المستوطنون: جيش الظل الإسرائيلي بسلاح دولة في السيطرة على الضفة الغربية بقلم الكاتب: مروان سلطان – فلسطين 🇵🇸
بقلم الكاتب: مروان سلطان – فلسطين 🇵🇸

المستوطنون: جيش الظل الإسرائيلي بسلاح دولة في السيطرة على الضفة الغربية
بقلم الكاتب: مروان سلطان – فلسطين 🇵🇸
31.7.2025
———————————————
في الضفة الغربية، لا يقتصر الاحتلال الإسرائيلي على الجيش والدبابات. هناك جيش آخر – بملابس مدنية وسلاح رسمي – يُعرف بالمستوطنين. عنفهم ليس انفلاتًا بل أداة مدروسة، وظيفتها تقطيع أوصال فلسطين، وتحطيم إرادة شعبها. هذا المقال يكشف كيف أصبح المستوطن “المواطن المقاتل” رأس حربة في مشروع التهويد والتطهير، بينما يغض العالم الطرف عن جرائم ترتكب يوميًا على مرأى القانون الدولي ومسمعه.
عنف المستوطنين يزداد اشتعالًا في الضفة الغربية. كلما أطفأنا حريقًا، يشعلون آخر، وما إن ندفن شهيدًا بسبب عنفهم، حتى يقتلوا آخر. هدفهم الاستيلاء على الأرض وتهجير أهلها. لم يعد الحادث عرضيًا، بل أصبح ممارسة يومية تطال الإنسان والشجر والحجر، والحقول والمزارع والحيوان. في كل يوم تصحو على اخبار عنف المستوطنين يوم امس وفي كل يوم كانوا في مسافر يطا وسلواد ورامون وابو فلاح ، وغيرها.
عنف المستوطنين هو الوجه المدني للاحتلال العسكري، وهو أداة مدروسة لتفكيك الجغرافيا والديمغرافيا الفلسطينية، تمارسه إسرائيل عبر مقاولين اجتماعيين مسلحين، يحملون رسالة مفادها: الأرض لنا، وأنتم فائض يجب اقتلاعه.
في الحقول يشعلون النار في الأشجار، ويضرمون النار في البيوت والممتلكات، ويحاصرون البيوت ويطلقون الرصاص. ضحايا عنفهم تزداد يومًا بعد يوم، في إطار هجمات يومية لا تهدأ. لقد أصبحوا ميليشيات مسلحة ترى في نفسها قوة قادرة على إرهاب الفلسطينيين، وقوة يمكنها دحرهم والاستيلاء على ممتلكاتهم.
الحرب التي تفرضها إسرائيل على المدنيين في غزة تقتل وتجوع وتعطش وتمنع الدواء بلا هوادة منذ السابع من أكتوبر، وكذلك عنف جيش المستوطنين، وما يجري من تغيير ديمغرافي في مخيمات الضفة الغربية، يفسر أن هذه الحرب التي تدور رحاها في كل من غزة والضفة تم التخطيط لها والإعداد لها في أروقة السياسة الإسرائيلية. بمعنى أن السابع من أكتوبر هو تخطيط إسرائيلي بامتياز، يُجرى تنفيذه لتحقيق الأهداف التي تطمح إسرائيل إلى الوصول إليها، وهي لن تهدأ أو تضع الحرب أوزارها إلا بتحقيق الأهداف التي أعدت من أجلها.
عنف المستوطنين لا يمكن فصله عن السياسة الرسمية الإسرائيلية، فهم يشكلون عمليا الذراع غير الرسمية و المحمية لتنفيذ استراتيجية تهويد الأرض وطرد الفلسطينيين. الدولة العبرية توظف “المدنيين الإسرائيليين المسلحين” لتحقيق أهداف لا يمكن للجيش الإسرائيلي تنفيذها مباشرة بسبب الضغوط الدولية. المستوطن ليس خارجا عن القانون، بل فوق القانون.
القضاء الإسرائيلي في ما يتعلق بانتهاكات المستوطنين هو قضاء مسيّس بامتياز. فكل المستوطنين الذين قاموا بانتهاكات وأعمال عنف، بما فيها قتل الفلسطينيين، لم يوجَّه إليهم أي عقاب رادع. وفي آخر حكم صادر عن القضاء الإسرائيلي في قضية قاتل عودة الهذالين، تم الإفراج عن القاتل بحجة أن المستوطن كان يعبث بسلاحه فانطلقت منه رصاصة أدت إلى مقتل الهذالين.
عودة الهذالين أستاذ وناشط حقوقي فلسطيني، وُلد عام 1994 في محافظة الخليل بالضفة الغربية المحتلة، عُرف بموقفه الثابت المناهض للتوسع الاستيطاني الإسرائيلي في منطقة مسافر يطا. ساهم عام 2019 في إنتاج الفيلم الوثائقي “لا أرض أخرى”، الذي حاز جائزة أوسكار لأفضل فيلم وثائقي طويل عام 2025، ووثق معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال. ولهذا السبب يعتقد الفلسطينيون أنه تم قتله. القتل والحرق والتخريب العلني المتكرر دون محاسبة يحمل رسالة واضحة: إسرائيل – عبر المستوطنين – تتحدى القانون الدولي والرأي العام العالمي. لا قانون دولي يسائلهم، ولا قانون محلي يردعهم.
لا يمكن الوقوف اليوم أمام محطة من محطات عنف المستوطنين، الذين أصبحوا يشكّلون جيشًا مدنيًا للاستيلاء على الأراضي والممتلكات الفلسطينية. عنفهم يشتد يومًا بعد يوم، ويزداد عدد ضحاياه في ظل سياسة عامة عنوانها الحرب على الفلسطينيين. هذا العنف ليس وليد الصدفة، بل هو عنف مدروس لإبقاء الفلسطيني في حالة طوارئ دائمة، فلا استقرار، ولا أمان، ولا قدرة على تنظيم الذات. الهدف هو جعل الحياة مستحيلة في المناطق المصنفة (C) وحتى القرى النائية، لدفع سكانها إلى الرحيل.