رئيسيالافتتاحيه

الإصلاح بين متطلبات الإرادة الشعبية وضغوط المتطلبات الخارجية

الإصلاح بين متطلبات الإرادة الشعبية وضغوط المتطلبات الخارجية

بقلم رئيس التحرير

يُطرح ملف الإصلاح في السياق الفلسطيني بوصفه استجابة ضرورية للأزمات المتراكمة التي تواجه المجتمع والمؤسسات. غير أن مراجعة دقيقة لمضامين ما يُقدَّم من إجراءات تحت عنوان الإصلاح تُظهر فجوة واضحة بين ما تفرضه التحديات الوطنية وما يجري تطبيقه فعلياً على الأرض.

الإصلاح… بين التصور والواقع

الإصلاح في السياق الوطني ليس مجرد عملية تقنية أو إدارية، بل هو مسار سياسي واجتماعي واقتصادي شامل، يعكس إرادة المجتمع ويستجيب لأولويات الصمود في مواجهة الاحتلال وتحديات الاستقلال الوطني والتنمية المستدامة.

غير أن جزءاً كبيراً مما يُطرح اليوم لا يعبر بالضرورة عن هذه الأولويات، بل يتقاطع بشكل واضح مع متطلبات مانحين دوليين وإقليميين، ويتركز على جوانب مالية وإدارية، دون معالجة جوهرية لمحددات الأزمة السياسية أو الاجتماعية، أو تعزيز بنية الصمود في ظل الاحتلال.

الفجوة مع الإرادة الشعبية

الملاحظ أن مسار الإصلاح الحالي يجري بمعزل عن حوار وطني شامل، ودون إشراك حقيقي للمجتمع المدني والنقابات والقوى الاجتماعية. الأمر الذي يؤدي إلى اتساع الفجوة بين مؤسسات الحكم والمجتمع، ويُضعف الثقة العامة بالإجراءات المتخذة.

تستند هذه البرامج في كثير من الأحيان إلى مقاربات اقتصادية مرتبطة بالسوق، وتعتمد على آليات تخفيف الأزمات المالية، دون إحداث تغيير جذري في بنية الاقتصاد الفلسطيني الذي يعاني من التبعية والقيود الناتجة عن الاحتلال.

الإصلاح ضرورة وطنية… ولكن بشروط واضحة

لا جدال في أن الإصلاح حاجة وطنية ملحّة، بل ضرورة لبناء مؤسسات قادرة وفعالة، وتعزيز قدرة المجتمع على الصمود. لكن الإصلاح الحقيقي لا يمكن أن يُختزل في إجراءات مالية أو إدارية معزولة، بل ينبغي أن ينطلق من المبادئ الآتية:

  1. إعادة بناء الشرعية السياسية الفلسطينية من خلال انتخابات ديمقراطية شاملة، تضمن تجديد التمثيل وإشراك جميع القوى.
  2. تعزيز سيادة القانون والحريات العامة كمدخل أساسي لاستعادة الثقة بين المجتمع ومؤسسات الحكم.
  3. إصلاح اقتصادي يرتبط بفك التبعية وتطوير الإنتاج الوطني، لا اقتصاد يقوم على إدارة الأزمات أو الاعتماد على المساعدات المشروطة.
  4. إطلاق عملية حوار وطني شامل ومستمر، يضمن توافقاً مجتمعياً على أولويات الإصلاح ووسائله، بعيداً عن الإملاءات الخارجية.
  5. ربط برامج الإصلاح بشكل وثيق بمقومات الصمود الوطني، خصوصاً في القدس والمناطق المهددة بالاستيطان وفي قطاع غزة والمخيمات.

إن أي عملية إصلاح لا تنبع من الإرادة الشعبية ولا تستند إلى أولويات المجتمع الفلسطيني في ظل ظروف الاحتلال والتحديات السياسية والاقتصادية، ستظل قاصرة عن تحقيق أهدافها الحقيقية. الإصلاح ليس خياراً فنياً أو إدارياً، بل مسار وطني متكامل، يتطلب توافقاً داخلياً وإرادة سياسية واضحة، توازن بين تحسين أداء المؤسسات وتعزيز قدرة المجتمع على الصمود في معركة البقاء والتحرر مما يتطلب بالدرجة الأولى تدعيم صمود المواطنين وتثبيتهم على أرضهم وعدم تحميلهم ما لا يمكن تحمله من إجراءات تثقل عليهم من فرض ضرائب مباشره وغير مباشرة في ظل تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي ويندرج كل ذلك تحت بند الإصلاحات وهو ابعد ما يكون عن مفهوم الإصلاحات بمعناه الحقيقي والتي تتم تحت الضغوط الخارجية وليست استجابة للإرادة الشعبية لمفهوم الإصلاح

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب