الصحافه

معاريف.. قراءة لنبرة كيسنجر وترامب: هل هُزمت إيران هزيمة مصر عام 1973؟

معاريف.. قراءة لنبرة كيسنجر وترامب: هل هُزمت إيران هزيمة مصر عام 1973؟

إن تصريحات الرئيس ترامب الغاضبة تجاه الشريك الإسرائيلي الذي وصف بأنه الحليف الأكثر ولاءً، ليست مفاجئة، بل العكس؛ هي تشكل تعبيراً موجزاً عن فهمه للقوة العسكرية كرافعة قوية يفترض أن تؤدي إلى خطوة دبلوماسية شاملة بقيادة الرئيس الـ 47.
في تفكير ترامب، الذي يتبنى نهج كيسنجر الواقعي، باعتبار الخطوة العسكرية شرطاً مركزياً لنجاح هو قدرة الطرف المنتصر على وقف القتال قبل هزيمة العدو نهائياً، وعدم الانجرار وراء الإنجازات في ميدان المعركة. فالرغبة في إحداث تصفية تامة للخصم ربما تدخل لاعبين إضافيين إلى الساحة وتؤدي إلى تصعيد خطير. نهج “الواقعية السياسية” هذا الذي يسعى إلى تنظيم “اللعبة الكبرى” في داخل ميزان قوى يحسن للولايات المتحدة، هو الإرث الأكبر لوزير الخارجية الأسطوري.
توازن ما من أجل السلام
في أواخر حرب يوم الغفران، عندما قلب الجيش الإسرائيلي وجه المعركة وحاصر الجيش المصري الثالث، طلب كيسنجر بحزم من غولدا مائير رفع الحصار. وهدد بأن تفتح قوات الأسطول السادس الأمريكي مسار انسحاب للجيش المصري المهزوم.

دافع هذه الخطوة تجاه إسرائيل – التي هرعت إدارة نيكسون لنجدتها من خلال قطار جوي قبل وقت قصير من ذلك– نبع من تخوف كيسنجر من عدم نجاح مسيرة سياسية بين إسرائيل ومصر في ظروف من انعدام تماثل متطرف. استسلام الجيش المصري كان سيجسد حجم هزيمة مهينة للقاهرة ويشطب النجاحات الأولية للهجوم المفاجئ في حرب يوم الغفران. وقد أتاح هذا في نهاية الأمر اتفاق السلام بين القدس والقاهرة، وفرار مصر من الكتلة السوفياتية إلى الكتلة الغربية.
هذا النهج ذاته ينطبق أيضاً على تفكير ترامب اليوم، فعلى الرغم من أن إسرائيل أضرت البنية التحتية العسكرية لإيران، والمشروع النووي وقيادتها العسكرية والعلمية، فإن نظام آية الله لا يزال على قدميه. لقد حاولت القيادة الإيرانية أن تسوق المعركة لشعبها كقصة بطولة حتى حيال القصف الأمريكي في فوردو. الرد الإيراني – إطلاق صواريخ قليلة على قاعدة أمريكية في قطر – كان رمزياً ولا يحمل أي قيمة عسكرية، لكنه سمح لطهران بعرض صورة نصر وهمي لداوود أمام جالوت أمام ساحتها الداخلية.
المصلحة العامة تغلبت
هامش الهبوط المصطنع والسخيف الذي خلقته إيران عن نتائج المعركة سمح لها بالموافقة على وقف النار دون أن تعترف بالاستسلام. وشعر البيت الأبيض بالتزام لمنع رد إسرائيلي على الخروقات الإيرانية لمنع التدهور أو اتساع الحرب بشكل يعطل رؤيته الدبلوماسية الكبرى إزاء الاستقرار الإقليمي، وهذه المصلحة تغلبت على تقديره وتماثله مع الخطوة العسكرية الإسرائيلية.
بالنسبة لأسلوبه الفظ تجاهها، لم يتميز ترامب قط بلسان حساس ومنضبط، وإن كان ترامب سيطلق لاحقاً نغمات لطيفة على الأذن الإسرائيلية بعد استسلام رئيس الوزراء للضغط الرئاسي واكتفائه برد طفيف جداً.

بعد كل شيء، لا ننسى: كيسنجر أيضاً، رجل هارفرد المتمرس وطليق اللسان، كان فظاً جداً عندما اعترف بأنه “مارس كل الأدوات وروافع الضغط التي كانت تحت تصرفه”، كي يجبر إسرائيل على رفع الحصار عن الجيش المصري الثالث، إذن لا جديد تحت الشمس.

البروفيسور أبراهام بن تسفي
معاريف 25/6/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب