مقالات

تذكير بجوهر “ديمقراطيّة إسرائيل”

تذكير بجوهر “ديمقراطيّة إسرائيل”

انطوان شلحت

كرّر معدّو المؤشّر توكيدهم الذي ثبتوه في أول مؤشّر أن إسرائيل في الجوهر هي ديمقراطية شكلية، لم تفلح بعد في أن تكيّف نفسها لمميزات الديمقراطية الجوهرية…

أطلق “المعهد الإسرائيلي للديمقراطية”، في العام 2003، مشروع “مؤشّر الديمقراطية الإسرائيلية”. وعدّ بمثابة أداة بحث رائدة في توصيف ماهية هذه الديمقراطية وأدائها بأكثر من مستوى. وتناول ثلاثة جوانب يشمل كل منها مجموعة من الخصائص المهمة اللازمة للنظام الديمقراطي: المؤسسات، والحقوق، والاستقرار، ويخضعها للفحص والتمحيص بموجب أكثر من مؤشر ثانوي، بحيث يشمل البحث 31 مؤشّرا حول وضع الديمقراطية الإسرائيلية.

بخصوص جانب الحقوق، أفاد المؤشّر، منذ ذلك العام، بأن وضع إسرائيل مثير للقلق، سواء لدى مقارنته مع دول ديمقراطية أخرى مشمولة بالبحث، أو لدى تعقّب خطاه داخل إسرائيل نفسها على مرّ الأعوام. وتقريبا في جميع المؤشّرات جاء تدريج إسرائيل، بهذا الجانب، في النصف السفلي من اللائحة.

ومثل هذا التدريج هو من متأتّيات المستوى المنخفض جدّا لحماية حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق الإنسان الفلسطيني في أراضي الضفة الغربية وقطاع غزّة (في هذا الموضوع احتلت إسرائيل المكان الأخير سوية مع جنوب أفريقيا والهند)، وأيضا من نتائج وجود تمييز سياسي واقتصادي عنصري شديد للغاية حيال الفلسطينيين في الداخل، وكون حرّية الصحافة متدنّية أقرب إلى الحدّ الذي قد يدفع إسرائيل نحو تعريفها بأنها دولة شبه حرّة، فضلاً عن أن حرية الدين فيها أقل بكثير مما هي في ديمقراطيات أخرى، بينما نسبة انعدام المساواة الاقتصادية – الاجتماعية فيها من أعلى النسب في الدول المعدودة على الديمقراطيات في العالم أجمع.

بناء على ذلك، أكد معدّو البحث أنه لدى مقاربة التطورات داخل إسرائيل خلال العقد الأخير (السابق لعام 2003)، فإن عدّة مؤشّرات قد سجلت تدهورا ملحوظا في وضع الديمقراطية الإسرائيلية، بينما في مؤشّرات أخرى لم يطرأ أي تحسّن يذكر على هذا الوضع. وهكذا، على سبيل المثال، ثمّة تراجع في نسبة المشاركة في الانتخابات العامة، ونطاق الفساد آخذ في الاتساع، وحرية الصحافة تتدهور، ونسبة السجناء الجنائيين في الدولة ترتفع باضطراد، وعدم المساواة في توزيع المداخيل يتفاقم.

ويشمل المؤشّر قسما ثانيا يتمثل في استطلاع الديمقراطية، ويخضع للفحص مسائل تجذّر الثقافة الديمقراطية، والتكتل الاجتماعي، ومفاهيم الجمهور العريض حيال وضع الديمقراطية الإسرائيلية.

في العام التالي، 2004، ركز هذا الاستطلاع على مواقف الشبيبة الإسرائيلية، والتي نتيجة لها ارتسمت ملامح عامة للشاب الإسرائيلي في صلبها أنه امتثالي ومطيع يسير في الثلم ولا يختلف كثيرا عن جمهور الكبار.

ورأى القيمون أنه في العمق لم تتجاوز مقاربة الشبيبة لهذه الديمقراطية النظرة التي ترى أنها شكلية أكثر من كونها ماهيّة أو قيمية. كما أكدوا أن ضوءاً أحمر يجب أن يُشعل بالنسبة إلى فهم الشبيبة موضوع المساواة بين اليهود والأغيار في إسرائيل، إذ لا تفهم أغلبيّتهم أن الديمقراطية معناها مساواة الجميع بالحقوق، وهؤلاء يتمكنون من العيش هنا وكأن الآخرين من الأغيار غير موجودين.

بالنسبة إلى الإسرائيليين الكبار، أظهر الاستطلاع ارتفاع نسبة الذين يرون أن إسرائيل ليست ديمقراطية كفايتها إلى 39% بين اليهود بعد أن كانت هذه النسبة 14% في 1990. ويتوازى ذلك مع هبوط في نسبة الراضين من كيفية أداء الديمقراطية الإسرائيلية في 2004.

وكرّر معدّو المؤشّر توكيدهم الذي ثبتوه في أول مؤشّر أن إسرائيل في الجوهر هي ديمقراطية شكلية، لم تفلح بعد في أن تكيّف نفسها لمميزات الديمقراطية الجوهرية، وفي أن تستبطن القيم والمفاهيم والثقافة الديمقراطية، ناهيك عن أن وضعيّتها في جانب الحقوق مثيرة للقلق الجمّ.

كما سجّل الاستطلاع نسبة التأييد الأكثر انخفاضاً خلال الأعوام العشرين الأخيرة للمقولة الذاهبة إلى أن الديمقراطية هي الشكل الأفضل لنظام الحكم. وكانت نسبة التأييد عموماً لمقولة إن النظام الديمقراطي أمر مرغوب فيه الأكثر انخفاضاً من بين 32 دولة ديمقراطية أخرى. وجرى إدراج إسرائيل في عداد أربع دول ديمقراطية تعتقد غالبية الجمهور فيها أن بمقدرة زعماء أقوياء أن يجلبوا منفعة للدولة أكثر من جميع القوانين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب