تحقيقات وتقارير

بعد عملية بيت حانون.. مراقبون إسرائيليون يحذّرون من تحوّل غزة إلى فيتنام فلسطينية

بعد عملية بيت حانون.. مراقبون إسرائيليون يحذّرون من تحوّل غزة إلى فيتنام فلسطينية

وديع عواودة

الناصرة-  على خلفية عملية بيت حانون الموجعة لجيش الاحتلال، يعرب مراقبون كثر في إسرائيل عن مخاوفهم من تورطهم في حرب استنزاف في غزة، وسط تحذيرات من تحولها إلى لبنان أو فيتنام. كما يعبّر هؤلاء عن صدمتهم من تنفيذ هذه العملية النوعية، كونها متقنة وشجاعة عملياتيًا، أوقعت عددًا كبيرًا من القتلى والإصابات في صفوف الجيش، علاوة على موقعها القريب جدًا من حدود القطاع.
ويعكس المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” عاموس هارئيل تساؤلات تتصاعد لدى أوساط إسرائيلية عن جدوى الحرب وغايات استمرارها الحقيقية.
تحت عنوان “بدون هدف”، يقول هارئيل إن تشييع خمس جنازات في خلفية مداولات ترامب ونتنياهو في واشنطن، يسلّط الضوء مجددًا على أن “إسرائيل عالقة في حرب عقيمة لا مبرر لها منذ فترة طويلة”.

بريك: رغم نجاحات عينية حققتها إسرائيل، هناك عصابات معادية في كثير من الدوائر، ولا تستطيع بعد تحطيم رأس الأفعى الذي يرسل سمومه إلى كل مكان

ويرى هارئيل أن نتنياهو ما زال راغبًا بعدم تغيير الواقع الحالي النازف، بقوله إنه فيما يتحدث المبعوث الأمريكي ويتكوف عن تقدّم نحو الصفقة، فإن نتنياهو ينوي التوصل لصفقة جزئية فقط والعودة للحرب.
ويضيف: “نتنياهو لا يبحث فقط عن طرق للعودة للحرب بعد الهدنة، وبعد استعادة نصف الأسرى الأحياء، بل يدفع للوهلة الأولى نحو خطة تقضي بحشر معظم أهالي غزة في رفح المدمرة، خطة “المدينة الإنسانية” التي كشف عنها وزير الأمن في حكومة الاحتلال كاتس”.
الشعب المختار
في هذا السياق، تشن صحيفته “هآرتس”، في افتتاحيتها اليوم الأربعاء، بلغة ساخرة، بعنوان “معسكرات ترانسفير”، حملةً شديدة على فكرة “المدينة الإنسانية” في رفح، وعلى الحكومة والجيش، بل على الدولة: “الشعب المختار، وبالديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، وبواسطة “الجيش الأكثر أخلاقية في العالم”، يقدّم هذا الشعب “المدينة الإنسانية” في غزة، وهي في حقيقتها هذه خطة تهجير”.
وتخلص “هآرتس” في افتتاحيتها للقول إنه يجب وقف هذه الخطوة الخطيرة إنسانيًا وأخلاقيًا وسياسيًا على الفلسطينيين، وكذلك على الإسرائيليين، فهي تؤدي للمزيد من الإفساد الأخلاقي داخليًا.

“فَتْنَمَة” غزة

ويتوقف المحلل السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت” نداف أيال هو الآخر عند حرب الاستنزاف في غزة. وفيما يواصل مراقبون إسرائيليون التحذير من “لبننة” غزة، أي التورط في حرب استنزاف تشبه حرب لبنان الأولى، يقول نداف إن غزة تتحول إلى فيتنام. ويقول في هذا السياق إن إسرائيل موجودة في “مرحلة فيتنامية في غزة، مشغولة بزيادة المغامرة وسط ثمن باهظ”.
في مقال لغته تعتمد السخرية المرة، يقول زميله في “يديعوت أحرونوت”، المعلق السياسي رعنان شاكيد، في مقال بعنوان “خذوا وقتكم.. فهؤلاء أولادنا فقط الذين يُقتلون”، يخاطب فيه أسرة نتنياهو: “أيها الجنود، واصلوا الحرب.. أعطوا يائير نتنياهو، هذا الولد الهارب من الخدمة العسكرية، الذي يخدمنا من ميامي في أمريكا، أن يلتقط صورة مع ترامب.. أعطوا نتنياهو أن يجلس حول طاولة احتفالية محمّلة بالورود، ويمد رسالة لترامب يوصي فيها بمنحه جائزة نوبل للسلام! أي سلام هذا؟”.
ويصوّب كاريكاتير صحيفة “يديعوت أحرونوت” اليوم سهمه الساخر لموضوع السلام والجائزة، فيبدو فيه كاتس يقتحم اجتماعًا للجنة جائزة نوبل للسلام، وهو يقود دبابة تحمل صورة ترامب!

معضلة على الجدار

ويرى المحلل العسكري في الصحيفة، يوسي يهوشع، أن عملية بيت حانون تعكس وجود إسرائيل أمام معضلة صعبة، بقوله إن نجاح “حماس” في موقع قريب من حدود القطاع جاء بسبب مدينة أنفاق تحت بيت حانون. ويعتبر يهوشع أنه من أجل إزالة التهديد، لا بد من المبادرة إلى عملية عميقة تستغرق وقتًا، ومكلفة. ويضيف: “شرعي تفضيل اتفاق الآن، ولكن الثمن سيكون إبقاء تهديد بيت حانون على حاله”.

شاكيد: خذوا وقتكم.. فهؤلاء أولادنا فقط الذين يُقتلون

هل وكيف يؤثر ذلك على الإسرائيليين؟ ولماذا لا يحدث ما حدث وقت حرب لبنان الأولى عندما خرج الإسرائيليون في مظاهرات عملاقة ضد استمرار الحرب عندما طالت وتورطت في المسؤولية عن صبرا وشاتيلا؟ يبدو أن هناك حالة إرهاق، أو يأس من حكومة جلدها سميك لا تكترث برغبة معظم الإسرائيليين، وربما يُضاف لذلك رغبة عميقة لديهم هم أيضًا بالانتقام والطمع بالتهجير.
وسبق أن حذّر عددٌ من الجنرالات في الاحتياط من هذا التورط بحرب استنزاف تسبّب مقتل عدد كبير من الجنود، كما حصل في حزيران الماضي الذي قُتل فيه 20 جنديًا، مشددين على أن القضاء على قدرات “حماس” عسكريًا وميدانيًا “وهم خطير”. ومن هؤلاء مستشار الأمن القومي الأسبق الجنرال في الاحتياط غيورا آيلاند، وقائد غرفة العمليات سابقًا الجنرال يسرائيل زيف، وقائد الكليات العسكرية في الجيش، الجنرال في الاحتياط يتسحاق بريك، المعروف بـ”نبي الغضب”، والذي أكّد مجددًا على رؤيته، في مقال نشرته “هآرتس” أمس، وفيه أكّد عدم إمكانية تحقيق انتصار على حماس نتيجة شيوع ثقافة الكذب، ووجود قادة عسكريين غير جديرين، ولفقدان الانضباط. ويمضي في تحذيره من حرب عصابات واستنزاف: “رغم نجاحات عينية حققتها إسرائيل، هناك عصابات معادية لإسرائيل في كثير من الدوائر المحيطة بنا، ولا تستطيع بعد تحطيم رأس الأفعى الذي يرسل سمومه إلى كل مكان. هذا يعني أن قدرنا أن نعيش على حد السيف سنوات طويلة”.

“القدس العربي”:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب