تحقيقات وتقارير

تخبط أميركي حيال طهران: ما الذي يريده ترامب؟

تخبط أميركي حيال طهران: ما الذي يريده ترامب؟

تبعث المواقف الصادرة عن كل من طهران وواشنطن، في الأيام الأخيرة، على التشاؤم حول مستقبل المفاوضات الدائرة بين الجانبين، وذلك على الرغم من أنّ الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يبدو مصمّماً على تجنب الخيار العسكري في المرحلة الراهنة، وهو ما انعكس بقراره الإطاحة بمستشاره للأمن القومي، مايك والتز، الذي كان، على ما يبدو، على تنسيق مسبق مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لاستهداف إيران عسكرياً.

وفي أول تصريحاته حول النتيجة التي يتوقّعها من المفاوضات، حدّد ترامب خلال مقابلة تلفزيونية، الأحد، هدفاً طموحاً، يتمثل بـ«التفكيك الكامل» للبرنامج النووي الإيراني، بعدما كان أعضاء جمهوريون في «مجلس الشيوخ» والإنجيليون وغيرهم من أنصار الرئيس، يضغطون على الأخير لـ«توضيح» موقفه بشأن «النووي الإيراني»، طبقاً لموقع «أكسيوس»، الذي يردف أنّه من المتوقّع أن تؤثّر تصريحات ترامب الأخيرة «بشكل كبير» على الجولة المقبلة من المفاوضات، والتي «قد تُعقد في وقت لاحق هذا الأسبوع».

من جهته، اتهم المسؤول العسكري الإيراني الكبير، يحيى رحيم صفوي، ترامب بإثارة «الاضطرابات داخل بلاده وزعزعة استقرار النظام العالمي»، بسبب «سياساته العدوانية»، محذّراً من أنّ الولايات المتحدة «تتجه بسرعة نحو التدهور الدولي تحت قيادته».

كما وصف المسؤول الإيراني سلوك ترامب بـ«غير القانوني والمدمّر»، في تصريحات تعكس، طبقاً لمجلة «نيوزويك»، «الإحباط المتزايد في طهران مع تعثّر التقدم الدبلوماسي»، وتزيد من الضغوط على «عملية التفاوض التي أضعفتها بالفعل العقوبات والتهديدات وانعدام الثقة العميق، جنباً إلى جنب تأجيل الجولة الرابعة من المحادثات، والخطابات المتبادلة»، فضلاً عن أنها تجعل الآمال في وقت التصعيد بين الطرفين «متضائلة». وتأتي التصريحات الإيرانية عقب إصدار ترامب، الخميس، تهديداً، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بفرض عقوبات أميركية «فورية» على «أي فرد أو دولة» تشتري النفط أو البتروكيماويات من إيران.

وعلى الرغم من أنّ وزير الخارجية العماني كان قد أعلن أنّ الجولة القادمة من المفاوضات قد تمّ تأجيلها «لأسباب لوجيستية»، فقد عاد مبعوث ترامب الخاص، ستيف ويتكوف ليؤكد، في وقت لاحق، أنّ «الولايات المتحدة لم تعلن قط أنه من المقرّر عقد اجتماع نهاية هذا الأسبوع»، فيما قالت المتحدّثة باسم وزارة الخارجية، تامي بروس، الخميس، إنه على الرغم من بعض التقارير الصادرة، لم تؤكد الولايات المتحدة مشاركتها «في الجولة الرابعة من المحادثات مع إيران»، مشيرةً إلى أنّ «الوضع متقلّب، على الرغم من أنّنا نتوقع عقد جولة جديدة في المستقبل القريب».

وفي حين يشير ويتكوف ومسؤولون آخرون إلى أنّ المحادثات النووية «تحرز تقدّماً»، فقد اتخذ أعضاء آخرون في إدارة ترامب موقفاً أكثر تشدداً منها؛ إذ انتقد مثلاً وزير الدفاع، بيت هيغسيث، الأربعاء، إيران، مشيراً إلى أنّ واشنطن «ترى الدعم المميت الذي تقدّمه طهران للحوثيين»، مهدّداً: «تعرفون جيداً ما يمكن أن يفعله الجيش الأميركي، وسوف تدفعون الثمن في المكان والزمان اللذين نختارهما».

بدا أنّ والتز كان على تنسيق «مكثّف» مع نتنياهو حول توجيه ضربة عسكرية إلى طهران

على أنّ العديد من المراقبين في الغرب يرون أن ترامب لا يزال على ما يبدو أكثر ميلاً إلى الخيار الدبلوماسي منه إلى العسكري. وفي هذا السياق، يرد في تقرير نشرته مجلة «فورين بوليسي» أنّه على الرغم من أنّ الاتفاق النووي الذي توصلت إليه إدارة باراك أوباما مع إيران عام 2015، كان سيئاً بالنسبة إلى واشنطن، وأنّ الانسحاب منه كان خياراً «صائباً»، فإنّ محاولة فرض صفقة «التخصيب الصفري» على طهران التي أعربت، مراراً وتكراراً عن رفضها القاطع للفكرة، قد تكون غير واردة.

كذلك، تمّ الاعتراف بالفعل من قبل المجتمع الدولي بحق طهران «في التخصيب»، وفق ما نصّت عليه «خطة العمل الشاملة المشتركة» لعام 2015. كما أنّ بعض حلفاء أميركا الأوروبيين حتى قد يرون أن مطالبة إيران بالتوقف عن التخصيب هي مطلب «متطرف للغاية»، في وقت قال فيه مسؤول إيراني كبير مقرّب من فريق التفاوض الإيراني، أخيراً، إن «مسألة التخصيب الصفري غير واردة»، بحسب «فورين بوليسي».

ويردف أصحاب الرأي المتقدّم أنّ واشنطن قد لا تنجح، على الأرجح، في إجبار المرشد الأعلى الإيراني على تقديم تنازلات من خلال زيادة الضغوط الاقتصاية والتهديد بشن ضربة عسكرية، ولا القبول بأي «تراجع مهين» في المفاوضات. وعليه، قد يكون على الإدارة الأميركية القبول باتفاق «وسطي» بين «خطة العمل الشاملة والمشتركة» ومسألة وقف تخصيب اليورانيوم التام، كما أنّها قد تجد نفسها مضطرة إلى الموافقة على استمرار التخصيب إنما مع «رقابة دائمة»، ومن دون مهل زمنية محددة.

والتز وإيران

بالتوازي مع ذلك، أوردت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، أخيراً، تقريراً جاء فيه أنّ قرار دونالد ترامب الإطاحة بمستشاره للأمن القومي، مايك والتز، هو نتاج تراكم بطيء من «الإحباط» إزاء المسؤول الذي كان يُنظر إليه على أنّه أكثر حرصاً على استخدام القوة العسكرية من ساكن البيت الأبيض، وتحديداً في ما يتعلق بإيران. وطبقاً لما نقلته الصحيفة الأميركية عن مصدرين مطّلعين، كان والتز قد أزعج ترامب، بشكل خاص، خلال زيارة نتنياهو إلى المكتب البيضاوي في أوائل شباط، عندما بدا أن مستشار الأمن القومي يشارك الزعيم الإسرائيلي قناعته بأن الوقت قد حان لتوجيه ضربة إلى إيران، وأنّه كان على تنسيق «مكثّف» مع نتنياهو بشأن الخيارات العسكرية المشار إليها قبل اجتماع المكتب البيضاوي.

وتنقل «واشنطن بوست» عن أحد المصادر قوله إنّ والتز «أراد أن يأخذ السياسة الأميركية في اتجاه لم يكن ترامب مرتاحاً له، لأن الولايات المتحدة تحاول التوصل إلى حل دبلوماسي»، وهو ما جعل ترامب «غير سعيد» بما رآه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب