قلب الطاولة على مشروع الاحتلال دفاعًا عن الحقوق والسيادة

قلب الطاولة على مشروع الاحتلال دفاعًا عن الحقوق والسيادة
بقلم رئيس التحرير
تحاول إسرائيل منذ عقود تكريس احتلالها للضفة الغربية والقدس الشرقية كـ”أمر واقع”، من خلال السيطرة على الأرض والثروات، التوسع الاستيطاني، وفرض سياسات تهدف إلى تهجير السكان الأصليين وسلب حقوقهم. وفي سبيل إخفاء مخالفتها الصريحة للقانون الدولي، تروّج إسرائيل لمقولة “الأراضي المتنازع عليها”، محاولةً بذلك شرعنة ما لا يُشرعن: الاستيلاء بالقوة على أراضٍ ذات سيادة مكتسبة، وهي الضفة الغربية والقدس الشرقية.
الولاية القانونية الأردنية: حقيقة تاريخية وقانونية
بين عامي 1948 و1967، كانت الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية تحت السيادة الأردنية الكاملة بموجب قرار مؤتمر أريحا (ديسمبر 1948)، الذي أقره ممثلو الشعب الفلسطيني في حينه. وقد مارست المملكة الأردنية الهاشمية ولايتها على الإقليم وسجّلت مساحات واسعة من أراضيه باسم الخزينة الأردنية في “سجلات الطابو”.
اليوم، لا يزال هذا الإرث القانوني حاضرًا ويمثل سندًا شرعيًا قويًا يمكن البناء عليه في مواجهة محاولات إسرائيل لوضع اليد على الأراضي والموارد. وتجدر الإشارة إلى أن اتفاقية وادي عربة (1994) لم تتناول التنازل عن هذه الأراضي أو إسقاط الحقوق الأردنية فيها، ما يُبقي للأردن مركزًا قانونيًا راسخًا.
إسرائيل قوة احتلال وليست صاحبة سيادة
وفقًا للقانون الدولي، الاحتلال لا يُكسب السيادة. المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة تحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة، والمادة 47 من اتفاقية جنيف الرابعة تؤكد بطلان أي إجراءات تتخذها القوة المحتلة لتغيير الوضع القانوني للأراضي أو السكان.
إسرائيل بصفتها قوة احتلال تمارس:
السيطرة على الموارد الطبيعية كالآبار الجوفية والمياه السطحية، وتحويلها للمستوطنات.
نهب المحاجر والأراضي الزراعية، ما يعد استغلالًا اقتصاديًا غير مشروع للأرض المحتلة.
سياسات استيطانية ممنهجة تهدد الأمن القومي الأردني وتفصل الضفة الغربية عن عمقها العربي.
أهمية التعاون الفلسطيني–الأردني كرافعة قانونية وسياسية
إن التحالف بين فلسطين والأردن لم يعد خيارًا ظرفيًا، بل هو ضرورة استراتيجية وأمن قومي.
✅ أولًا: رافعة قانونية
الأردن يمتلك سجلات طابو وأراضي خزينة تشكل أدلة دامغة أمام القضاء الدولي لإثبات عدم شرعية السيطرة الإسرائيلية.
الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس تمنح الأردن دورًا محوريًا في الدفاع عن الوضع القانوني للمدينة.
التعاون مع الجانب الفلسطيني في توثيق الانتهاكات الإسرائيلية وتقديمها لمحكمة العدل الدولية يعزز من قوة الموقف العربي.
✅ ثانيًا: رافعة سياسية وأمنية
الأردن يمتلك شبكة علاقات دولية واتفاقيات سلام يمكن استثمارها للضغط على إسرائيل وتقويض سياساتها التوسعية.
أي محاولة إسرائيلية لفرض سيطرة نهائية على الأغوار أو المعابر الحدودية تمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الأردني، ما يتطلب موقفًا حازمًا مشتركًا.
✅ ثالثًا: قلب الطاولة على إسرائيل
تدويل الأملاك الأردنية في الضفة والقدس بوصفها أراضٍ عامة محمية بموجب القانون الدولي.
ملاحقة إسرائيل أمام المحاكم الوطنية والدولية على استغلالها غير المشروع للموارد الطبيعية والأراضي المحتلة.
إعادة تعريف الصراع باعتباره قضية احتلال لا نزاعًا إقليميًا، وهو ما يفضح الدعاية الإسرائيلية أمام المجتمع الدولي.
وهنا و فق كل ذلك من القانون إلى الفعل السياسي
إن حماية الضفة الغربية والقدس ليست شأنًا فلسطينيًا فقط، بل قضية تمسّ الأمن القومي الأردني والهوية العربية والإسلامية للمنطقة. لقد آن الأوان لتفعيل كافة الأدوات القانونية والدبلوماسية، عبر تنسيق فلسطيني–أردني شامل، لإجبار إسرائيل على الانصياع للقانون الدولي وقلب الطاولة على مشروعها الاستيطاني.
هذا التنسيق، الذي يستند إلى الشرعية الدولية، هو السبيل للحفاظ على الحقوق الوطنية الفلسطينية وفي الوقت ذاته الدفاع عن سيادة الأردن ومصالحه الاستراتيجية، ووضع حد لسياسات فرض الأمر الواقع التي تهدد استقرار المنطقة بأسرها.