الصحافه

ربما بعد 60 يوماً أو أقل.. نتنياهو: حماس خرقت الاتفاق.. ويجب القضاء عليها

ربما بعد 60 يوماً أو أقل.. نتنياهو: حماس خرقت الاتفاق.. ويجب القضاء عليها

ليزا روزوفسكي

عندما سئل ترامب عشية الجمعة، إذا ما كان مهتماً بسيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة، أجاب: “الأهم أن يكون أبنا غزة آمنين”. وأضاف “مروا بجحيم”. في كانون الثاني وشباط، عندما هدد بجهنم، التي سيفتح بابها على حماس، كان يصعب تخيل أي جهنم يقصد. ألم يمروا بجهنم من قبل؟ الآن، بعد نصف سنة، تبين أن الهاوية التي انشقت تحت أقدام سكان غزة لا قعر لها.

بعد ثلاثة أشهر من الحصار المطلق التي لم يتم فيها إدخال أي مساعدات إنسانية، وخمسة أسابيع تم إدخال الغذاء بالقطارة، وبعد قتل يومي للسكان الجائعين قرب مراكز التوزيع المسورة التي يذهبون إليها بحثاً عن الطعام، وبعد تدمير معظم المستشفيات وخروجها عن العمل، أصبح واضحاً أن حماس لا يمكن تصفيتها إلا مع غزة كلها، ودفنها مالياً تحت جثث السكان والمخطوفين الذين سيبقون في يدها. ولكن الحكومة التي ستوقع -بترجيح عال- في الأيام القريبة القادمة على صفقة أخرى لوقف إطلاق النار المؤقت وإعادة عدد من المخطوفين، لا نية لها للتوقف.

ما دام الأمر يتعلق بنتنياهو، لن تتوقف الحرب إلا بعد أن تلقي حماس سلاحها، حتى لو ظاهرياً. المشكلة أنه حتى هذا التظاهر، حماس غير مستعدة له. ففي تصريحاتها الرسمية، هي تتشبث بالموقف القائل إن نزع السلاح مرهون بإنهاء الاحتلال، أي بعد إقامة الدولة الفلسطينية على الأقل. من نافل القول إن الأمر يتعلق بفكرة سخيفة غير قابلة للتطبيق بالنسبة لإسرائيل.

ما دام الأمر يتعلق بنتنياهو، لن تتوقف الحرب إلا بعد أن تلقي حماس سلاحها، حتى لو ظاهرياً

يرى رئيس الحكومة ومحيطه أنه لا يمكن تطبيق “نموذج لبنان” في غزة. في لبنان، كانت هناك موافقة من حزب الله على الانسحاب إلى ما وراء نهر الليطاني، التي وجدت تعبيرها في اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوقيع عليه في نهاية تشرين الثاني. عملياً، أعضاء حزب الله ما زالوا في جنوب نهر الليطاني، ولكن الجيش اللبناني يعمل ضدهم بقدر استطاعته، والجيش الإسرائيلي يستكمل العمل من الجو. يبدو أن اتفاقاً مشابهاً كان سيكون مرضياً لإسرائيل في غزة، لكن الكلمات هي العائق. في حالة حماس، يطالب نتنياهو ورجاله باستسلام مطلق، وحماس من ناحيتها لن تتنازل عن المقاومة؛ لنفس الأسباب الرمزية.

المعنى، ما دام الأمر متعلقاً بإسرائيل، فإن وقف إطلاق النار الحالي تكرار لوقف إطلاق النار السابق الذي دخل حيز التنفيذ في كانون الثاني: 60 يوماً وربما أقل من الهدنة، وبعد ذلك استئناف الهجمات والقتال بذريعة أن حماس غير مستعدة لنزع سلاحها والتنازل بشكل مطلق عن سيطرتها في القطاع. ربما يستخدم نتنياهو بنداً في مسودة الاتفاق الذي ينص على أن ترامب والولايات المتحدة ملزمون إكمال إجراء المفاوضات “بحسن نية”، والادعاء بأن حماس تخرقها بسبب تمترسها بمواقفها.

من هنا تأتي مطالبته للجيش إعداد خطة طرد واسع إلى جنوب القطاع، هذه المرة من مدينة غزة ومخيمات الوسط، حيث يعيش مئات آلاف الغزيين الآن في ظروف أقسى من جهنم – في مبان مدمرة ومحروقة، تختلط فيها أكياس الأرز والطحين ببودرة العدس المعلقة حتى لا تأكلها الفئران. لم يعد السكان يفرقون بين رجال العصابات المسلحة ورجال حماس، الذين قد يسرقون هذا القليل أيضاً. الطرد واستئناف الهجمات هي الآن خطة نتنياهو لـ “اليوم التالي” لوقف إطلاق النار، إلا إذا أعلنت حماس استسلامها.

تدرك حاشية ترامب -حسب مصادر تتحدث مع كبار رجال البيت الأبيض بشكل دائم- أن تصفية حماس بشكل مطلق تغيب عن الأجندة. جهات رفيعة مثل نائب الرئيس جي دي فانس، ووزير الخارجية الأمريكي ماركز روبيو، يؤيدان مقاربة تشبه المقاربة التي يتبناها رجال الوسط في إسرائيل، من بينهم غادي آيزنكوت: إنقاذ المخطوفين الذين ما زالوا على قيد الحياة، وإنقاذ جثث القتلى ما دام ذلك ممكناً، وتأجيل حل مشكلة حماس إلى المستقبل.

المبعوث الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، المتوقع أن يجري المفاوضات أثناء وقف إطلاق النار، يدرك أن الخطة التي طرحها هي الخيار الوحيد الذي قد يمر سياسياً بالنسبة لحكومة نتنياهو. هو يأمل أن يخلق وقف إطلاق النار المؤقت زخماً إيجابياً يمكن من التوصل إلى حل دائم. ولكن، مثلما يبدو الأمر الآن وعملياً منذ أشهر كثيرة، الزخم الأكثر إيجابية الذي قد ينتج هو عزل نتنياهو في محيط ترامب. كلما قامت جهات مثل السفير الإفنغلستي مايك هاكابي، بالدفاع عن موقف نتنياهو بشكل أقل أمام الرئيس، ستزداد احتمالية أن يتخذ ترامب “الموقف الصحيح” ويأمر نتنياهو بإنهاء الأمر.

رقصة التانغو مع سوريا ولبنان تحتاج إلى شخصين

من تصريحات السفير الأمريكي الأخيرة في تركيا توم براك، الذي يشغل الآن منصب مبعوث ترامب لشؤون سوريا ولبنان، يتضح أن في حاشية ترامب أصواتاً انتقادية تجاه إسرائيل. في مقابلة مع “نيويورك تايمز” قام براك بتسمية وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان بـ “فشل مطلق”، لأن إسرائيل تقصف لبنان وحزب الله، وتخرق شروطه. تفضل إسرائيل تفسير هذا الانتقاد بأنه انتقاد موجه لحزب الله أساساً.

مع ذلك، دبلوماسيون أمريكيون يتصلون مع النظام السوري والحكومة اللبنانية، يعرفون أن رقصة التانغو بحاجة إلى شخصين. إسرائيل تصر على سيطرتها على خمسة مواقع في لبنان حتى إخراج حزب الله من جنوب الليطاني، وهي العملية التي يعرف الجميع أنها ستستغرق أشهراً وربما سنوات. ومن يعرف ما سيحدث حتى ذلك الحين. لبنان من ناحيته، غير مستعد لمحادثات حول ترسيم الحدود، ولا نريد التحدث عن التطبيع، ما دامت إسرائيل لم تنسحب من أراضيه السيادية المعترف بها رسمياً. جميع الاتصالات، التي خرجت التسريبات الكثيرة حولها قبل أشهر، عالقة بلا أفق ظاهر للعيان.

في سوريا، الوضع مشابه نوعاً ما. إسرائيل غير مستعدة للانسحاب من المنطقة الفاصلة التي سيطرت عليها على الفور بعد سقوط نظام الأسد. الادعاء أن اتفاق فصل القوات الذي وقع عليه في 1974 لم يعد ساري المفعول ما لم يتم التوقيع على اتفاق شامل مع سوريا، سواء بصيغة اتفاقات إبراهيم أو نوع من “السلام البارد”، مثلما هي الحال مع مصر أو الأردن. وإسرائيل أيضاً غير مستعدة لتمكين نظام الشرع من نشر القوات جنوب دمشق، وتفرض قيوداً أخرى على سوريا وعلى راعيتها الرئيسية تركيا. بالنسبة لحاشية نتنياهو، هذا الموقف المتشدد هو أحد الدروس الطبيعية من 7 أكتوبر، لكن ذلك لا يسمح للشرع، الذي تربى في حضن الجهاد ومحاط بأشخاص مثله، بإجراء أي مفاوضات جدية مع إسرائيل، سواء على عدم الاعتداء، وبالأحرى حول السلام.

إسرائيل من ناحيتها غير مستعجلة. ما لم يكن هناك تهديد فوري لتصعيد مع تركيا (يبدو أنه لا يتم إقامة قواعد تركية في هذه المرحلة في سوريا)، وما دام لسلاح الجو الإسرائيلي قدرة على مهاجمة سوريا أو استخدام سمائها للقيام بطلعات في إيران، فهي غير مضغوطة. ولكن بهذه الوتيرة، يبدو أن تطبيق حلم ترامب بتوسيع اتفاقات إبراهيم، سيبقى هدفاً بعيداً وغير قابل للتحقق. السؤال المهم هو: كم من الوقت يمكن للرئيس الأمريكي أن ينتظر رئيس حكومة إسرائيل، في سوريا، لبنان وبالأساس في غزة، بعد أن وقف إلى جانبه بشكل مستعجل في ضرب المنشآت النووية في إيران؟

هآرتس 6/7/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب