تحقيقات وتقارير

ليبيا: موجة استقالات وتظاهرات تعصف بحكومة الدبيبة بعد اشتباكات دامية في العاصمة أعقبت مقتل مسؤول أمني

ليبيا: موجة استقالات وتظاهرات تعصف بحكومة الدبيبة بعد اشتباكات دامية في العاصمة أعقبت مقتل مسؤول أمني

نسرين سليمان

أعلن مجلس النواب التنسيق مع مجلس الدولة بشكل عاجل لاختيار شخصية وطنية لتشكيل حكومة جديدة تباشر عملها خلال الأيام المقبلة.

طرابلس ـ :أسبوع مليء بالأحداث الدامية شهدته العاصمة الليبية طرابلس، بدأ باغتيال رئيس جهاز دعم الاستقرار، وانتهى باشتباكات عنيفة وموجة استقالات من حكومة الوحدة الوطنية إثر مظاهرات شعبية طالبتها بالتنحي.
مساء الإثنين الماضي، أكدت مصادر محلية متطابقة مقتل رئيس جهاز دعم الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي بمقر اللواء 444 التابع لمنطقة طرابلس العسكرية، خلال اجتماع حضره هناك هو وعدد من حراسه.
ونشرت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو ولقطات منسوبة ‏لعملية اغتيال الككلي ومرافقيه، ظهر فيها 4 أشخاص قتلى غارقين ‏في دمائهم، ومحاطين بعناصر ترتدي ملابس عسكرية.‏
وقبل اغتياله، شهدت العاصمة طرابلس تطورات عسكرية تمثلت في تحرك أرتال عسكرية من الداخل وتوافد أخرى من الخارج، لتذهب الأحداث إلى أبعد من ذلك، وصولاً إلى إعلان حالة الطوارئ.
وعقب ساعات من الاشتباكات العنيفة، أعلنت وزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، السيطرة ‏على كامل منطقة أبوسليم، وأن الأجهزة الأمنية تبذل جهودها ‏لضبط الأمن واحتواء الموقف. وذكرت، في وقت لاحق من صباح الثلاثاء، أن العملية ‏العسكرية انتهت بنجاح وأعطت تعليماتها بإكمال خطتها في المنطقة ‏بما يضمن استدامة الأمن والاستقرار.‏
فيما أعلن مركز طب الطوارئ والدعم، صباحاً، انتشال ست جثث من مواقع شهدت اشتباكات عنيفة في العاصمة طرابلس، وتحديداً في محيط منطقة أبوسليم، وذلك في أعقاب التوترات الأمنية.
وفي أعقاب العملية العسكرية ومقتل عبد الغني الككلي الملقب بغنيوة، عاد الهدوء لطرابلس صباح الثلاثاء، لكن لم يصمد طويلا لينفجر الوضع الأمني من جديد عقب صدور قرار الدبيبة حل جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، الذي اعترض عليه الأخير باعتبار أن ذلك من اختصاص المجلس الرئاسي، الجهة التي صدر عنها قرار إنشائه، كما اعتبر القرار انتقائيا لأنه يستهدف أجساما أمنية من دون غيرها في إشارة إلى التشكيلات المسلحة التي تنتمي إلى مدينة مصراتة ولها نشاط في العاصمة طرابلس.
وإثر هذا القرار، شهدت العاصمة طرابلس اشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، بدأت منذ مساء الثلاثاء واستمرت حتى صباح الأربعاء، بين قوات اللواء 444 قتال التابع لحكومة الوحدة الوطنية بقيادة محمود حمزة وقوات جهاز الردع بإمرة عبدالرؤوف كارة ومقرها قاعدة معيتيقة.
واتسعت رقعة الاشتباكات في العاصمة لتشمل أحياء مأهولة بالسكان، وسط تحذيرات من اندلاع حرب شوارع وارتفاع وتيرة التوتر الأمني.
وأسفرت الاشتباكات عن خسائر مادية كثيرة في الممتلكات العامة والخاصة، وعن ضحايا مدنيين وعسكريين لم تعلن السلطات إحصائية رسمية عنهم حتى الآن، وعن تعطيل الحياة اليومية في ليبيا حيث علقت الدراسة في كافة المدارس والجامعات، وأعلنت حال الطوارئ وسادت حالة من الذعر والخوف بين المواطنين.
وعقب الاشتباكات، شهدت العاصمة طرابلس، مساء الأربعاء، تظاهرات حاشدة أمام مبنى رئاسة الوزراء، وبميدان الشهداء، وبمنطقة أبوسليم، حيث تجمع مئات من المواطنين للمطالبة بإقالة رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة.
وأظهر مشهد تداوله ناشطون إحراق المتظاهرين لآليات عسكرية أمام مقر جهاز دعم الاستقرار الذي قتل رئيسه قبل يومين وسيطرتهم على المقر، فيما أظهرت مشاهد أخرى انسحاب القوات الأمنية من محيطه.
وفي قرار وصف بالجريء، أصدر المجلس الرئاسي قراراً يؤكد في مادته الأولى وقف إطلاق النار بشكل شامل في جميع المناطق، مع إلزام جميع الوحدات العسكرية بالعودة الفورية إلى مقراتها من دون أي قيد أو شرط.
كما قرر المجلس تجميد كافة قرارات حكومة الوحدة الوطنية التي تحمل طابعاً عسكرياً أو أمنياً، أو تلك المتعلقة بإعادة هيكلة المؤسسات الأمنية أو تكليف أشخاص بمهام عسكرية أو أمنية، وذلك ضمن حدود الاختصاصات الانتقالية للحكومة.
وتصاعدت حدة التظاهرات الجمعة بعد دعوات شعبية واسعة، للتظاهر ضد حكومة الدبيبة، ما أدى لموجة استقالات واسعة، حيث نقلت وكالة «رويترز» عن وزير الاقتصاد والتجارة بحكومة الوحدة الوطنية محمد الحويج قوله إنه استقال من منصبه.
وقبل الحويج أعلن وزراء الحكم المحلي بدرالدين التومي، والإسكان والتعمير أبوبكر محمد الغاوي، ونائب رئيس الحكومة وزير الصحة المعفى من منصبه رمضان أبوجناح، ووكيل وزارة الموارد المائية المكلف بتسيير أعمال الوزارة محمد فرج قنيدي استقالاتهم من مناصبهم، على خلفية الاحتجاجات المناهضة للحكومة.
لكن حكومة الوحدة الوطنية قالت في بيان إن كافة الوزراء يواصلون عملهم بصفة طبيعية، وذلك في أعقاب إعلان عدد من الوزراء استقالاتهم.
وفي السياق، أعلن مجلس النواب التنسيق مع مجلس الدولة بشكل مستمر وعاجل لاختيار شخصية وطنية لتشكيل حكومة جديدة تباشر عملها خلال الأيام المقبلة بعد التأكد من توفر الشروط اللازمة لتولي الرئاسة.
وأضاف المجلس في بيان مساء الجمعة أن حكومة الوحدة الوطنية سقطت منذ ثلاث سنوات بموجب قرار سحب الثقة منها واليوم أسقطها الشعب لتصبح هي والعدم سواء.
فيما اعتبر خالد المشري المتنازع على رئاسة المجلس الأعلى للدولة مع محمد تكالة أن حكومة الوحدة الوطنية فقدت شرعيتها سياسيا وقانونيًا وشعبيًا، ولم تعد تمثل إرادة الليبيين، ولا يجوز لها الاستمرار في ممارسة مهامها، داعيا رئيس مجلس النواب عقيلة صالح للتواصل من أجل تكليف رئيس حكومة موقتة.
وأضاف المشري أن مجلس الدولة يوجه خطابًا رسميًا إلى رئيس مجلس النواب للتواصل الفوري مع رئيس المجلس الأعلى للدولة من أجل البدء في إجراءات تكليف شخصية وطنية تتولى مهام رئاسة حكومة موقتة خلال مدة لا تتجاوز 48 ساعة، وذلك لضمان استمرارية المؤسسات وتفادي الفراغ التنفيذي، إلى حين التوافق بين المجلسين على حكومة موقتة بإدارة شؤون الدولة لفترة انتقالية قصيرة ومحددة، تلتزم بتهيئة الأجواء المناسبة لإجراء انتخابات شاملة وشفافة في أقرب وقت ممكن.
وشهدت التظاهرة مواجهات مسلحة، أثارت ردور فعل دولية واسعة حيث قال الرؤساء المشاركون لمجموعة العمل المعنية بحقوق الإنسان الخاصة بليبيا إن الاشتباكات المسلحة في طرابلس تعكس الفشل في حماية المدنيين واحترام حرياتهم الأساسية، معبرين عن القلق الخاص إزاء التقارير التي تفيد باستخدام الجهات الأمنية الذخيرة الحية لتفريق المتظاهرين في العاصمة.
وأعربت تلك المجموعة في بيان مشترك، مساء الجمعة، عن قلقها إزاء التصعيد الأخير للعنف في طرابلس، والذي أسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين، وإلحاق أضرار بالمنازل والبنى التحتية المحمية، وأدى إلى قمع عنيف للمتظاهرين.
وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا قد أكدت على حق المواطنين في الاحتجاج السلمي، في إشارة إلى الدعوات لخروج مظاهرات.
فيما أعلنت سفارة الولايات المتحدة في ليبيا انضمامها إلى بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في دعوة جميع الأطراف في طرابلس إلى ممارسة ضبط النفس وتجنب التصعيد.
إلا أنه وعلى خلاف ذلك قالت حكومة الوحدة الوطنية إن الأجهزة الأمنية أحبطت محاولة اقتحام لمبنى رئاسة الوزراء في العاصمة طرابلس نفذتها مجموعة مندسّة ضمن المتظاهرين الذين خرجوا للمطالبة بإسقاط الحكومة.
ونعت الحكومة أحد عناصر الشرطة الذين استُهدفوا تأمين مبنى رئاسة الوزراء، حيث أُصيب برصاص مجهولين وفارق الحياة متأثرًا بجراحه.

«القدس العربي»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب