تحقيقات وتقارير

المغتربون والبطاقة الممغنطة واحتساب الأصوات | معركة على قانون الانتخاب: مقترحات لـ«الحرتقة»… والضغط والابتزاز!

المغتربون والبطاقة الممغنطة واحتساب الأصوات | معركة على قانون الانتخاب: مقترحات لـ«الحرتقة»… والضغط والابتزاز!

افتتحت القوى السياسية الانتخابات النيابية بمعركة على قانون الانتخاب، تتركّز بشكل أساسي على المادة التي تمنح المغتربين ستة مقاعد، بدلاً من تصويتهم للمرشحين الـ 128 في لبنان

رلى إبراهيم

قبيل 11 شهراً على الانتخابات النيابية، افتتحت القوى السياسية رسمياً المعركة في ما بينها من داخل مجلس النواب، تحت عنوان أساسي: قانون الانتخاب.

فالقانون الرقم 44/2017 الذي خيضت الانتخابات النيابية على أساسه عامَي 2018 و2022 لم يُطبّق كاملاً، وإنما عُلّقت بعض موادّه لمرّة واحدة، على أن يتم العمل بها مجدّداً في الاستحقاق المقبل، أي انتخابات عام 2026.

غير أن بعض القوى التي استفادت من عدم تطبيق تلك المواد، ولا سيما تلك المتعلقة باقتراع غير المقيمين، لا ترغب اليوم بإعادة العمل بالمواد 111، 112، 113 و122 التي تتحدّث عن إضافة ستة مقاعد لغير المقيمين، أي المغتربين، موزعةً على القارات الست، إلى مقاعد المجلس النيابي، ليصبح عدد النواب 134 نائباً. لذلك يبدو هذا البند بمثابة قنبلة يتقاذفها النواب داخل الاجتماعات، ولن يطول الأمر قبل أن تنفجر، وينتقل الخلاف إلى الحكومة ويهدّد بإطاحتها.

المغتربون قنبلة موقوتة

حتى الساعة، عقدت اللجنة الفرعية المكلّفة بمناقشة قانون الانتخاب برئاسة نائب رئيس المجلس النيابي إلياس بو صعب، اجتماعين آخرهما أمس.

ورغم كل مساعي تضييع الوقت و«حرتقة» كل حزب على غريمه، عبر الاستفاضة في مناقشة قوانين انتخابية لا مجال لتطبيقها بسبب الاختلاف حولها، يتركّز الاهتمام الأبرز على ثلاث مسائل: اقتراع غير المقيمين، والبطاقة الممغنطة والـ«ميغاسنتر»، وطريقة احتساب الأصوات.

في المسألة الأولى، يُفترض بحسب القانون أن تضاف مقاعد المغتربين الستة في الدورة المقبلة، إذ ينص القانون على اقتراع غير المقيمين في لبنان للمرشحين في القارات الست حصراً، دون القدرة على الاقتراع للمرشحين الـ 128 في السفارات والقنصليات كما حصل سابقاً.

ففي عام 2022، كان تأثير المغتربين كبيراً جداً على نتائج الانتخابات النيابية، إذ ساهمت أصواتهم في بعض الدوائر بإسقاط مرشح وفوز آخر.

ونتيجة للأجواء السياسية التي أعقبت حراك 17 تشرين 2019، مالت غالبية الأصوات إلى صالح «قوى التغيير» والمعارضة، في حين انكفأ ناخبو الأحزاب، ولا سيما حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر، وفضّل بعضهم عدم الاقتراع في دول الخليج وأميركا وغيرها، خوفاً من خسارة عملهم أو التضييق عليهم والمسّ بعائلاتهم ومصالحهم.

لذلك يبدو الانقسام واضحاً في اللجنة الفرعية بين «قوى التغيير» و«القوات اللبنانية» وحزب الكتائب والمُستقلّين الراغبين بتعديل مواد القانون، حتى يُصوّت المغترب للمرشحين في لبنان، وليس للمرشحين على أحد المقاعد السّتة في الخارج، بينما يتمسّك التيار بتطبيق القانون كما هو، وإلّا تغييره كاملاً لمصلحة قانون طرحه يعتمد النظام الأرثوذكسي.

أما الحركة والحزب، فيجدان أن عدم تطبيق القانون كما هو وتعديل المادة الخاصة بالاغتراب سيؤثّران عليهما، نظراً إلى التضييق الحاصل عليهما في أميركا وأوروبا والدول العربية ودول الخليج، وبالتالي سيُحرمان من القيام بأي حملات انتخابية في تلك الدول، كما باقي القوى السياسية، وسيخضع جمهورهما للترهيب والابتزاز، بما يحول دون تصويته لمصلحتهما.

وهو ما عبّر عنه النائب علي فياض بشكل واضح داخل الجلسات، مشيراً إلى عدم تكافؤ الفرص والعدالة والظلم الذي سيلحق بالحزب في حال تكرار التجربة السابقة.

وفي هذا السياق، لا يمانع الحزب إلغاء المقاعد الستة وترك الخيار للمغتربين بالقدوم إلى لبنان والاقتراع إذا ما أرادوا ذلك، من دون فتح السفارات والقنصليات للاقتراع في دول الاغتراب. بينما لا يزال موقف الحزب التقدمي الاشتراكي ضبابياً من هذا الموضوع، رغم أن النائب فيصل الصايغ كان من بين النواب التسعة الموقّعين مع «القوات» و«التغييريين» والمُستقلّين وحزب الطاشناق، على تعديل قانون الانتخاب لإعادة السماح لغير المقيمين بالاقتراع في الدول التي يتوزعون عليها (للـ 128 نائباً).

وهو تعديل أعدّته 20 مجموعة اغترابية وقامت بالتسويق له مجموعة «كلنا إرادة» ثم قُدّم كقانون معجّل مكرّر، لكنه لم يصل إلى اللجنة الفرعية لمناقشته بعد، لأن الهيئة العامة لم تنعقد منذ تاريخ تقديمه.

وهنا برز انقسام حادّ بين الفريقين: يقول الفريق الأول إن معارضة الفريق الثاني للتعديل ومطالبته بالإبقاء على القانون كما هو وبالتالي إضافة ستة مقاعد، كل ذلك يتمّ بناءً على مجموعة مصالح سياسية.

في حين يرى الفريق المؤيّد لإبقاء القانون كما هو أن من يطرح التعديل على قانون متّفق على مواده سابقاً هو من يقوم بتفضيل مصالحه السياسية على القانون النافذ المفعول.

وأمس، حضر وزير الداخلية والبلديات، أحمد الحجار، جلسة اللجان، حيث وجّه النواب مجموعة من الأسئلة حول هذا البند تحديداً وكيفية تطبيقه في حال إضافة المقاعد السّتة في الخارج لناحية طريقة توزيع المقاعد طائفياً وآلية الانتخاب بحسب النظام النسبي، إذا كان ثمّة مقعد واحد في كل قارة، إضافةً إلى مهل الترشح وأهلية المرشحين.

ووعد الحجار بنقل تلك الأسئلة إلى الحكومة والعودة بأجوبة عليها في الجلسة المقبلة التي ستنعقد الأربعاء المقبل، ولا سيما أن البيان الوزاري تضمّن بنداً حول إعداد قانون انتخاب عصري، ما يضع مسؤولية على الحكومة بإيضاح تلك المسألة لمجلس النواب.

تعديلات «على الطلب»

في النقطة الثانية، تحضر البطاقة الإلكترونية الممغنطة (المادة 84 من القانون 44/2017) التي كانت محور الحديث مع وزير الداخلية، كونها من صلب مهام الوزارة.

وقد أشار الحجار إلى متطلّبات لوجستية ومالية للتمكّن من اعتمادها في الانتخابات المقبلة، وهو ما ليس متوفّراً حتى الساعة.

والبطاقة التي تجري مناقشتها تسمح للناخب بالاقتراع في دائرته من مكان سكنه بواسطة بطاقة ممغنطة، تشبه البطاقة المصرفية التي يمرّرها العميل على الآلة، فتقرأ اسمه وكل المعلومات المتعلقة به. ويتطلّب تفعيلها وصل سبعة آلاف قلم اقتراع على خادم رئيسي في وزارة الداخلية، حيث يتم شطب الناخب تلقائياً فور انتخابه، كي لا ينتخب مرتين في مراكز مختلفة.

كما يتطلّب الأمر تدريب موظفين وإنشاء شبكة بيانات آمنة وبنية تحتية متينة وبرامج حديثة، وكلّها متطلبات لا تملك الدولة لا المال ولا العديد لتنفيذها، ما يرجّح تأجيل العمل بهذه المادة مرة أخرى. أما الـ«ميغاسنتر»، فهو إصلاح قابل للتطبيق، ولا سيما أنه جرى تنفيذه بشكل مصغّر في الجنوب خلال الانتخابات البلدية الأخيرة، كما في السفارة بالنسبة إلى المغتربين في انتخابات 2022.

وهو يتيح للناخب التسجيل المُسبق والاقتراع ليس في مكان قيده، وإنما في مراكز الاقتراع الكبرى التي تنشئها الدول في المدن والتجمعات السكنية الكبيرة، من دون الحاجة إلى بطاقة ممغنطة أو برامج إلكترونية متقدّمة.

أما النقطة الأخيرة، فتتعلق بتعديلات مطلوبة تتعلق بتغيير تقسيم بعض الدوائر، وتحديد حدّ أدنى من الأصوات التي يجب على المرشح نيلها، أو نسبة معينة من الحاصل حتى يتمكّن من الفوز، تفادياً لإعادة إنجاح مرشحين بعدد أصوات لم يتخطَّ السبعين، في بعض الأماكن.

إلى جانب هذه النقاط التي ستُشكّل محور الصراع الأساسي بين الأحزاب في الفترة المقبلة، ثمة في المقابل مسعى لتغيير القانون الانتخابي أو الضغط السياسي لتحقيق مكاسب وفرض تعديلات كبيرة على القانون. وقد افتتح رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس «القوات» سمير جعجع هذا الصراع، عبر إشارة بري إلى أن القانون الحالي هو قانون «مسخ» ونتائجه «خربت البلد» ولا يُمكن السير به.

ليردّ عليه جعجع بتأكيد أن القانون «ممتاز» وحقّق صحة التمثيل للمرة الأولى، معتبراً أنه إذا كان هناك مسعى لتغييره فيفترض «إعادة النظر في التركيبة اللبنانية». وما بين الاثنين، بلغ عدد القوانين المُقدّمة إلى مجلس النواب خمسة: الأول من النائب علي حسن خليل ويطرح فيه قانون يعتمد النسبية على أساس لبنان دائرة واحدة خارج القيد الطائفي، مع إلغاء الصوت التفضيلي، واعتماد لوائح مقفلة، وإنشاء مجلس شيوخ.

والثاني قدّمه التيار وينص على انتخاب كل طائفة لنوابها، إضافة إلى تعديلات تتعلق بالكوتا النسائية والـ«ميغاسنتر» والبطاقة الممغنطة. والثالث قدّمه حزب الكتائب ويعتمد الدائرة الفردية والصوت الواحد.

والرابع قدّمه النائب نعمت أفرام، وينص على انتخاب 64 نائباً من خارج القيد الطائفي و64 شيخاً يشكّلون مجلس الشيوخ على أساس النظام الأرثوذكسي. أما الاقتراح الخامس، فقدّمه النائبان ملحم خلف ونجاة عون ويتعلق أيضاً بإنشاء مجلس شيوخ من خمسين عضواً، ولايته خمس سنوات، ويُنتخب بالاقتراع العام على دورة واحدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب