الصحافه

نتنياهو يتخذ صورة لشخصية مفزعة تعمل على تفكيك الديمقراطية لصالحه ولا يمكن الثقة باعتباراته

نتنياهو يتخذ صورة لشخصية مفزعة تعمل على تفكيك الديمقراطية لصالحه ولا يمكن الثقة باعتباراته

عاموس هرئيل

شن نتنياهو حرباً لتفكيك الديمقراطية في إسرائيل. هو معني بتحويل أجهزة الاستخبارات إلى نوع من الشرطة السرية، شتازي أو سيكورتيتا (الشرطة السرية في رومانيا) – بصيغة شرق أوروبية – ويتوقع أن تخضع له هذه الشرطة السرية، وتخدم أهدافه الشخصية وتلاحق حركات الاحتجاج ضده وتستجيب لأوامره حتى في حالة وجود أزمة دستورية ومواجهة مباشرة مع المحكمة العليا. هذه هي النتيجة التي تظهر من التصريح المشفوع بالقسم العلني الذي قدمه رئيس “الشاباك” رونين بار للمحكمة العليا أمس. الجزء السري من هذا التصريح الذي هو أطول بأربعة أضعاف من الوثيقة التي نشرت، يشمل تفصيلاً واسعاً لحالات وادعاءات تتجاوز ما كتبه بار في الجزء العلني.

في العام 2016 التقى نتنياهو مع مرشحين لرئاسة الموساد. في مقابلة حاسمة مع ن. سأله نتنياهو إذا كان سيكون مخلصاً له. فأجابه ن. باندهاش أنه سيكون مخلصاً للدولة. هكذا خسر في المنافسة على هذا المنصب، الذي حصل عليه يوسي كوهين. شخصية نتنياهو في 2024 – 2025 مثلما تظهر في تصريح بار، أقل اهتماماً بكثير بالضغوط والكوابح. مثلاً، تتضح في التصريح شخصية مخيفة جداً.

رئيس “الشاباك” يصف اللقاءات التي في نهايتها أمر رئيس الحكومة السكرتير العسكري والسكرتيرة، وبعد ذلك حاول إلقاء تعليمات عليه وهما منفردان، مثل: ملاحقة شخصيات قيادية في الاحتجاج أو شخصيات تموله (حسب شكوك نتنياهو). وطلب نتنياهو من بار التوقيع على وثيقة صيغت في مكتبه، وكان يمكن أن تعطي نتنياهو إعفاء لأسباب تتعلق بالأمان من الظهور في جلسات محاكمته أثناء الحرب. الأخطر من ذلك، حسب بار، أن نتنياهو طلب منه الامتثال له فقط وليس للمحكمة العليا في أثناء الأزمة الدستورية.

هذه تهمة شديدة. يجب أن نسأل رؤساء أجهزة الأمن الأخرى مثل رئيس الأركان، ورئيس الموساد، والمفتش العام للشرطة، هل حصلوا على طلبات مشابهة من نتنياهو وماذا أجابوا عليها، وفي غضون ذلك، يجب فحص إذا كانت الشرطة، التي تم سحب عمودها الفقري الرسمي منها منذ زمن، وافقت على تحمل مسؤولية مهمات رفض “الشاباك” نفسه توليها.

قراءة تصريح بار تجربة غير سهلة، بل تجربة مخيفة بعد سنة ونصف على الحرب، التي سبقتها تسعة أشهر من محاولة الانقلاب النظامي. أهمية الوثيقة أنها تقدم إجابات مفصلة جداً لكثير من الادعاءات البيبية التي لا أساس لها، التي تُلقى على الجمهور منذ المذبحة في 7 أكتوبر، في محاولة لإنقاذ نتنياهو من مسؤوليته الحاسمة عن الإخفاقات والكارثة التي أعقبتها. يعترف بار بالأخطاء التي ارتكبها هو ورجاله في الجهاز فيما يتعلق بمعالجة الإنذار، وأعلن عن نيته تحديد موعد تركه للمنصب قريباً. ولكنه يرفض محاولة حقيرة من رئيس الحكومة لرسم سيناريو يخفي عنه معلومات عن هجوم حماس قبل المذبحة، بشكل متعمد.

يتبين من الوثيقة أن “الشاباك” انشغل محموماً في تحليل الإنذار (مثل: الجيش الإسرائيلي توصل إلى تقدير يصل إلى درجة كارثية من الاستخفاف بنوايا العدو) في الساعات التي سبقت المذبحة. وحتى إن رئيس “الشاباك” أمر بتحديث السكرتاريا العسكرية لرئيس الحكومة بالإنذارات قبل ساعة وربع من الكارثة (لم يتم نقل المعلومات من السكرتاريا العسكرية لنتنياهو حتى بداية الهجوم في الساعة 6:29. ولكن مشكوك فيه إذا كان سيتخذ أي خطوة أو خطوة تكون كافية لتغيير الصورة).

أكد بار أن نتنياهو لم يعمل على إقالته حتى تشرين الثاني الماضي، عندما حصل بينهما احتكاك على خلفية رفضه لتوفير ذريعة لنتنياهو للتملص من تقديم شهادته، وإزاء تدخل “الشاباك” في التحقيقات مع موظفي مكتبه، لا سيما في قضية قطر. في هذه القضية المتدحرجة، كتب، ظهرت شبهات ثقيلة حول مس خطير بأمن الدولة، بما في ذلك المس بالعلاقات مع مصر.

وألمح بار بذلك إلى الادعاء الذي يتم فحصه بأن مستشاري الإعلام لنتنياهو ضخموا أزمة أمنية متخيلة مع القاهرة، مدفوعين بذلك من قطر.

وصف بار أيضاً تفاجؤه عندما أقاله نتنياهو من طاقم المفاوضات حول صفقة المخطوفين، رغم أنه كان لـ “الشاباك”، المسؤول عن قناة الوساطة المصرية، دور رئيسي في التوصل إلى الاتفاق حول المرحلة الثانية في صفقة كانون الثاني. الإقالة في الواقع مرتبطة بمشاعر الازدراء التي هاجمت نتنياهو بخصوص بار، لكن يبدو أن هناك موضوع سياسة أيضاً؛ فنتنياهو يخاف من اتفاق نهائي يشمل انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع وإنهاء الحرب بدون إسقاط سلطة حماس، مقابل تحرير كل المخطوفين. شريكه، وزير المالية سموتريتش، قال أمس إنه “يجب قول الحقيقة: إعادة المخطوفين ليست الهدف الأهم”.

توتر داخلي في “الشاباك”

في جلسة مناقشة الالتماسات ضد إقالة بار، قبل أسبوعين، برز عدم رضا القضاة من ادعاءات نتنياهو، التي عرضها محاميه تسيون أمير. الآن، مع الذخيرة التي قدمها رئيس “الشاباك” في تصريحه المشفوع بالقسم، يتزايد احتمال أن تقرر المحكمة العليا نقل نقاش الإقالة إلى لجنة غرونس لتعيين كبار المسؤولين. ربما يقدم نتنياهو تصريحاً مشفوعاً بالقسم كرد على بار، وهو أمر غير مرغوب فيه تماماً من ناحيته، سواء بسبب القضايا الحساسة أو إزاء المخاطرة باتهامه بتقديم تصريح كاذب. رغم شهادة بار بشأن المحادثة بينهما حول الانصياع للقانون، ربما لا يتجرأ نتنياهو على الذهاب حتى النهاية وإعطاء أوامر صريحة للمحكمة العليا بإبقاء بار في منصبه حتى انتهاء الإجراءات القانونية بشأن إقالته.

مكتب رئيس الحكومة اتهم اليوم بار بتقديم تصريح مشفوع بالقسم كاذب. مع ذلك، هناك تباطؤ في الردود من جانب آلة السم، ووسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية. ربما يمكن تفسير ذلك بالفرق في التوقيت مع ميامي، يمكن الافتراض أن الهجمات العنيفة على بار وكل “الشاباك” ستستمر في الوقت القريب وبصورة أشد.

رغم أقوال شجاعة وحاسمة من رئيس “الشاباك”، فهذه ليست فترة جيدة للجهاز. التوتر الداخلي في الجهاز كبير، وكثير فيه يعتقدون أن المواجهة المباشرة بين بار ونتنياهو تلحق به ضرراً كبيراً وحتى تضر بأمن الدولة (بصورة عملية، نتنياهو والوزراء يقاطعون بار وكبار قادة “الشاباك” منذ بضعة أسابيع). يثور أيضاً سؤال كيف يتم تعيين وريث بار في مثل هذه الظروف، حيث تم الكشف عن تفضيلات حقيقية لرئيس الحكومة، لضمان تعيين شخص مسؤول، رجل دولة مستقل في اعتباراته المهنية؟

في نهاية المطاف، أوضح نتنياهو في السابق، سواء أمام ن. من الموساد أو الآن أمام بار، بأنه يبحث عن رؤساء أجهزة خاضعين ومخلصين له وليس للدولة. في الخلفية، من الجدير أن نتابع ما يحدث في قضايا أمنية حاسمة بحذر كبير، مثل الحرب في غزة والمشروع النووي الإيراني. إذا كان هناك شيء يظهر بوضوح من تصريح بار، فهو عدم الموضوعية في تقديرات رئيس الحكومة، في ذروة الحرب الأفظع في تاريخ الدولة.

 هآرتس 22/4/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب