اقتصاد

جنون الرسوم الجمركية… ترامب «يهدّد» القطاع الرياضي

جنون الرسوم الجمركية… ترامب «يهدّد» القطاع الرياضي

حسين فحص

بعد محاولاتٍ حثيثة ومستمرة للنهوض والتعافي من تداعيات كورونا، يجد القطاع الرياضي «العالمي» نفسه مُرغماً على الدخول في نفقٍ أشد ظلمة، من شأن الرسوم الجمركية «الجنونية» التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن تؤثّر في مجموعة واسعة من الصناعات المرتبطة بالرياضة، رافعةً بذلك التحديات أمام قطاعٍ يعاني الأمرّين

منذ دخوله البيت الأبيض في ولايته الثانية، سارعَ ترامب إلى فرض رسومٍ جمركية على الدول المجاورة و«العدوّة». في الأسابيع الأولى من رئاسته، فرض الرئيس الجمهوري عقوبات تجارية على كندا والمكسيك والصين، كما ركّزَ أنظاره على الاتحاد الأوروبي وأسواقٍ أخرى. وبينما يسعى ترامب إلى بناء اقتصادٍ أميركي «سليم»، بافتراضه أن الرسوم الجمركية ستساعد على إعادة الصناعات الأميركية إلى الوطن وجعل واشنطن قبلة لأبرز الشركات العالمية، ستكون هناك آثار لاحقة لممارسة «العدوان» التجاري بهذه الطريقة «الجنونية» على مختلف القطاعات، منها القطاع الرياضي.

على سبيل المثال، من شأن الحرب التجارية الحاصلة أن تؤثّر في رعاية الفعاليات الرياضية بشكلٍ مباشر. مع استعداد الولايات المتحدة لاستضافة بعض من أكبر الأحداث الرياضية العالمية في السنوات القليلة المقبلة، بما في ذلك كأس العالم 2026 ودورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية في لوس أنجليس 2028، ستكون استثمارات الشركات الأجنبية لتعزيز مكانتها وزيادة مبيعاتها في الولايات المتحدة موضع شك. ونظراً إلى الحواجز التجارية المفروضة أخيراً، سيعيد بعض الرعاة تقييم الصفقات في الولايات المتحدة تحديداً، وهو ما أكّده جون زرافا، الخبير الإستراتيجي في عروض استضافة الأحداث الرياضية.

وفي سياقٍ متصل، سوف تطال التأثيرات السلبية أيضاً الصناعات المرتبطة بالرياضة. ونظراً إلى اعتماد معظم شركات الألبسة والمعدات الرياضية على المواد والتصنيع في آسيا، حيث فرض ترامب بعضاً من أعلى الرسوم الجمركية، من المتوقّع أن تنخفض أسهم شركات رياضية عالمية.

ويتوقّع اقتصاديون من هونغ كونغ تضرر المستهلكين الأميركيين على وجه التحديد بعد أن استهدفت الولايات المتحدة برسومها الباهظة الصين وعدداً من دول جنوب شرق آسيا المساهِمة في تصنيع أكبر العلامات التجارية الرياضية في العالم، منها شركات نايكي وأديداس وأندر آرمر، وهوكا، ولولوليمون… يدعم ذلك التقرير السنوي لعام 2024 الصادر عن شركة نايكي الأميركية، والذي أفاد بأن فيتنام وإندونيسيا والصين صنعت 50% و27% و18% على التوالي من أحذيتها في العام السابق، كما أنتجت فيتنام 28% من ملابس الشركة الأميركية، بينما أنتجت الصين وكمبوديا 16% و15% على التوالي، وذلك قبل الرسوم الجمركية الكبيرة التي طالت الدول الأربع وغيرها، وما تبعها من رسوم «انتقامية».

من المرتقب أيضاً تأثّر الدول المستضيفة لأحداث رياضية عالمية بالجنون الجمركي، أو حتى أي دولة تسعى إلى بناء أو تشييد منشآت رياضية. المثال الأبرز ستعكسه ربما استضافة أميركا وكندا والمكسيك للحدث الأكبر كروياً في العالم، المتمثل بمونديال 2026، إذ من المتوقع أن تشهد كأس العالم مصاريف مضاعفة عند تطوير البنية التحتية للبطولة، وخاصةً المشاريع المتعلقة بالملاعب الرياضية التي أُعلن عنها ولكنها لا تزال في مرحلة ما قبل الإنشاء، نظراً إلى ارتفاع تكلفة المواد المستوردة مثل الفولاذ (يُعد الجزء الأكثر تكلفة في مشاريع الملاعب) والألمينيوم، والمكوّنات الكهربائية… ولن يكون مستبعداً أن يتم إيقاف بعض مشاريع الملاعب الرياضية مؤقتاً أو إلغاؤها بالكامل.

سوف تتضرر أيضاً الأندية التي تندرج أسهمها في البورصات العالمية، كما ستتأثر رواتب اللاعبين المحصّلة بالدولار الأميركي بتغيّر قيمة العملات المحلية، وخاصةً في أبرز الدوريات العالمية، مثل «الهوكي» في كندا. وفقاً لمفوّض دوري الهوكي الوطني (NHL)، غاري بيتمان، يتقاضى جميع لاعبي دوري الهوكي الوطني رواتبهم بالدولار الأميركي، لذا إذا أثّرت الرسوم الجمركية سلباً في الدولار الكندي مقارنةً بالـ«$»، فقد يكون لذلك تأثير سلبي في أجور اللاعبين. ومن شأن تصعيد حدة الحرب التجارية بين مختلف الدول، أن تخلّف عواقب على السفر والخدمات اللوجستية للفرق المتنافسة أيضاً.

في المحصّلة، لن يكون المشهد الرياضي العالمي خلال ولاية ترامب الرئاسية الثانية وما بعدها، كما قبلها. ورغم إعطاء الرئيس الجمهوري المنتخب ضمانات في أكثر من مناسبة بأن ما يحدث من حروبٍ تجارية وتوترات جيوسياسية مع الدول الحدودية وغيرها، لن يضر باستضافة بلاد «العم سام» لكأس العالم 2026 وأولمبياد لوس أنجليس 2028، إلا أن تراجع أسواق الأسهم العالمية وزيادة التظاهرات الحاشدة في أميركا المستضيفة تحديداً، يُنذران بعاصفة هائلة سوف تطال القطاع الرياضي العالمي كسائر القطاعات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب