إسرائيل: جيشنا غير مستعد للحرب المقبلة

إسرائيل: جيشنا غير مستعد للحرب المقبلة
إسحق بريك
المستوى المهني لوحدات المشاة والمدرعات والهندسة والمدفعية والجيش النظامي، مشكوك فيه، فما بالك عن مستوى وحدات الاحتياط! برنامج التدريب في الوحدات النظامية يعتبر محدوداً جداً، ومعظم أيام السنة مخصصة للأنشطة العملياتية والأنشطة المختلفة التي لا تتعلق بالتدريب بشكل مباشر.
في ولاية غادي آيزنكوت كرئيس للأركان، تعرض تدريب وإعداد الوحدات النظامية إلى ضربة أخرى نتيجة تقليص آلاف رجال الخدمة الدائمة وتقصير مدة الخدمة الإلزامية للرجال، ما أدى إلى تقصير مدة التدريب في الدورات المختلفة. نتيجة أخرى لذلك، نشوء فجوة بين المعايير المحددة وعدد الجنود الفعلي، ما أدى إلى تقليص الوحدات النظامية، بل وحتى حل الوحدات أحياناً بسبب نقص القوة البشرية.
تقصير مدة الخدمة الإلزامية للرجال أدى إلى نقص كبير في القوة البشرية، والوحدات المساعدة للقتال من طباخين، وسائقين، ورجال المخازن، ورجال صيانة
تقصير مدة الخدمة الإلزامية للرجال أدى إلى نقص كبير في القوة البشرية، والوحدات المساعدة للقتال من طباخين، وسائقين، ورجال المخازن، ورجال صيانة – الذين بدونهم لا يمكن لأي كتيبة أن تعمل. عقب ذلك، اضطر قادة الوحدات إلى نقل الجنود إلى وظائف تدعم القتال، ما قلص الوحدات المقاتلة بشكل أكبر. أحياناً، بلغ النقص 50 في المئة وحتى أكثر. ولا شك أن ذلك أضر جداً بالتدريب والإعداد.
في حين حرص آيزنكوت على تدريب وحدات الاحتياط، فإنهم تعرضوا في فترة وريثه الجنرال افيف كوخافي، لضربة شديدة. اعتقد كوخافي أنه لا حاجة لعدد كبير من الوحدات، بل وحدات مع مستوى تكنولوجي عال. “ليس الحجم هو الذي يحدد، بل النوعية – جيش صغير، تكنولوجي ونوعي”، قال، واستثمر في الوحدات النظامية وأهمل وحدات الاحتياط.
هذا الأمر انعكس على معظم وحدات الاحتياط، فقد توقفت عن التدريب، وبعض الوحدات التي ذهبت ل ملية “السيوف الحديدية” لم تتدرب خلال خمس سنوات، ولم يتم استيعاب الوسائل القتالية الجديدة، التي بدونها كان يصعب إدارة الحرب مثل منظومة السيطرة والرقابة، الموجودة في كل دبابة وحاملة جنود وفي مقرات القيادة. النتيجة القاسية كانت عدم التنسيق بين الوحدات، ما هدفت هذه المنظومة إلى منعه، فكان الكثير من القتلى والمصابين بالنار الصديقة.
نتيجة مشكلة الأهلية والمهنية: عقب نقص التدريب خلال سنوات، وعدم الانضباط العملياتي، أصيب منا الكثير. كان هذا نتيجة الدخول إلى بيوت مفخخة بدون فحص مسبق وعدم تنفيذ مناورة أساسية في القتال في المناطق المأهولة، مثل الاقتراب من هدف مع تغطية وتخطي، ونتيجة إطلاق النار من الطرفين. إذا كان هذا هو الوضع قبل الحرب، فما الذي كنا نتوقعه بعدها من حيث قدرة الجيش المهنية؟ يأتي هذا في ظل التهديد على حدود الدولة في الدائرة الأولى والثانية والثالثة.
الجيش الإسرائيلي يحارب منذ سنة ونصف، والوحدات المقاتلة في الخدمة النظامية والاحتياط لم تتدرب هذه الفترة على حرب إقليمية مستقبلية، التي تقتضي قدرة مهنية عالية في قطاعات مختلفة مع خصائص مختلفة مثل أرض جبلية، وأرض مفتوحة، وتعاون. جرت الحرب الحالية في مناطق مأهولة. هذه حرب لا تدرب المقاتلين على القتال مستقبلي له سمات مختلفة، مثل القتال في مناطق مفتوحة أمام المصريين والأتراك والسوريين، أو القتال في منطقة جبلية عند الدخول البري إلى عمق أراضي العدو مثلما في لبنان.
بهذا لا تنتهي المشاكل. فبسبب استئناف القتال في قطاع غزة، هناك نية لإبقاء قوات هناك لفترة طويلة. ما هي هذه القوات؟ الجيش الإسرائيلي يعاني من نقص في الوحدات المقاتلة في الجيش النظامي والاحتياط عقب تقليص كبير في العشرين سنة الأخيرة. لا يمكن وضع وحدات الاحتياط في القطاع دائماً، ما سيضر بقدرتها على التدرب، ويضيف لها انشغالاً عملياتياً يتجاوز ما كان لها في السابق. يجب أن ندرك أنه عندما يتسرح الجنود النظاميون الآن، فإنهم ينضمون إلى وحدات الاحتياط بدون قدرة مهنية كافية، لذلك، سنبقى خلال فترة صغيرة مع جيش بدون قدرة مهنية وقدرة على القتال وعلى الانتصار، ما سيؤدي الى تدمير مطلق على المدى البعيد، وسيبقي أرضاً محروقة، لا ينبت فيها شيء.
كل ذلك يحدث لأن المستويين السياسي والأمني ينشغلان في إطفاء الحرائق، وتدفعهما مصالح ضيقة، بدون رؤية بعيدة المدى. لذلك، لم نكن ذات يوم في حالة استعداد للحرب القادمة.
منذ إقامة دولة إسرائيل قبل 77 سنة وهي تعيش على حد السيف وتحارب على وجودها. تحولت خلال السنين إلى دولة تتعرض للتهديد الأكثر في العالم. لذلك، من غير المعقول أن الجيش الذي شكل باستثمارات كبيرة من للدفاع عن الدولة ومواطنيها، فقد قدراته في السنوات الأخيرة.
هآرتس 27/4/2025