تحقيقات وتقارير

تجفيف المنابع المالية لإسلاميي الأردن بعد «المصادرة» وقبل التقويض وإعادة «ترسيم الموقع»

تجفيف المنابع المالية لإسلاميي الأردن بعد «المصادرة» وقبل التقويض وإعادة «ترسيم الموقع»

بسام البدارين

 تجفيف المنابع المالية أصبح جزءا أساسيا من خطة  أشمل تهدف إلى إعادة إنتاج موقع الإسلاميين في المشهد السياسي وصولا إلى إعادتهم إلى مستوى التمثيل المنصف لحجمهم الحقيقي في المجتمع.

عمان ـ :الإجراءات التي أعلنتها ثم شرحتها وزارة التنمية الاجتماعية الأردنية الأسبوع الماضي تحت عنوان «مصادرة أموال وملكيات» جمعية الإخوان «غير المرخصة» أو «المنحلة» مؤشر حيوي على أن «الدولة» ماضية قدما في خطتها لتقويض تلك الجماعة التي القيت ضدها سلسلة اتهامات «غير مسبوقة» تبدأ بـ«تصنيع أسلحة» وتنتهي بـ«جمع أموال غير مشروعة».
الوزارة أعلمت الرأي العام بأن كل من لديه أموال تعود ملكيتها إلى الجمعية المحظورة عليه الخضوع لـ«تسوية» تحت طائلة المسائلة القانونية.
الإجراء يؤشر أيضا على أن «سلطات القرار» لا تريد الإصغاء لمقترحات بعض قادة الحركة الإسلامية التي حملت عنوان: «اسمحلوا لنا بالتواصل التنظيمي مؤقتا لتوجيه القواعد والكوادر نحو الحزب المرخص».
تلك مقترحات لم يعد سرا أنها ترددت على لسان شخصيات متعددة تولت أعلى المسؤوليات في هرم الجماعة قبل حظرها، لكن السلطات ردت بسلسلة إجراءات وتحذيرات «تسليم الأموالـ« وحصر الملكيات.
طبيعة الإجراءات في شقها «المالي البيروقراطي» توحي ضمنا بأن تحقيقات معمقة خلف الستائر وصلت إلى بيانات وأرقام ومعطيات وقاعدة معلومات عريضة عن الوضع المالي للجمعية التي تم حلها، خلافا بالتأكيد لإقرارات وإفادات وصفت رسميا بأنها كانت «مفاجئة» خصوصا في جزئية تبين وجود ملكيات للجمعية نقلت بأسماء أشخاص.
هؤلاء الأشخاص أصبحوا هدفا علنيا لذراع القانون الآن وبموجب بيان رسمي، الأمر الذي قد يدفع لاحقا للمزيد من المفاجآت والإثارة خصوصا على صعيد ارتكاب مخالفات عريضة قد يكون من بينها وأبرزها جمع الأموال بدون ترخيص مسبق أو نقل ملكيات بصورة غير شرعية واستقبال أموال بدعوى نقلها للمساعدة في غزة بدون علم السلطات.
الإعلانات الجديدة للسلطات الإدارية توحي بأن عملية أوسع نطاقا تحت عنوان «تجفيف منابع أموال الجماعة» قد بدأت وعلى نطاق واسع لا يمكن إنكاره.
يظهر ذلك توافق المؤسسات وانشغالها معا بالتنسيق للقرار السياسي الذي اتخذ الشهر الماضي بتطبيق القانون وتنفيذ حكم قضائي ينفي وجود «جذر قانوني» للجمعية لأنها أخفقت في تصويب أوضاعها منذ عام 1953، علما بأن الحركة الإسلامية لم تظهر أي اهتمام حقيقي لا بالقرار ولا بأصوله أو بإجراءات التصويب التي اقترحتها المحكمة عام 2020.
على خط عملية المصادرة لجان سجل الجمعيات في وزارة التنمية الاجتماعية ووزارة الداخلية والبنك المركزي، وخلف كل تلك المؤسسات الإسناد الأمني البيروقراطي.
والمفهوم في سياق الشفافية الرسمية الآن خصوصا في الجزء المالي من المخالفات هو الوصول إلى حالة يتقدم فيها المجتمع إلى مستوى الاستغراب ثم الإدانة بعد رصد كل المخالفات وتوثيق كل الأدلة وإنتاج أسئلة يخفق التيار بالإجابة عليها حتى تحافظ الرواية الرسمية على مصداقيتها.
التقدير العام حتى اللحظة في الساحة السياسية المحلية أن المداهمات والوثائق التي جمعت وبعض الأموال التي صودرت والتحقيقات التي جرت من لجان مختصة في حركة، وتحويل الأموال معتمدة نظاميا قد تنتهي بتأطير سلسلة كبيرة من المخالفات التي تؤدي إلى تحويل عشرات الأشخاص من الجمعية التي تم حلها والمحظورة الآن إلى المحكمة بتهمة إما جمع أموال غير مرخصة أو مخالفة القوانين والتعليمات والأنظمة الناظمة لإيداع الأموال وتحويلها. وهو نطاق يصعد إلى سطح الحدث بعد سلسلة تحقيقات مع قادة أساسيين وعناصر مسؤولة عن الملف المالي في الجمعية التي تم حظرها، من دون أن يتضح بعد ما إذا كانت تلك التحقيقات قد طالت مقرات أو لجان أو شخصيات حزب جبهة العمل الإسلامي التابع للجماعة، مع أن الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات أبلغت الحزب رسميا بأنها أحالت ملفا بمخالفاته إلى النيابة، فيما لم يعلم بعد عن نتائج تحقيق لجنة أخرى داهمت مقر حزب جبهة العمل الإسلامي المعارض الذي يتمثل بـ 31 مقعدا في البرلمان، وعن ما توصلت إليه تلك المداهمات.
تجفيف المنابع المالية أصبح جزءا أساسيا من خطة أشمل تهدف إلى إعادة إنتاج موقع الإسلاميين عموما في المشهد السياسي الوطني، وصولا إلى إعادتهم واقعيا إلى مستوى التمثيل المنصف لحجمهم الحقيقي في المجتمع، وهو هدف يمكن للحكومة أن تحشد شرائح حزبية متعددة لدعمه، خلافا للسعي إلى منع التيار لاحقا من الاستثمار الانتخابي والسياسي بعدما خطط وفقا لما تقوله السلطات وألمح له وزير الاتصال، بعض الأطراف في الحركة الإسلامية وحلفائها الخارجيين مثل حركة حماس، لتحويل الأردن إلى «ساحة» وطرف مباشر في معركة طوفان الأقصى.
هذه الخطة من غير المفهوم ما إذا كانت ستؤثر لاحقا على التركيبة القانونية لجسم حزب جبهة العمل الإسلامي أكبر أحزاب المعارضة، علما بأن حظر الجماعة ثم التحقيقات المالية مع بعض رموزها، مسائل تجاوزها الواقع الموضوعي وفي منطقة «التداعي القانوني» خلافا لأن تشكيلات الجماعة التي حظرت لا تظهر حتى الآن إلا خضوعا مباشرا لكل القرارات القانونية التي اتخذت لا بل «تتلاوم» فيما بينها على الوصول بالأزمة إلى مستواها الأخير مع الدولة.

«القدس العربي»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب