الصحافه

باستنفادها “بنك الأهداف”… إسرائيل: بقي إرهاب الأطفال والنساء وكبار السن.. وأطباء “المعمداني”

باستنفادها “بنك الأهداف”… إسرائيل: بقي إرهاب الأطفال والنساء وكبار السن.. وأطباء “المعمداني”

استخدام كلمة “حرب” لتحديد الوضع الذي يحدث في غزة الآن، أمر مضلل ومشوه. لا حرب في غزة، بل هجوم إسرائيلي منفلت العقال ضد مدنيين لا يشاركون في أي نشاطات ضدها. لقد انتهت إسرائيل من “بنك الأهداف”، ولم تبق أي مبان حكومية لحماس أو “بنية تحتية إرهابية”، ولا نعرف إذا تم تدمير جميع أنفاق حماس.
أهداف الإرهاب الحالي هم المسلحون الذين نشاهدهم في أفلام تحرير المخطوفين، لكن لا يمكن معرفة إذا كانوا بالفعل من نشطاء حماس أم ممثلين كومبارس. مهما كان الوضع، فإن متابعة كل منهم قد تستمر أشهراً أو سنوات. إذا كان هذا معيار “النصر المطلق”، الذي يتطلع إليه نتنياهو، فالطريق ما زالت طويلة.
إسرائيل تقصف من الجو والبر والبحر بؤراً في القطاع فيها كثير من المدنيين: خيام النازحين والمهجرين، مبان آيلة للسقوط وما زالت تستخدم كمأوى (مثلاً مستشفيات ومدارس الأونروا). المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي ربما يتحدث عن “مناطق آمنة”، لكن الغزيين لم يسمعوا بهذا المصطلح. تعودت إسرائيل على القول بأنها مناطق إرهاب، وأن حماس تستخدم المدنيين دروعاً بشرية، وأن نشطاء حماس يختبئون بين السكان. وهو ما ادعته هذا الأسبوع بعد مهاجمتها المستشفى الأهلي في مدينة غزة. عملياً، البيانات القليلة التي نحصل عليها تظهر أن معظم القتلى والجرحى في الهجمات الأخيرة من المدنيين، بالأساس نساء وأطفال. وحتى لو شككوا في مصدر هذه البيانات، وزارة الصحة في غزة، فالصور لا تكذب.
حسب بيانات الوزارة، قتل منذ 18 آذار 1694 شخصاً في غزة، 595 منهم من الأطفال و308 من النساء و105 من كبار السن. حتى لو انطلقنا من فرضية أن الباقين مسلحون وإرهابيون فيمكن الافتراض أن معظم القتلى غير متورطين في الإرهاب. ولكن باستثناء هؤلاء القتلى، يجب ذكر أن الكارثة الإنسانية التي تحدث في غزة الآن تجعل مليوني غزي على شفا الموت وهم على قيد الحياة، إما جوعاً أو بسبب المرض.
منذ أكثر من شهر والقطاع مغلق كلياً. لا يسمح بالخروج إلا لمن يريد المغادرة، وإسرائيل تتفاخر بذلك. كل منظومة محتملة في المجال الصحي – الإنساني انهارت، ناهيك عن منظومة التعليم والمجتمع. إسرائيل تبرر ذلك بذريعة أن الضغط على المدنيين سيؤدي إلى نتائج في المفاوضات على تحرير المخطوفين. حماس تدعي أن تحرير المخطوفين دفعة واحدة أمر ممكن إذا وافقت إسرائيل على إنهاء الحرب، لكن إسرائيل لا تكتفي بذلك؛ فقد أعلن رئيس الحكومة أنه يطالب بنزع سلاح حماس والتنازل عن أي مظهر من مظاهر الحكم والسيطرة. هذا الطلب لن يوصل المفاوضات إلى نقطة النهاية. تواصل إسرائيل إيمانها بالضغط العسكري – الإنساني، وحماس تستمر بالتلويح بالورقة الوحيدة: المخطوفين.
حماس لا تتحدث بمفاهيم التضحية والصمود والتمسك بالأرض؛ فهي ترفض الادعاء بشأن استخدام المدنيين لحماية المسلحين، لكنها تستخدم خطاباً متملصاً. فمن ناحيتها، كل نشطاء حماس مواطنون غزيون، وفي اللحظة التي يخلع فيها المسلح الزي العسكري يصبح مدنياً. هذا هو أسلوب حماس والواقع على الأرض، ولا يبدو أنه سيتغير. في هذه الأثناء، المدنيون الذين هم غير متورطين وجدوا أنفسهم بين احتمالين، إما الموت أو الموافقة على التهجير.
الأمل الذي علقه المدنيون على المجتمع الدولي، والقانون الدولي، والمحكمة الدولية، والعالم العربي والإسلامي ظهر له أنه أمل كاذب. ورغم أن إسرائيل غاضبة من هذه المقاربة، فإن المدنيين في غزة أصبحوا رهائن أيضاً. في إسرائيل ما زال هناك من يناضلون من أجل المخطوفين، وفي غزة تم ترك المدنيين وحدهم.
جاكي خوري
هآرتس 18/4/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب