانتقام.. ولن نقف مكتوفي الأيدي بعد الآن
250 من قادة الموساد السابقين: قدسية الحياة أهم من الانتقام.. ولن نقف مكتوفي الأيدي بعد الآن
الناصرة- بعد مذكرات الطيارين وخريجي وحدات استخباراتية وبحرية وبرية والمظليين والأطباء والأكاديميين، يُعرب 250 من خريجي الموساد، من بينهم ثلاثة من رؤسائه، في عريضة مفتوحة تتزايد، عن تأييدهم لمذكرة الطيّارين وضباط سلاح الجو في الاحتياط، ويدعون لوقف الحرب وإتمام صفقة تبادل مع حركة “حماس”.
وجاء في مذكرة موظفي الموساد وقادته: “نحن خريجات وخريجي الموساد ممن كرّسوا سنوات كثيرة لحماية أمن الدولة، لن نقف مكتوفي اليدين بعد الآن. نعرب عن دعمنا لمذكرة الطيارين التي تعكس قلقنا العميق حيال مستقبل الدولة، وننضم إلى الدعوة من أجل تحرك فوري للتوصل إلى اتفاق وقف للنار، واستعادة 59 مخطوفًا إلى بيوتهم دون تأجيل، حتى بثمن وقف القتال”.
واختتم الموقّعون عريضتهم بالإشارة إلى أحد الأهداف غير المعلنة لمواصلة الحرب على غزة، بل تصعيدها، بالقول: “قدسية الحياة، سيدي رئيس الحكومة، تسبق الانتقام”.
نتنياهو: ثلة من المتقاعدين، عدد قليل من النباتات الضارة ممن تحركهم وتمولهم جمعيات أجنبية، قلة قليلة فوضوية تتقن الصراخ، معظمهم لا يؤدّون الخدمة العسكرية منذ سنوات
وقالت المبادِرة للمذكرة، المحامية غيل شورش، قائدة سابقة في الموساد: “إنني كمن خدمت الدولة سنوات طويلة، من المهم إسماع صوتنا والوقوف إلى جانب الطيارين، ومثلنا مثل مجموعات إسرائيلية كبيرة إضافية، نعلن دعوتنا هذه”.
وفي التزامن، قدّم نحو 200 من الأطباء العسكريين في الاحتياط مذكرة مماثلة للحكومة، نُشرت في صحف عبرية اليوم الإثنين، يطالبون هم أيضًا باستعادة المخطوفين دون تأجيل، ووقف الحرب في غزة.
وجاء في مذكرة الأطباء في الاحتياط: “نعود ونمتثل لدعوات التجنّد في كل مرة يُطلب منا، ولجانب ذلك نحن نشعر بألم أن مواصلة الحرب في غزة تهدف بالأساس إلى خدمة مصالح سياسية فئوية وشخصية، دون جدوى أمنية. إن الاستمرار في القتال لا يخدم أهداف الحرب المعلنة منذ بدايتها، وهو يهدد جنود الجيش وحياة المخطوفين. نحن ضباط سلاح الخدمات الطبية نخدم في الاحتياط من منطلق التزام بقدسية الحرب، وبروح الجيش، وبقسم الطبيب، وموقفنا هذا هو تعبير عن تكافل متبادل في المجتمع الإسرائيلي”.
ويُحذّر هؤلاء الأطباء من أن استمرار القتال وإهمال المخطوفين يتناقض مع القيم المذكورة، ومع التزام سلاح الخدمات الطبية بعدم إبقاء أي جندي في الميدان.
حرب من طرف واحد
الأطباء المحتجون الذين يتحدثون عن قتال، رغم أن ما يجري هو حرب من طرف واحد، الاحتلال، كما يوضح المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” عاموس هارئيل، في مقال اليوم، يتابعون في مذكرتهم: “إن مواصلة القتال، وترك الرهائن لمصائرهم، جرحى تُركوا في ساحة القتال، يتسبّب بتآكل قيمة قدسية الحياة، ويدمّر الالتزام بأمن الدولة وسكانها”.
هؤلاء الأطباء، الذين يشددون على أن تحرير الأسرى عبر صفقة ليس مسألة إنسانية بل قضية أمن قومي، ويتجاهلون مذبحة المسعفين ومذبحة المستشفيات الفلسطينية، يتابعون في مذكرتهم: “نحن ندعو القيادة الإسرائيلية أن تنهض وتتحرّك وتعمل وفقًا لقيم دولة إسرائيل وروح جيشها”.
ويقول أحد الموقعين على هذه المذكرة، الطبيب والضابط في الاحتياط الدكتور عوفر كوبو، إن عريضة الأطباء تأتي لدعم الطيارين في الاحتياط، ومن منطلق الفهم أيضًا بضرورة أن نفعل كل ما في وسعنا من أجل تغيير مسار السفينة والعودة للأهداف الأصلية للحرب، وعلى رأسها استعادة المخطوفين.
وأوضح كوبو، في حديث لموقع “واينت” الإخباري، أن مذكرة الأطباء وُجهت للحكومة ولرئيسها ووزير الأمن فيها، وليس لقيادة الجيش. وعن سؤال رفض الخدمة تابع: “لا توجد في المذكرة كلمة واحدة عن رفض الخدمة العسكرية، ونحن نواصل أداء الخدمة ضمن جيش الاحتياط. موقفنا هذا يؤيده 80% من الإسرائيليين ممن يريدون المخطوفين في بيوتهم. مذكرتنا ليست سياسية، بل هي تعبير عن أخلاق اليهودية. محاولة البعض طردنا من الجيش هي إقحام للسياسة في الجيش، وليست مذكرتنا”.
يُشار إلى أن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، كان قد عقّب برد انفعالي هجومي على موقّعي المذكرات الاحتجاجية التي تحرجه وتفضح مآربه أمام الإسرائيليين والإدارة الأمريكية والوسطاء والعالم، بالقول إن هؤلاء “ثلة من المتقاعدين، عدد قليل من النباتات الضارة ممن تحركهم وتمولهم جمعيات أجنبية، وهدفهم واحد: إسقاط حكومة اليمين. هؤلاء قلة قليلة فوضوية تتقن الصراخ، معظمهم لا يؤدّون الخدمة العسكرية منذ سنوات”.
وضمن المعركة المفتوحة على وعي الإسرائيليين وغيرهم، تابع نتنياهو مهددًا: “المواطنون في إسرائيل تعلّموا الدرس؛ رفض الخدمة هو رفض للخدمة، حتى لو تم تبييض المصطلحات. كل من يؤيد رفض الخدمة سيُطرد فورًا من الجيش”.
موقف الدول العربية
في المقابل، هاجم إفرايم هليفي، رئيسُ سابق للموساد، نتنياهو، واتهمه بتعطيل المفاوضات لدواعٍ غريبة، فقال لإذاعة جيش الاحتلال، صباح اليوم، إن نتنياهو قام بتعيين وزير الشؤون الإستراتيجية، رون درمر، رئيسًا لطاقم المفاوضات كي يُعطّلها.
وبذلك يتقاطع هليفي مع مذكرة رئيس الشاباك، رونين بار، للرأي العام في إسرائيل، قبل أسبوعين ونيف، والتي اتهم فيها، هو الآخر، نتنياهو بإفشال الصفقة، بقوله إنه كان يطلب منه إدارة مفاوضات من أجل المفاوضات فقط.
ويقول القائد السابق لغرفة العمليات في الجيش، الجنرال في الاحتياط يسرائيل زيف، ضمن حديث لإذاعة الجيش، إن نتنياهو يواصل ترجيح كفة مصالحه الفئوية على حساب كل شيء آخر.
ويضيف: “واضح أن وقف الحرب هو السؤال المركزي، وإسرائيل تحاول من جديد استعادة المخطوفين دون وقف الحرب، وهذا لن ينطلي على “حماس” مجددًا. إذا كانت إسرائيل معنية بوقف الحرب، فلماذا استعادة المخطوفين على دفعات؟ وإذا كانت غير معنية، فلماذا تفرّط “حماس” بأوراق القوة والضغط المتوفرة بيدها؟”.
وهذا ما أكده القائد الأسبق للجيش، دان حالوتس، الذي رد على نتنياهو بالقول للقناة العبرية الثانية: “نحن أشجار الزيتون، ونتنياهو وأمثاله هم أعشاب ضارة. بوقاحته يتجرأ على الحديث عن تمويل أجنبي، وكبار مساعديه قد تمّ اختراقهم بمال قطري؟”.
دان حالوتس: نحن أشجار الزيتون، ونتنياهو وأمثاله هم أعشاب ضارة
مثل هذه المواقف والمذكرات لم تعد تؤثّر على نتنياهو، الذي يصارع من أجل البقاء، ومستعد للتضحية بكل شيء للبقاء في الحكم، وفي ذاكرة ووعي الإسرائيليين، وفي التاريخ، بعدما فشل مرتين: في السابع من أكتوبر، وفي تحقيق أهداف الحرب منذ ذاك الحدث الجلل المنطوي على خسارة ووجع وإهانة بالنسبة للإسرائيليين، الذين لن يفرطوا بلجنة تحقيق رسمية من شأنها أن تنتهي بما يشبه لائحة اتهام ضد نتنياهو وحكومته.
يبدي نتنياهو، في الأيام الأخيرة، إشارات هستيرية وانفعالية، ويرى احتمالات تغير موقف الإدارة الأمريكية في ظل الفشل في إحداث اختراق أو إخضاع “حماس”، رغم مذابح تُرتكب ضمن توحّش غير مسبوق عرضًا وطولًا منذ تجدد الحرب، في ليلة 18 مارس/آذار الماضي.
ولذا، فإن هذه العرائض، وإن كانت لا تكفي لوقف الحرب، لكنها قد تؤثر على قناعات الإدارة الأمريكية، وهي تسمع هذه التهم الخطيرة الموجهة لحكومة الاحتلال من قبل الطبقة الأمنية الإسرائيلية بحدة ووضوح، وهذا ما يخشاه نتنياهو.
غير أن تحفيز واشنطن لاتخاذ موقف فعلي لوقف الحرب والمذبحة، بدلًا من الاكتفاء بالحديث عن قرب تحرير مخطوفين، يحتاج إلى دفعة تشجيع إضافية، يمكن أن تؤديها الدول العربية، خاصة الكبرى منها، والتي ترتبط بعلاقات سلام مع إسرائيل وعلاقات تعاون وثيق مع الولايات المتحدة، كـمصر والأردن والسعودية وقطر وغيرها.
فهي تقف اليوم بالذات أمام فرصة حقيقية لدفع ترامب إلى وقف الحرب الآن. الدول العربية ليست عاجزة، بل قادرة على ذلك، وتدخلها الفاعل لوقف الحرب هو حماية للمدنيين الفلسطينيين ولمصالحها هي، ولأمنها وصورتها.
فاستمرار هذا التردد سيفتح شهية نتنياهو على المزيد من الاستخفاف بها في قضايا أخرى أيضًا، وهو صاحب مقولة “الأمن مقابل السلام”، بدلًا من “الأرض مقابل السلام”.
“القدس العربي”:




