بريطانيا تتجه لتأميم «بريتيش ستيل» المهددة بالإفلاس وتشديد معايير السماح للشركات الصينية بالاستثمار فيها

بريطانيا تتجه لتأميم «بريتيش ستيل» المهددة بالإفلاس وتشديد معايير السماح للشركات الصينية بالاستثمار فيها
لندن – وكالات: قال وزير الأعمال البريطاني أمس الأحد إن الشركات الصينية ستضطر إلى اجتياز «حاجز ثقة مرتفع» عند الاستثمار في قطاعات رئيسية في المملكة المتحدة، وذلك بعد يوم من توليه السيطرة الفعلية على آخر مصنع بريطاني متبقي لإنتاج الصُلب (الفولاذ) من شركة «بريتيش ستيل» الصينية التي تملكه منذ عام 2020، والتي قال أنها «لم تكن تتفاوض بحسن نية مع الحكومة البريطانية في الأشهر الأخيرة بشأن مستقبل المصنع» الذي يعاني من خسائر كبيرة.
وكان البرلمان البريطاني قد تبنى في جلسة طارئة يوم السبت تشريعاً يحول دون إغلاق آخر مصنع في البلاد ينتج الصُلب من المواد الخام، ويُمكِّن الحكومة من وضع اليد على «بريتيش ستيل» المملوكة لشركة صينية.
وقال الوزير رينولدز إنه قد أصبح من الواضح منذ يوم الخميس الماضي أن شركة «جينغي غروب» لن تقبل أي عرض مالي من الحكومة البريطانية، وأن نية الشركة كانت إغلاق أفران الصهر «بغض النظر عن أي شيء»، مع الاحتفاظ بعمليات مصانع الصُلب الأكثر ربحية وتزويدها بالإمدادات من الصين.
ولكنه امتنع في مقابلة مع قناة «سكاي نيوز» عن اتهام الشركة بتخريب الأعمال عمداً بناءاً على توجيهات من الحزب الشيوعي الصيني، لكنه أقر في الوقت نفسه بضرورة توفر «مستوىً عالٍ من الثقة» حالياً للسماح بالاستثمارات الصينية في المملكة المتحدة.
وأوضح قائلاً «إنني شخصياً لن اسمح بدخول شركة صينية إلى قطاع الصُلب لدينا، لاعتقادي بأن الصُلب مجال حساس للغاية.»
وقال رئيس الوزراء كير ستارمر إن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للحؤول دون زوال أفران الصهر وإنقاذ ما تبقى من صناعة الصُلب في المملكة المتحدة.
وتوظف «بريتيش ستيل» 3500 شخص في مصنعها في بلدة سكونثورب، الذي صار مستقبله غامضاً بعد فشل الحكومة والشركة في الاتفاق على صفقة تمويل لتحويله إلى عمليات إنتاج الصُلب الأكثر مراعاة للبيئة. وتسجل الشركة خسارة 700 ألف جنيه إسترليني (915600 دولار) يومياً.
وفي جلسة طارئة عقدت في عطلة نهاية الأسبوع، وافق البرلمان دون معارضة على التشريع التي يتيح إدارة منشأة سكانثورب والتي توظّف آلاف الأشخاص وتنتج الصُلب الحيوي للصناعات البريطانية بما في ذلك قطاعي البناء وسكك الحديد.
ويمنح التشريع رينولدز صلاحية إعطاء توجيهات لمجلس إدارة شركة «بريتيش ستيل» وموظفيها، وضمان دفع رواتب موظفيها البالغ عددهم 3500 موظف، إضافة إلى إصدار الأوامر لشراء المواد الخام اللازمة لاستمرار تشغيل فرني الصهر.
واعتبرت الحكومة أن أي إغلاق للمصنع يشكل خطراً على الأمن الاقتصادي لبريطانيا على المدى الطويل، نظرا لتراجع صناعة الصُلب في المملكة المتحدة حيث كانت مزدهرة في السابق.
وخلال مناقشة النواب التشريع في البرلمان، توجّه رئيس الوزراء كير ستارمر إلى منطقة سكونثورب لإخبار عمال الصُلب الذين تجمعوا في قاعة في قرية قريبة بأن الإجراء «يصب في المصلحة الوطنية».
وقال إن هذه الخطوة «غير المسبوقة» تعني أن الحكومة يمكن أن تضمن «مستقبلاً للصُلب» في بريطانيا.
وشدّد على أن «الأهم» هو أن المصنع بات تحت سيطرة الحكومة و»بات بإمكاننا أن نقرر ما سيحدث، وهذا يعني أن أفران الصَّهر هذه ستبقى قيد التشغيل».
ومصنع سكانثورب في شمال إنكلترا هو الأخير الذي ينتج الصُلب «البِكر» من المواد الخام وليس من المواد المعاد تدويرها، بعدما أغلق مصنع بورت تالبوت التابع لشركة «تاتا» الهندية فرن الصَّهر التابع له العام الماضي.
وحمّلت شركة «بريتيش ستيل» الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على القطاع جزءاً من المسؤولية عن الصعوبات التي يواجهها مصنع سكونثورب.
يشار إلى أنه إذا تم اغلاق الشركة ستصبح بريطانيا الدولة الوحيدة في مجموعة السبع التي لا يمكنها إنتاج ما يسمى بـ»الصُلب البكر» من خام الحديد وفحم الكوك والمُدخلات الأخرى.
وكانت الشركة تعاني بالفعل منذ فترة في سوق عالمية تشهد فائضاً في المعروض قبل ارتفاع تكاليف الطاقة في السنوات الأخيرة.
وجاءت الرسوم الجمركية الأمريكية بنسبة 25 في المئة على جميع واردات الصُلب، والتي دخلت حيز التنفيذ في مارس آذار، ضربة أخرى للشركة العريقة التي تأسست في أواسط القرن التاسع عشر ثم أصبحت شركة عامة مملوكة للدولة لغاية عام 1988 عنما تمت خصخصتها وبيعت للقطاع الخاص.
ووفقاً لهيئة الصُلب البريطانية فإن الولايات المتحدة تستقبل حوالي خمسة في المئة من صادرات الصُلب البريطانية، بقيمة 400 مليون جنيه إسترليني سنوياً.
(الدولار يساوي 0.76 جنيه إسترليني).