مقالات

الطائفية المدعومة محليا وإسرائيليا خطر يهدد الوطن العربي

الطائفية المدعومة محليا وإسرائيليا خطر يهدد الوطن العربي

د. كاظم ناصر
للطائفية بثوبها الديني أو المذهبي أو القبلي حضور واضح في التاريخ العربي القديم والمعاصر؛ فالطوائف الدينية والمذهبية والقبلية ما زالت تعشعش وتعيش في قلب العديد من الدول العربية التي تستغلها وفقا لسياسة ” فرق تسد. ” لكن ما يميز الصراعات الطائفية في الدول العربية الشمولية التسلطية الحديثة عن سابقاتها هو أن الصراعات السابقة كانت بين السلطة والمجتمع وتحدث في جسم أمة قوية قادرة على احتوائها وكبح جماحها، على عكس واقع الأمة الهزيل الحالي حيث لم يعد الصراع الطائفي صراعا بين السلطة والمجتمع كما كان سابقا، بل إنه أصبح صراعا داخل المجتمع برمته
هذا الخطر الطائفي الذي تعاني منه معظم مجتمعاتنا العربية هو قضية معقدة ومتعددة الأوجه، ويشير إلى التوترات والصراعات بين مختلف الجماعات الدينية والمذهبية والقبلية؛ وللأسف لا بد من القول ان الأنظمة التسلطية العربية في العديد من أقطارنا دعمت هذه الاختلافات والصراعات من خلال ممارساتها خدمة لمصالحها وبقائها دون اعتبار لمصالح وأمن ومستقبل الشعوب، حيث ان بعضها مكن طائفة معينة من الهيمنة على مفاصل الدولة على حساب الطوائف الأخرى، وحرص على بقاء الانقسامات القبلية والعشائرية ودعمها بالمال والوظائف الحكومية لضمان ولائها للنظام؛ أضف إلى ذلك الدعم المالي والعسكري والسياسي والإعلامي الذي يتلقاه بعضها من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية !
هذا الواقع الطائفي المرير الذي يزداد عمقا وتفاقما في المجتمعات العربية أدى إلى اندلاع حروب اهلية وعنف في عدد من الدول العربية مما تسبب في خسائر بشرية لا تعوض، وخسائر مادية فادحة، وتشريد ملايين المواطنين من ديارهم، وإلى انتشار التطرف والعنف الديني وعدم الاستقرار في المنطقة؛ والدليل على ذلك هو الحروب الدامية المدمرة والخلافات المستمرة التي حدثت وتحدث في العراق ولبنان واليمن والصومال والسودان وأخيرا وليس آخرا في سوريا. فمن هو الراعي والداعم لهذه الخلافات؟ ومن هو المستفيد منها؟ وما هي تداعياتها المتوقعة على مستقبل الوطن العربي؟
فبعد تدمير العراق عسكريا واقتصاديا وإقامة نظام طائفي فيه دعمته وما زالت تدعمه الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، جاء دور تدمير سوريا. فبعد حل الجيش السوري وتدمير سلاحه الجوي وقواعده العسكرية ومراكز قياداته وأسلحته، فإن إسرائيل تستغل الطائفة الدرزية لاحتلال أجزاء أخرى من سوريا ومن ثم تقسيمها إلى دويلات طائفية.
وتماشيا مع هذه الاستراتيجية الأمريكية الصهيونية الرامية لتمزيق الوطن العربي وبسط النفوذ الأمريكي الصهيوني عليه لعقود طويلة قادمة فإن العزف على وتر هذه الاختلافات والخلافات الطائفية بثوبها الديني والقبلي يتصاعد في لبنان لبث التفرقة بين المسيحيين والمسلمين، وبين السنة والشيعة، وفي مصر بين الأقباط والمسلمين، وفي دول المغرب العربي بين الأمازيغيين وغيرهم من مكونات تلك المجتمعات، وفي اليمن بين الحوثيين وغيرهم، وبين القبائل في السودان والصومال وغيرهما من الدول العربية.
إسرائيل هي المستفيد الأول من هذه الصراعات التي تعمق الانقسامات العربية، وتضعف وتمزق أكثر من قطر عربي، وتفتح أبواب الأقطار العربية للتغلغل والتوسع الصهيوني. ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو وصف الوضع العربي بقوله إنه يوفر ” فرصة تاريخية لتوسع إسرائيل” مؤكدا بذلك نوايا الصهاينة بمواصلة الزحف لاحتلال أقطار عربية أخرى؛ فاليوم فلسطين وغدا غيرها من الأقطار العربية، والحلم الصهيوني من الفرات إلى النيل في طريقه للتحقيق إذا بقي الوطن العربي كما هو الآن حكامه خونة فاسدين ومفسدين، وشعوبه نائمة مغيبة تعودت على الذل والهوان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب