استعراض إسرائيلي مكرَّر في خانيونس

استعراض إسرائيلي مكرَّر في خانيونس
غزة | فجر أمس، هبطت حافلة بيضاء في شارع «مارس» في حي المحطّة في خانيونس جنوبي قطاع غزة، حيث ترجّلت منها «9 نساء منهكات، بعضهن منقّبات وأخريات مكشوفات الوجوه»، حسبما قال أهالي المنطقة، الذين بدا المشهد عادياً لهم في مدينة غارقة بالنزوح، إلى أن تكشّفت معالم كمين إسرائيلي في المنطقة، إذ تخفّت قوة إسرائيلية خاصة في زيّ نسائي، واقتحمت منزلاً يعود إلى عائلة سرحان – وهو منزل متضرر جزئياً جراء قصف إسرائيلي سابق -، حيث نفّذت عملية اغتيال بحقّ أحمد كامل سرحان، القيادي في «ألوية الناصر صلاح الدين»، قبل أن تختطف زوجته وطفله، وتتخذهما درعيْن بشرييْن، وتنسحب تحت غطاء ناري كثيف استُخدم فيه سلاح الجو والمروحية والمدفعية. وفي وقت لاحق، تحدّث أهالي حي المحطة عن العثور على صناديق تمويه وأعقاب ذخيرة وملابس نسائية مرمية داخل المنزل الذي اغتيل فيه سرحان.
وخلال أربعين دقيقة، شنّت طائرات العدوّ ومدفعيته أكثر من ثلاثين غارة، لتأمين انسحاب القوة الخاصة. إلا أن أصوات الانفجارات التي دوّت في المنطقة لم تكُن للتمويه فقط، بل أسفرت عن مجازر متلاحقة، طاولت منازل وخيام نازحين في أنحاء المنطقة، وألحقت دماراً واسعاً بمحيط «مجمع ناصر الطبي»، وهو المستشفى الوحيد المتبقّي في جنوب القطاع، والذي نُقلت إليه جثامين ستة شهداء خلال لحظات، قبل أن ترتفع حصيلة شهداء خانيونس إلى 16، حتى حوالي الساعة العاشرة صباحاً.
وبينما نفت مصادر إسرائيلية، تحدّثت إلى الإعلام العبري، أن يكون هدف العملية تحرير أسرى، كما أُشيع في بداية الأمر، دفع الهجوم، الذي لم تُعلن تل أبيب أهدافه رسمياً، وسائل الإعلام إلى التساؤل عن جدوى إرسال وحدات خاصة إلى مناطق مكتظة لتنفيذ عمليات معقّدة، بدلاً من اعتماد الضربات الجوية. وعلّق مراسل إذاعة جيش الاحتلال على العملية بالقول إنها «تعثّرت ولم تحقّق هدفها الحقيقي، ولا حاجة إلى اغتيال شخص من خلال تعريض قوة خاصة للخطر، إذ يمكن مهاجمته من الجو»، فيما قال المراسل العسكري الإسرائيلي، يوسي يهوشع، في حديثه إلى صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إن «هدف العملية الخاصة في خانيونس كان اعتقال القيادي الفلسطيني لاستجوابه وانتزاع معلومات منه عن الأسرى، لكنها فشلت».
في المقابل، نعت «ألوية الناصر صلاح الدين»، الجناح العسكري لـ«لجان المقاومة الشعبية»، في بيان، الشهيد سرحان، وهو مسؤول «العمل الخاص» في صفوفها، لافتة إلى أنه «واجه القوة المقتحمة ببسالة وصمود، وخاض اشتباكاً مباشراً معها حتى لحظة استشهاده». وأكّدت أن العملية التي نفّذتها القوات الإسرائيلية الخاصة قد فشلت في تحقيق أهدافها.
وفي الجنوب أيضاً، كانت عبسان الكبيرة وبلدة الفخاري، شرقي خانيونس، هدفاً للقصف المكثّف، حيث استُهدف منزل لعائلة مصبح في عبسان، وآخر في حيّ العمور في بلدة الفخاري، ما أدّى إلى استشهاد أم وأطفالها الستة من عائلة العمور، بالإضافة إلى استشهاد 5 من عائلة أبو دقة في قصف مدفعي إسرائيلي على منزل في الفخاري أيضاً. كما استهدف العدوّ مواقع أخرى في شارع أبو ظريفة في عبسان، موقعاً إصابات جرى انتشال بعضها من بين الأنقاض، وبينها لأطفال.
وفي وقت لاحق، طاول القصف الإسرائيلي خيام النازحين في بني سهيلا شرقي خانيونس، ومحيط «جامعة الأقصى» في غرب المدينة، ومنطقة الكتيبة، ومحيط منطقة بطن السمين، بالإضافة إلى إحدى مدارس الإيواء في جوار مستشفى «ناصر»، ومستودع المستلزمات الطبية التابع للمستشفى.
أما في الوسط، فكان مخيم النصيرات ميداناً مفتوحاً للطائرات الإسرائيلية، والتي استهدفت خياماً للنازحين قرب مقبرة السوارحة، ما أدّى إلى استشهاد ستة فلسطينيين بينهم طفلان. كما قُصف منزل لعائلة عيد جنوب النادي الأهلي، وآخر لعائلة دخان في مخيم رقم 1. ونالت دير البلح، كذلك، نصيبها من القصف المتوحّش الذي طاول منازل في أرض أبو جميزة ومنزلاً لعائلة أبو دان، وأوقع شهداء ومفقودين. أيضاً، أُبلغ عن قصف في شارع المزرعة حيث استُهدف منزل لعائلة اللوح استشهد فيه 3 أشقاء، وقُصفت مجموعة من المواطنين في منطقة المشاعلة غربي دير البلح، ليسقط شهداء ومصابون لم يُعرف عددهم.
أما شمالاً، فكانت لبيت لاهيا وجباليا الحصة الكبرى من المجازر الجديدة، إذ شهدت الفالوجا في جباليا قصفاً استهدف مجموعة من المواطنين قرب السوق، ما أسفر عن استشهاد خمسة منهم على الفور، بينهم شقيقان. وفي شارع النزهة في جباليا البلد، دوّت انفجارات متلاحقة، في وقتٍ طاول فيه القصف منازل في منطقة تل الزعتر ومحيط مستشفى «العودة».
وشمالاً أيضاً، فجّر جيش الاحتلال روبوتاً مفخّخاً غرب بيت لاهيا، فيما ألقت طائرة كواد كابتر قنبلة في محيط منطقة الرباط في مشروع بيت لاهيا. كما استشهد 3 أشخاص جراء قصف الاحتلال مجموعة من المواطنين على الدوار الغربي في المدينة، والتي استهدف فيها كذلك حيَّي المنشية والحطبية ومناطقها الشمالية والغربية.
وفي مدينة غزة، توالت الغارات على حيّ التفاح ومنطقة اليرموك وملعبها، حيث سقط شهداء إثر قصف مباشر من طائرات الاحتلال المُسيّرة على مجموعة من الشبان. كما استُهدفت منازل في مناطق متفرقة، وسط شحّ شديد في المياه، وتراكض الأطفال خلف صهاريجها في مشهد بات يكرّر نفسه يومياً.