
الكرم صناعة عربية
بقلم الدكتور ضرغام الدباغ / برلين
أثناء مرحلة الدراسة في ألمانيا والتي استغرقت ثمان سنوات، كنا نتردد، الطلبة العراقيين والعرب إلى مقهى في قلب البلد، هو في الحقيقة مقهى أمامي لفندق ضخم يتألف من 34 طابق (أسمه شتات برلين ــ والآن اسمه بارك إن)، يعج دائماً بالضيوف والنزلاء، والمقهى بدوره كبير يستوعب ربما أكثر من مئة زبون، أنيق وجميل، يقدم المشروبات بأنواعها إضافة إلى الشاي والقهوة بالطبع، ومأكولات خفيفة، غير بعيدة عن جامعة برلين، لذلك كانت محطة أستراحة للطلبة العراقيين والعرب.
وكانت فتاة / سيدة طويلة القامة، جميلة، تعمل نادلة في هذا المقهى، كانت لطيفة التعامل، حاول البعض أن يجرها إلى أكثر من ذلك، فصدتهم بأدب بالغ، دون أن تخسر الود والصداقة الذي تكنه للطلبة والزوار العرب.
ذات يوم سألتها إن كانت قد شاهدت أحد أصدقائي فأجابت بالنفي، ولكنها قالت في أستطراد الحديث، أن بوسعها أن تميز العرب من دونهم تحديداُ، وقالت لي : يا سيد دباغ ألا تعتقد أني صرت خبيرة بكل أقوام الأرض، الكل من جميع الجنسيات يأتي لهذا الفندق وكأنه مطار والكل يجلس في هذا المقهى، وخلال سنوات من عملي هنا صرت أعرف الناس وطباعهم. العرب لهم صفات خاصة محددة وهم كذلك من المغرب حتى اليمن وحتى العراق وسوريا ، العرب كلهم ..
قلت لها : وما هي الصفة، يتحدثون بصوت عال، فأجابت ضاحكة : لا … هذه يفعلها غير العرب أيضاً، فقلت : يتحدثون جميعاً في آن واحد، قالت : لا وهذه يفعلها غيركم أيضاً، قالت شبئ واحد لا يفعله عدا العرب أبداً .. أبداً. قلت لها: وما هو ….
قالت يأتي العربي ينهض الجميع له أحتراماً، ثم يتبادلون التحية بالمصافحة أو التقبيل، وعندما يجلس يقدم الجميع له السكائر، ويطلبون له القهوة أو الطعام، وعندما يخرج أحدهم علبة سكائره يقدم للجميع قبل أن يشرع بالتدخين، وأخيراً الظاهرة العجيبة الغريب ..! لا يوجد شعب في العالم يتعاركون على دفع الحساب، هذه عجيبة لا يفعلها سوى العرب، الكرم صناعة عربية، لا يعرفها غيركم من أمم العالم، ربما هي من الخصائص الجينية.