مقالات

اشهر الخطوط الدفاعية ومصيرها بقلم الدكتور ضرغام الدباغ / برلين

بقلم الدكتور ضرغام الدباغ / برلين

اشهر الخطوط الدفاعية ومصيرها
بقلم الدكتور ضرغام الدباغ / برلين
ما هي وظيفة الخطوط الدفاعية ؟
لعلنا لا نبالغ في القول، أن المخططين لمعظم الخطوط الدفاعية في العالم وعبر العصور، لم يراودهم الشك أن هذه الخطوط قابلة للأختراق، ولكن متى وكيف وبأي ثمن ذلكم هو السؤال المهم ..
بالطبع ليس كل خط دفاعي سيصمد حتماً، ولا كل مهاجم للخط سيفلح حتماً ..
اثبت اقتحام وسقوط خط “بارليف” صحة قول الجنرال الفرنسي اندريه بوفر: “إن خطوط الدفاع مهما كانت حصينة كقلاع خط “بارليف” سوف تبقى عرضة للاختراق والتدمير ما دامت القوات المهاجمة من القوة والكثافة والتنظيم والتصميم بالقدر الذي يضمن لها الغلبة، وقد وثبت أن الخطط العسكرية الإسرائيلية التي اعتمدت على خطوط ثابتة محصنة على قناة السويس إنما اعتمدت على فكرة بالية من الناحية العسكرية، لم يعد يأخذ بها الاستراتيجيون منذ الحرب العالمية الثانية.
ما هي وظيفة الخطوط الدفاعية ؟
لعلنا لا نبالغ في القول، أن المخططين لمعظم الخطوط الدفاعية في العالم وعبر العصور، لم يراودهم الشك أن هذه الخطوط قابلة للاختراق يوماً ما، ولكن متى وكيف وبأي ثمن ذلكم هو السؤال المهم ..
إن خط الهدنة، أو خط وقف إطلاق النار، أو الحدود الدولية لدولة ما، عندما يتحول إلى خط دفاعي عن دولة بكل مقوماتها، سيدفع بجيش الدولة (س) إلى أن ينتشر وفق نظام معين، وبالتالي فأن أي جيش لا يبقى في العراء، وطالما ليس في معسكراته الثابتة الدائمية، فإنه سوف يحفر حماية لأفراده ومعداته، من القصف المعادي، ومن استطلاع العدو، ويتقى هجمات العدو، وهذه سلسلة بديهيات ستقود إلى إقامة خط دفاعي، وإذا كان القرار السياسي للدولة يستبعد بدرجة مطلقة، أو جزئية شن الهجوم على العدو، فذلك يعني أن الخط الدفاعي لابد أن يكون مصمماً لأن يتلقى الهجمات القوية. الثابتة منها والمتحركة. فقد كانت القوات الخاصة المصرية تغير بشكل دائمي على خطوط بارليف وتعود إلى الضفة الغربية للقناة وقد ألحقت الأضرار بجيش العدو ومعداته.
بالطبع ليس كل خط دفاعي سيصمد حتماً، ولا كل مهاجم للخط سيفلح حتماً .. في اختراق الخط الدفاعي، ومن المؤكد أن التكنولوجيا والزج المتواصل الكثيف للمنجزات العلمية سوف تسهل على المهاجم عمله، ولكن الخطوط الدفاعية بدورها يمكنها الاستفادة من المنجزات العلمية، فأين يكمن الرأي الصائب ..؟
نكرر مقولة الجنرال الفرنسي والخبير الاستراتيجي أندريه بوفر ” أن أقتحام الجيش المصري لخط بارليف في حرب أكتوبر ــ تشرين الأول عام 1973 ” أن خطوط الدفاع مهما كانت حصينة، كقلاع خط بارليف، فإنها سوف تبقى عرضة للأختراق والتدمير، ما دامت القوات المهاجمة من القوة والكثافة والتنظيم والتصميم بالقدر الذي يضمن لها الغلبة، وقد ثبت أن الخطط العسكرية الإسرائيلية التي اعتمدت على خطوط ثابتة محصنة على قناة السويس، إنما اعتمدت على فكرة بالية من الناحية العسكرية، لم يعد يأخذ بها الاستراتيجيون منذ الحرب العالمية الثانية “.
لاشك أن في قول الخبير الفرنسي الكثير من الصحة، فلا ينبغي لدولة أن تطمئن على وجودها وعلى مصالحها الوطنية وسلامة قواتها خلف خطوط دفاعية مهما بلغت من قوة ومنعة. وأغلب الظن أن القيادات الإسرائيلية كانت تدرك أن هذا الخط سوف يخرق ويدمر يوماً ما، ولكن لكي يدمر ينبغي صرف الكثير من الجهد والمال وبذل التضحيات الجسيمة وربما الجسيمة جداً لتحقيقه، وبعد أن يتم للمهاجم ذلك، هل سيكون بوسعه تحمل الهجمات المضادة ..؟
هذه معركة والحرب سجال، ولكي يربح طرف ما الحرب عليه تقليب كافة الاحتمالات القريبة والبعيدة، وحتى تلك التي يظن أنها مستحيلة، فقد قال خبراء غربيون وصحفيون أن خط بارليف لا يمكن اجتيازه إلا بقنبلة ذرية ..!
إذن حدث في التاريخ أن ردت الخطوط الدفاعية مهاجماً لم يحسن هجومه ولم يحكم خططه الاقتحامية، أو خط دفاعي أخطأ المدافعين عنه. ولكن الخط الدفاعي إذا كانت الرؤية السياسية والقرار السياسي / العسكري صائباً في إقامته، يمكن أن يصد مهاجماً لا يمتلك العزيمة والقدرة، كما ردت أسوار القسطنطينية مرات كثيرة جيوشاً غازية، بسبب إحكام الدفاع، ولكن تلك الأسوار انهارت إمام إصرار جيش السلطان محمد الفاتح العثماني بعد أن بعض قادة الجيش العثماني قد بدا عليهم التراجع أمام إصرار المدافعين عنه، ولكن قوة القائد وإصراره تغلبت أخيراً.
1. خطوط مانرهايم الفنلندية لم تكن منيعة جداً، ولكن هجوم الجيش السوفيتي كان مرتبكاً، وإصرار الفنلنديين في الدفاع عن وطنهم، والسوفيت نجحوا بأختراق الخط أكثر من مرة، ولكن بخسائر باهضة جداً، فتوقفوا عن مزيد من التقدم، خشية مزيد من الخسائر.
2. خط إيبين إيمايل (بلجيكا) أنيق وجميل، ولكنه لا ينتمي للقرن العشرين، ربما كان يصلح قرنين أو ثلاثة خلت، ومع الدقة والتخطيط الممتاز، سقط بسرعة وسهولة.
3. خط ماجينو الفرنسي سقط في الحرب العالمية الثانية دون إطلاق قذيفة واحدة، لأن عبقرية الأركان الألمانية اجتازته بالدخول إلى بلجيكا والالتفاف عليه.
4. خط زيغفريد الألماني سقط، لأن القوة العسكرية الألمانية كانت متهالكة في الأيام الأخيرة من الحرب، ولأن القيادة الألمانية ارتكبت خطأ فادحاً بفتح الجبهة السوفيتية فالتهمت موارد الألمان.
5. جدار الأطلسي الألماني اخترق، لأن القيادة العسكرية الألمانية أخطأت في تقدير محور الجهد الأساسي في حملة الحلفاء في إعادة احتلال أوربا. كعامل ذاتي، وألتهام الجبهة الشرقية (مع الاتحاد السوفيتي) للموارد الألمانية، أدى إلى نقص في العتاد(الوقود خاصة)، وشحة في الأفراد، لذلك لم تكن هناك قطعات تستثمر الفوز الذي حققه هجوم الآردين لاحقاً.
وفي عصرنا الحاضر (2017) الولايات المتحدة الأمريكية مصممة على تطوير الخط / السياج الحدودي الحالي مع المكسيك، الذي يتألف من عدة انطقة من الأسلاك الشائكة، مدعمة بالألغام، وبكاميرات المراقبة التي تلاحظ أي خرق، وبطائرات سمتية تتدخل بسرعة لمعالجة أي موقف (بحسب درجته) ودوريات حرس حدود كثيفة، ولكن كل ذلك لا يمنع عصابات تهريب المخدرات وعصابات تهريب البشر من النشاط وبقوة مبتكرين أساليب لا تخطر على البال.
الولايات المتحدة قد وضعت مخططاً لجدار اسمنتي سميك تأمل أن يكون عازلاً ناجحاً، ولكن هناك احتجاجات من الجارة المكسيك، ورفض المساهمة بنفقاته العالية، وربما هناك حتى أمريكيون يرون في الجدار مبالغة ….
الدفاع عن الأوطان لا يبدأ ولا ينتهي بخط، بل بخطط سياسية استراتيجية عميقة بصفحاتها المتعددة، تحسب لكل احتمال حسابه، وتعد البلاد إعداداً جيداً، وهذا قد يستغرق سنوات طويلة. فالألمان يعلمون أطفالهم في المدارس : الروضة والأبتدائية والمتوسطة والثانوية .. السباحة، الضرب على الآلة الكاتبة (الآن الكومبيوتر) والتدريب البدني العنيف، وقيادة السيارات، وأحياناُ القفز بالمظلات، وأستخدام الأجهزة اللاسلكية، والتمريض والاسعافات الأولية، والدفاع المدني، وفعاليات أخرى … وهكذا لديهم أجيال تمتلك القدرة على مواجهة حالات الطوارئ.
المركز العربي الألماني L برلين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب