الصحافه

مفاوضات طهران وواشنطن حول “النووي”… حماسة لا تعرف الحدود

مفاوضات طهران وواشنطن حول “النووي”… حماسة لا تعرف الحدود

أيال زيسر

تأجل الهجوم، لكنه قادم– هكذا وعد رئيس الأركان الإيراني محمد باقري، الذي هدد حتى بأن يكون هذا الهجوم أكثر إيلاماً من سابقه، وسيلحق أضراراً وخسائر فادحة. رئيس الأركان الإيراني لم يقصد بالطبع الهجوم الإسرائيلي المخطط على إيران والذي -حسب تقارير الإعلام- منعه الرئيس ترامب، بل هجوم إيراني ضد إسرائيل، الثالث في عدده بعد الهجومين اللذين سبقاه في نيسان وأكتوبر 2024. مثل هذا الهجوم، حسب المسؤول الإيراني، سيأتي. مسألة وقت فقط.

لكن التصريحات في جهة والأفعال في أخرى. إيران والولايات المتحدة تتنافسان الآن فيما بينهما في إطلاق تصريحات التفاؤل غير الحذر إزاء التقدم في المحادثات التي بدأتاها في محاولة للوصول إلى اتفاق نووي جديد بينهما. صحيح أن المحادثات في بدايتها، لكن حماسة الطرفين لا تعرف الحدود، ويبدو أنهما مصممان على الاتفاق. وفيما يركضان إلى الاتفاق –سيصلان إليه في النهاية.

لقد أخطأت الولايات المتحدة إذ لم تضع خطوطاً حمراء واضحة للمفاوضات مع إيران في كل ما يتعلق بإطارها الزمني؛ فالإيرانيون معروفون كأبطال في التأجيل والتسويف

لقد أخطأت الولايات المتحدة إذ لم تضع خطوطاً حمراء واضحة للمفاوضات مع إيران في كل ما يتعلق بإطارها الزمني؛ فالإيرانيون معروفون كأبطال في التأجيل والتسويف – والأخطر من ذلك، ليس أيضاً في كل ما يتعلق بالمسائل موضع الحديث. فمثلاً، يتبين أن مسائل مثل “الدعم الذي يمنحه الإيرانيون لوكلاء الإرهاب في لبنان والعراق واليمن مثلما هو أيضاً في مشروع الصواريخ بعيدة المدى، التي تصل بعضها منذ الآن إلى قلب أوروبا، تغيب كلها عن جدول الأعمال. ربما يأمل الأمريكيون في أن يحول الاتفاق الإيرانيين إلى محبي سلام، لكنهم إذا كانوا يفكرون بهذا، فإنهم لم يعرفوا بعد حقيقة نظام آية الله بعد 40 سنة من استيلائهم على الحكم في طهران.

لقد قربهم انهيار الاتفاق النووي السابق في 2015 إلى دولة حافة نووية، لديها المعرفة والقدرة، والمنشآت والعتاد الذي يسمح لها بإنتاج سلاح نووي في غضون وقت غير طويل – أشهر معدودة، أو بأقصى الأحوال بضع سنوات. لا يحتاج الإيرانيون لأكثر من هذا، فلا يوجد في طهران إلحاح للتقدم نحو النووي فيثير بذلك العالم كله عليهم. لذا، فإن الهدف الإيراني هو الحفاظ على الموجود، لهذا فإنهم مستعدون لإبداء مرونة بعيدة المدى، والتعهد بألا تنتج إيران قنبلة نووية، بل وحتى التنازل عن جزء من اليورانيوم المخصب.

بعد كل شيء، كل اتفاق هو بالإجمال ورقة يمكن خرقها بعد بضع سنوات، بعد أن يغادر ترامب البيت الأبيض، أو بعد أن يتغير الواقع الإقليمي والدولي. وعليه، فيمكن البحث والحديث عن كل اتفاق لا يطلب من إيران التنازل عما لها – لا عن وكلائها في المنطقة، ولا عن مشاريعها العسكرية ولا عن ترسانتها من الصواريخ ولا عن البنية التحتية لبحوثها النووية.

في طهران تخوف على مستقبل نظام آية الله. الوضع الاقتصادي يتدهور، والاحتجاج المخنوق من الداخل يتفجر من فوق السطح. حرب بين إيران والولايات المتحدة وإسرائيل، إذا ما تفجرت، قد تظهر كمسمار أخير في نعش هذا النظام المتطرف. إيران بحاجة إلى اتفاق كحاجتها إلى هواء التنفس. لكنها تجدد اللعب بالأوراق التي لديها. الإيرانيون فنانو مفاوضات، ولهذا يتخذ الأمريكيون، إعلامياً، صورة المتحمسين للوصول إلى اتفاق.

ربما تسريب واشنطن الآن بأن ترامب يمنع هجوماً إسرائيلياً على إيران، إشارة للإيرانيين بأن الإدارة الأمريكية معنية بالوصول إلى اتفاق معهم. غير أن القاعدة في الشرق الأوسط، وليس فيه فقط، بخلاف البورصة في “وول ستريت”، هي أنك عندما تسحب سلاحاً، فمن الأفضل أن تطلق النار منه، وإلا فلن يأخذك أحد على محمل الجد.

في هذه الأثناء، يضرب الأمريكيون الحوثيين في اليمن. لكنه عدو ضعيف وذو قدرة رد محدودة. أما إيران فقصة أخرى، وهذا يعرفه الأمريكيون. المشكلة أن من لا يعالج التهديد الإيراني اليوم، سيجده أمامه لاحقاً تهديداً أكبر بكثير.

 إسرائيل اليوم 27/4/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب