مقالات

طرابلس والحرائق المفتعلة ، من يُخرِج المدينة من آتون اللَّهَب . بقلم نبيل الزعبي -طليعة لبنان –

بقلم نبيل الزعبي -طليعة لبنان -

طرابلس والحرائق المفتعلة ، من يُخرِج المدينة من آتون اللَّهَب .
بقلم نبيل الزعبي -طليعة لبنان –
على بُعْدِ أمتار ٍقليلة من الحدود الإدارية لمدينة طرابلس في محلة راس مسقا ، وقبل اسبوع من استحقاق الانتخابات البلدية الأخيرة لمحافظة الشمال ، فوجئ المواطنون بحريقٍ هائل أتى على احد المنتجعات السياحية بشكلٍ لم يكن متوفراً فيه اية امكانية لإخماد النيران بالسرعة المطلوبة وما كشف عن احدى اهم فجوات العمل البلدي وما سبق وتعرضت له سرية الإطفاء التابعة لاتحاد بلديات الفيحاء شبه المتوقفة عن العمل بعد اهمال متكرر غير مسبوق ليدفع هذا المنتجع ومالكيه الاثمان الباهظة جرّاء ذلك ، الأمر الذي يستدعي وضع اليد على مختلف مراحل الفساد الذي تعرّضت له طرابلس واتحاد بلديات الفيحاء بعد ان تم مصادرة قرارها طوال السنوات الماضية على يدي محافظ اجمع القريب والبعيد على معاداته الدفينة للمدينة فلم يحبّه ابناؤها يوماً ولا يكفي كفّ يده ووضعه في تصرُّف وزير الداخلية بعد انتشار فضيحة حجبه التصاريح لمندوبي بعض اللوائح لمصلحة لائحة السلطة اثناء انتخابات بلدية طرابلس مؤخراً ، وانما المطلوب وبإصرار فتح ملفاته ومحاسبته بالتزامن مع فتح الطرابلسيين صدورهم لمجلس بلدي جديد من الواجب الترحيب به والتعويل عليه مستقبلاً وحماية المدينة من امثال هذا المحافظ ومن يسانده ويحميه سواء على ايدي هذا المجلس الجديد او ما ستسفر عنه الطعون غداً بكل العملية الانتخابية لبلدية طرابلس والى ما سوف ترسو عليه ، إبقاءً للواقع او تغييراً فيه .
ما حصل للمنتجع السياحي المحروق يعيدنا إلى مبنى البلدية الذي أُحرِقَ بدوره لخمس سنوات خلت ولكن بفعل فاعل ولم يزل على ما هو عليه دون ان تمتد اليه يد الترميم واعادة الإعمار لينهي رئيس بلدية طرابلس المنتهية ولايته بوضع لوحةً رخامية على مدخل القصر البلدي يعلن البدء في أعمال الترميم ، في ظل الخوف من كل ما يجعل حريقاً مماثلاً يتعرض للإهمال اياه في ظل وجود مجلس نأمل ان لا يخيَّب ثقة المدينة به فيكتفي بالوعود قبل ايام الانتخابات ثم يتموضع مع اية سلطة قائمة من منطلق نيل الرضا ان لم يكن في الامر انتهازيةُّ ما .
إلا انه وما ان تفاءلت المدينة بالتسوية الرضائية بين الفريقين المتنافسين الّذين اقتسما مركزي رئاسة بلدية طرابلس واتحاد بلديات الفيحاء بعد الانتخابات البلدية التي جرت في ١١/٥/٢٠٢٥ ، حتى فوجئ الجميع صبيحة يوم الثلاثاء ١/٧ بسحابةٍ غير مسبوقة من الدخان الأسود يظلّل المدينة والجوار على مدى يومين متتاليين بالسموم والروائح الكريهة والانبعاثات الخطرة الناجمة عن احراق الدواليب المطاطية في احدى ( البُوَر) في سقي طرابلس كتكرار لعمليات سابقة لم تجرؤ ، لا المجالس البلدية السابقة ولا الأجهزة الامنية على كشف مرتكبيها او من يحميهم حتى اليوم ولتبقى الحرائق تتحول من مكان ٍ إلى آخر في ظل وجود مكب نفايات يتجاوز عشرات الأمتار ارتفاعاً ويشكل بحد ذاته قنبلة بيئية موقوتة قد تجعلنا نترحم غداً على الحرائق التي سبقت والأخرى التي على الطريق .
غير انه من الأمور الطريفة المضحكة والمبكية في آن ، ان العضو البلدي المنتَخَب لرئاسة اتحاد بلديات الفيحاء أذاع تسجيلاً صوتياً قيل انه على سبيل المزاح يتحدث فيه عن “توزيع 110 كيلو من الكنافة في الاتحاد مشيرًا إلى أن عناصر الإطفاء لن يحصلوا على حصتهم إلّا إذا كان المبنى الذي سيتخذه مكتباً له نظيفاً ومُرتباً”بحسب تعبيره ليُفاجَأ بردودٍ قاسية على لسان العمال معتبرين ذلك “سقطةً”منه غير محسوبة ومذكّرينه انه لا يوجد في المبنى ، حتى المواد المطلوبة للتنظيف، المفقودة بدورها
إلى جانب مستحقاتهم المالية غير المدفوعة لهم لاشهرٍ عدّة ولطالما حذّروا من تفاقم الاخطار في حال تمادي الاهمال اللاحق بطرابلس وبلديتها واتحاد فيحائها خاصةً ايام كان للمدينة رئيس حكومة ووزير داخلية عاجزين عن تدارك هذه الاخطار والاستماع إلى صراخ الناس دون جدوى وكأنه لا حياة لمن تنادي ليفتح من جديد ملفات تعامل سياسيي طرابلس ونوابها وأثريائها مع مدينتهم وبلديتهم الأكبر في لبنان ، تاريخاً وجغرافيا وتجربةً وامكانيات .
فمن لم يصَدّق بعد ، سوى هؤلاء ان بلدية طرابلس هي من أغنى البلديات في لبنان ، وذلك باعتراف المواقع الأحصائية الأكثر تخصصاً وعلميّة وموضوعية في لبنان ، ومن لم يصدّق بعد ، سوى هؤلاء اياهم ايضاً ، ان طرابلس هي المدينة الأشد فقراً على شاطئ المتوسط بالرغم من امتلاكها لكل المقومات الاقتصادية للمدينة الثرية وفيها المصفاة للبترول والمعرض الدولي والمحجر الصحي والمدينة الرياضية الاولمبية ، تقابلها طرابلس أخرى داخلية تراثية تضاهي القاهرة بارثها المملوكي وقلعة تاريخية وُضِعَت أساساتها قبل الوجود الافرنج وحملاتهم على منطقتنا العربية بقرون عدة من السنين ، دون ان نغفل المرفأ وما جرى له من توسعة وانشاء منطقة صناعية وأحواض لا تقتصر اهميتها الاقتصادية على المدينة والجوار وحسب وانما هي شاملةُ غداً الداخل السوري وإلاعمار المرتقب في هذا البلد والذي بات على الابواب بعد ان تم رفع العقوبات عن البلد الشقيق .
من يتحمل سوى هؤلاء جرائم ادخال طرابلس في كل هذا الجحيم المتراكم عليها لعقود وعقود لإبقائها داخل آتون اللهب الذي لم يعد يطال الحجر والبشر والمؤسسات ، وانما روكِمَ كل ذلك بشرخٍ كبير احدثته التدخلات السياسية والنيابية في الانتخابات البلدية الأخيرة التي ، ربّما عجّت بطعونٍ غير مسبوقة في عمليات الانتخابات البلدية لتبقى المدينة في دائرة الانتظار ، هل يكون المجلس المُنتَخَب بمستوى التحدي بما يفوق التوقعات ويتحرر من الوصاية المستجدّة عليه رغم ما حصل من تسوية رضائية بين الطرفين المتنافسين الّذين اقتسما الفَوز في انتخابات البلدية والاتحاد ، ام ان هنالك ما سوف يُبنى على نتائج الطعون المقدّمة من اللوائح التي لم يُكتَب لها الفَوز ، وفي كلا الحالتين تعوّل المدينة على من يُخرجَها من نفق اللهب ويُبعِدُ عنها الحرائق غداً .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب