تحقيقات وتقارير

ليبيا: انتخابات المجالس البلدية في مواجهة المنع شرقا والخروقات غربا

ليبيا: انتخابات المجالس البلدية في مواجهة المنع شرقا والخروقات غربا

نسرين سليمان

رغم الاعتداءات ومحاولات العرقلة إلا أن دعما دوليا قويا قوبلت به الانتخابات حيث أكدت إيطاليا دعمها لانتخابات المجموعة الثانية من المجالس البلدية معربة عن قلقها من محاولات عرقلة هذا الاستحقاق.

طرابلس ـ : واجه استحقاق الانتخابات البلدية في ليبيا صعوبات وعراقيل عديدة في مرحلته الثانية، رغم نجاح المرحلة الأولى في ظل نفس ظروف الانقسام، حيث منع حفتر بلديات الشرق والجنوب الخاضعة لسلطته من الانتخاب كليا، فيما تعرضت مكاتب انتخابية في الغرب لاعتداءات عنيفة وسط دعوات محلية ودولية بتهيئة الظروف المناسبة لإتمام هذا الاستحقاق.
وتجري ليبيا الجولة الثانية من انتخابات المجالس البلدية، في خطوة ضمن مسار استكمال خريطة الانتخابات البلدية التي بدأت مرحلتها الأولى العام الماضي ووفقا لإعلان المفوضية العليا للانتخابات، فإن المرحلة الثانية تستهدف 50 بلدية موزعة على مختلف المناطق الليبية، بإجمالي 726 مركز اقتراع.
وجاءت هذه الجولة بعد نجاح المرحلة الأولى من الانتخابات، التي جرت في 58 بلدية العام الماضي بمشاركة 209 آلاف و496 ناخبا، وقد أثار نجاح المرحلة الأولى تثمينا واسعا حيث عكس قدرة المفوضية على تنظيم الانتخابات، ودفعها إلى إطلاق المرحلة الثانية الحالية.
ووفقا لإحصاءات المفوضية، فقد وزعت 378 ألفا و798 بطاقة انتخابية على الناخبين في البلديات الـ50 المستهدفة، من أصل 413 ألف ناخب مسجل، بنسبة توزيع بلغت نحو 91 في المئة. وشملت هذه البطاقات 262 ألفا و121 ناخبا ذكورا، و117 ألفا و284 ناخبة، ما يعكس استجابة واسعة من المواطنين واستعدادا ملحوظا للمشاركة في العملية الانتخابية.
ورغم الاستعدادات التي امتدّت على مدار أشهر وأسابيع من اليوم ومحاولة حكومة الغرب الليبي تهيئة الظروف المناسبة لإجراء الانتخابات، إلا أن اعتداءات عديدة هددت بإيقاف هذه العملية الانتخابية فضلا عن منع قسري من قبل سلطات قوات حفتر، وعراقيل واجهت ردود فعل دولية صارمة لم تلق ردا محليا يذكر. حيث أضرم مجهولون، فجر الجمعة، النار في مقرّين تابعين للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات الليبية في مدينة الزاوية والساحل الغربي، وذلك عشية إجراء الجولة الثانية من الانتخابات المحلية، المزمع إجراؤها في 50 بلدية.
واستنكرت المفوضية العليا الاعتداءات التي وصفتها بالإجرامية على مكاتبها في الساحل الغربي والزاوية، مشيرة إلى أن النيران أتت على مبنى مكتب الإدارة الانتخابية في الساحل الغربي.
فيما قالت البعثة الأممية لدى ليبيا إنها تدين بأشد العبارات هذه الاعتداءات المتعمدة معتبرة أنها محاولة لحرمان المواطنين من الانتخاب، ومطالبة بالتحقيق في الحادثين ومحاسبة المتهمين.
ورأت البعثة أن وقوع هذه الاعتداءات عشية يوم الاقتراع تهدد سير الانتخابات البلدية الجارية وتطلعات الشعب الليبي نحو الديمقراطية بشكل أعمّ، مؤكدة دعمها لمفوضية الانتخابات في أداء مهامها.
فيما طالب المجلس الأعلى للدولة الجهات الأمنية والسلطات القضائية بضرورة اتخاذ إجراءات صارمة ضد المعتدين على مقار المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في عدد من البلديات.
وطالب المجلس الجهات الأمنية المختصة بسرعة فتح تحقيق شامل وشفاف في هذه الحوادث والقبض على جميع المتورطين فيها وتقديمهم للعدالة، داعيا السلطات القضائية إلى اتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية صارمة بحق المعتدين، بما يضمن عدم إفلات أي طرف من العقاب.
وقبل هذا الاعتداء بيومين أعلنت مديرية أمن زليتن في بيان، أن مجهولين أطلقوا الرصاص على مكتب المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في المدينة، فجر الثلاثاء الماضي، كما زرعوا قذيفة معدة بصاعق وموقت زمني للتفجير، وأطلقوا قذيفة من سلاح آر بي جيه لكنها سقطت على منزل مواطن محدثة تلفيات وخسائر مادية.
وأضافت أن مركز الشرطة المختص اتخذ الإجراءات الأولية، وأخطر النيابة العامة بالواقعة، ونسق مع أفراد جهازي الأمن الداخلي والمباحث الجنائية الذين أبطلوا مفعول القذيفة.
كما اضطرت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات إلى إصدار قرارات بوقف العملية الانتخابية في 13 بلدية، منها بنغازي وسرت وسبها والحشان ومعظمها تقع في إطار سيطرة قوات حفتر، لأسباب «أمنية» وفق وصفها.
ورغم الاعتداءات والمحاولات للعرقلة إلا أن دعما دوليا قويا قوبلت به الانتخابات حيث وحتى ليلة الانتخابات أكدت إيطاليا دعمها القوي لانتخابات المجموعة الثانية من المجالس البلدية معربة عن قلقها من محاولات عرقلة هذا الاستحقاق.
وقالت السفارة الإيطالية إن محاولات عرقلة ومنع الديمقراطية، حتى باللجوء للعنف، مقلقة للغاية وتهدد قدرة الليبيين على اختيار ممثليهم المحليين.
وقبل الموقف الإيطالي، أعربت بريطانيا عن قلقها إزاء محاولات عرقلة انتخابات المجموعة الثانية للمجالس البلدية في جميع أنحاء ليبيا، مؤكدة دعمها العملية الانتخابية التي انطلفت، صباح السبت، في أكثر من خمسين بلدية ليبية.
من جهته أعرب السفير الأوروبي لدى ليبيا، نيكولا أورلاندو، عن أمله في نجاح انتخابات المجالس البلدية المقرر إجراؤها في 16 آب/أغسطس.
ودعا أورلاندو في تغريدة عبر حسابه على موقع «إكس» الأطراف المعنية إلى ضمان حرية العملية الانتخابية وانتظامها في جميع أنحاء البلاد.
وأشار إلى أن تعليق التصويت في المدن الكبرى والهجمات على مكاتب المفوضية الوطنية العليا للانتخابات أمور مقلقة، محذرًا من أن أي محاولة لترهيب الناخبين أو عرقلة حقهم في اختيار ممثليهم المحليين تهدد التحول الديمقراطي في ليبيا. وأكد السفير دعم الاتحاد الأوروبي الثابت للمفوضية والمساءلة لضمان سير العملية الانتخابية بنزاهة.
وفي مواجهة هذه الخروقات أكدت وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية جاهزيتها الكاملة واستمرارها في تنفيذ خطط تأمين الاستحقاقات الانتخابية في البلديات، بما يضمن نجاح هذا العرس الديمقراطي الذي يتطلع إليه الشعب الليبي.
وحذرت الوزارة في بيان، الجمعة، من أي أعمال تخريب أو عبث تستهدف عرقلة العملية الانتخابية تقودها أطراف سياسية لا ترغب في إحداث التغيير المنشود.
وأكدت أن هذه الأعمال التخريبية لن تثنيها عن استكمال هذه الانتخابات في موعدها المحدد، مشيرة إلى أنها أثبتت نجاحها سابقاً في تأمين الاستحقاقات الانتخابية، وهي قادرة اليوم على تحقيق النجاح ذاته.
كما نوهت الوزارة بأن مديريات الأمن والأجهزة الأمنية تواصل تنفيذ مهامها الميدانية والعمل على توفير بيئة آمنة للناخبين.
وقبلها ترأَّس وزير الداخلية المكلف بحكومة الوحدة الوطنية، عماد الطرابلسي، اجتماعا رفيع المستوى ضم رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح، ونائبة المبعوثة الأممية ستيفاني خوري، حيث أكد فيه أن وزارته ستتولى حماية مراكز الاقتراع من الخارج وضمان سير العملية بسلاسة، مشيرا إلى أن البلديات المستهدفة تتوزع بواقع 34 بلدية في المنطقة الغربية، و8 بلديات في المنطقة الشرقية، و8 في المنطقة الجنوبية.
وأوضح الطرابلسي أن 320 ألف منتسب من الأجهزة الأمنية جاهزون لتأمين العملية الانتخابية، مع التنسيق الكامل مع المفوضية لمتابعة أي مستجدات، وضمان حماية سير الانتخابات، بما يشمل تأمين النقل اللوجستي للبطاقات ومراقبة مراكز الاقتراع والتعامل مع أي تهديدات محتملة.
وينتظر الليبيون منذ العام 2021 انعقاد انتخابات رئاسية وبرلمانية كان محددا لها كانون الأول/ديسمبر من ذلك العام، إلا أنها أرجئت لأجل غير مسمى بسبب النزاع بين سلطات الشرق والغرب. ومنذ الإطاحة بمعمر القذافي، شهدت ليبيا انتخابات بلدية عام 2013 وانتخابات تشريعية عامي 2012 و2014.

«القدس العربي»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب