مقالات

“من يزرع الكراهية يحصد الغضب: إسرائيل بين وهم الانتصار وحقائق السقوط الأخلاقي”

بقلم: مروان سلطان – فلسطين

“من يزرع الكراهية يحصد الغضب: إسرائيل بين وهم الانتصار وحقائق السقوط الأخلاقي”

 

✍️ بقلم: مروان سلطان – فلسطين | 22 أيار/مايو 2025

عندما تغيب العدالة من بين أيدي البشر، فإنها لا تغيب من حساب القدر، ولا من قوانين الكون التي تحكمها العدالة الإلهية. وكما يقول الله تعالى في كتابه الكريم: وتلك الأيام نداولها بين الناس، فإن الظلم لا يدوم، ودوام القوة لا يعني دوام الشرعية.

كانت إسرائيل، حتى وقت قريب، تعتقد أنها نجحت في تجاوز القضية الفلسطينية، وأنها قادرة على طيّ هذا الملف إلى الأبد. فمنذ نشأتها، عملت على تقطيع أوصال الشعب الفلسطيني، وتمزيق نسيجه الاجتماعي، وعزله عن محيطه العربي، وتعزيز الانقسام الداخلي. ومع عدوانها الشامل بعد 7 أكتوبر، بدا واضحًا أن هدفها لم يكن الردع فقط، بل تفتيت ما تبقّى من وحدة وطنية فلسطينية، وزرع بذور كراهية عابرة للأجيال، ستدفع المنطقة ثمنها طويلًا.

الصورة من الداخل الفلسطيني تُظهر شعبًا مُنهكًا، يواجه آلة قمع لا تهدأ، وسط بيئة سياسية ضعيفة ومقاومة مستنزفة. في المقابل، تحكم إسرائيل اليوم حكومة يمينية متطرفة، تسعى إلى فرض واقع جديد عنوانه: “أسرلة فلسطين”، عبر ضم ما تستطيع من الضفة الغربية، وتهجير السكان، وتوسيع حدود الدولة العبرية على حساب الدول المجاورة.

لكن داخل إسرائيل نفسها، لم تعد الأمور كما كانت صباح السابع من أكتوبر. فاستطلاعات الرأي الأخيرة تشير إلى أن نحو 70% من الإسرائيليين يؤيدون وقف الحرب على غزة، بعد أن أدركوا كلفتها الباهظة. قادة سياسيون مثل يائير لابيد ويائير غولان انتقدوا علنًا سلوك الحكومة، محذّرين من عزلة دولية متصاعدة، وتدهور اقتصادي حاد، وانحراف عن القيم الإنسانية. قال غولان بوضوح: “الدولة العاقلة لا تقتل الأطفال كهواية”.

أما على الساحة الدولية، فقد بدأت مواقف العديد من الزعماء تتغير. أصواتٌ أوروبية دعمت إسرائيل يومًا أصبحت اليوم تنتقدها علنًا. حتى دونالد ترامب – المعروف بدعمه التقليدي لها – وجّه ملاحظة قاسية لنتنياهو، داعيًا إياه إلى وقف الحرب، مدركًا أن الأخير يستخدم غزة كورقة سياسية للبقاء في الحكم أطول فترة ممكنة.

إسرائيل لم تعد قادرة على إخفاء جرائمها. ما يُرتكب في غزة من مجازر بحق المدنيين، يُوثّق يومًا بعد يوم على يد مؤسسات ومنظمات دولية دفعت ثمن شهادتها من دم موظفيها. والفضل في هذا التغيير يعود إلى تطور الإعلام الرقمي، ونشاط الدبلوماسية الشعبية، والجهود الرسمية التي لم تعد تسمح بمرور الأكاذيب بلا مساءلة.

إن من يزرع الكراهية لن يحصد إلا مزيدًا من العنف والرفض والغضب. ومع كل جريمة، تخسر إسرائيل جزءًا من صورتها التي رُوّج لها طويلاً كـ”دولة ديمقراطية”. لقد أصبحت في نظر العالم دولة تحتقر القانون الدولي، وتبني سياساتها على الإقصاء والقتل والتشريد.  والمؤكد أن من يمعنون في القتل والدمار، ويستهينون بدماء الأبرياء، لن ينجوا من الحساب. قد يتأخر الزمن، وقد تصمت الحكومات، لكن ذاكرة الشعوب لا تموت، وعدالة التاريخ لا تغيب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب