
أنواع الاحتراق
بقلم الدكتور ضرغام الدباغ / برلين
يقع الاحتراق بأنواع عديدة ومسببات أكثر، ولكن النتيجة المادية متشايهة لحد بعيد، أن الجسم الذي تعرض للأحتراق، قد تلف بدرجة كبيرة، بحيث لم يعد ينفع لشيئ فيقذف يالرماد، أو المتبقي المتفحم إلى حاوية النفايات،
والأوربيون يعمدون إلى حرق جثث موتاهم في أفران شديدة الحرارة، تحيل التابوت الخشبي وبداخلة جثة المتوفي خلال فترة وجيزة إلى رماد، يسلم لذوي المتوفي الذي سيعمدون إلى التصرف وفق وصية المتوفي، كأن تنثر في مياه البحر، أو في الحدائق، أو بحسب الوصية إن وجدت، أوتؤخذ عينة من رماد الجثة وتوضع في علبة أنيقة جميلة (وهناك أصناف كثيرة جداً) والعلبة / محكمة الإغلاق توضع في صدر الصالون، ولا أدري بالضبط ما هي العبرة من مواجهة علبة الرماد لسنوات قادمة إلى أن يأتي أحد الاحفاد ويرمي بها في حاوية النفايات.
ومن أصناف المواد الحارقة، بالطبع إلى جانب الفرن الغازي، هناك من يحرق الجثث بالحطب (اغصان الأشجار وما شابه) أو أي شيئ يمكن أن يحيل الجثمان إلى رماد كما يفعلون في الهند، وبعد الحرق ينثرون الرماد في نهر براهما بوترا الذي يزرع على ضفافه الأرز ..
وكتبت مرة أن الورق المستخدم في صناعة السكائر (العلب) أو سكائر اللف، يكون خفيف جداً ويفترض أن لا يخلف إلى القليل جدا من الرماد، والقليل من الدخان الأبيض الخفيف، لذلك يصنع ورق السكائر بدقة من مواد لا تخلف رماداً كثيراً وسحبا من الدخان الاسود … يعرف أكثر المدخنين، أن هناك ورق سكائر للف التبغ من ماركة مشهورة أسمها ( بافرا ــ Bafra) وهذا النوع كان مفضلاً عند المدخنين، ممن يلفون التبغ، وهذا الأسم، بافرا، كنا نسمعه من الطفولة، وحديثاً فقط علمت أن التسمية نسبة إلى مصانع السكائر وورق اللف والتبغ في مدينة بافارا التركية القريبة من مدينة سامسون على البحر الأسود شمال تركيا.
ويعتبر هواة تدخين سكائر اللف، أن ورق البافرا من أفضل أنواع ورق سكائر اللف، والسبب يكمن في نوعيتها الممتازة، في رقتها المتناهية، وكونها لا تترك دخاًناً عندما تشتعل الورقة مع التبغ. والعبرة التي أريد أن أسوقها هنا، لا البافرا ولا السكائر، بل سهولة احتراق ورقة البافرا .. وأنها لا تترك أثراً بعد احتراقها، لا رماد ولا دخان والسبب ….. هو خفتها المتناهية ..!
وفي العراق (بست متيقنا ما إذا كان ذلك في دول أخرى ايضا) ينمو على ضفاف نهر دجلة والفرات نيات ينمو بشكل شجيرات ويسمى (الطرفة) ومن الخصائص الفريدة المهمة لهذا النيات أنه لا يتسبب في دخان، وبالتالي لا يتأثر طعم السمك المشوي، ويزعم العارفون بهذه الاكلة الشعبية الواسعة الانتشار في العراق، أن طعم السمك لا يكون لذيذاً إلا إذا عومل بحطب الطرفة.
وفي السياسة يشاع استخدام كلمة (فلان احترق سياسياً)، فالاحتراق هنا ليس بأستخدام المحروقات من غاز وبنزين، أو حطب الخشب، أو نبات الطرفة، بالاحتراق سياسياً، أولا يشطب على سيرة وتاريخ السياسي، وبسبب اقترافه خطأ فادح يصعب معه إصلاح ذات البين، وهذه غالبا حين يتورط سياسي ما، بالتعامل من جهة يعتبرها الشعب معادية عداء تاريخي،، فيعتقد أن الموقف يحتمل المناورة، فيرتكب الخطيئة العظمى، وبصرف النظر عن مصيره ووجوده الشخصي الذي لم يعد مهماً،
أقول لمن صار خفيفاً فأنزلق .. أحذر فالخطر يكمن في أن تواصل انزلاقك .. حتى لا يعود بإمكانك أن تنفذ نفسك .. في بداية الأنزلاق يمكنك أن تتكأ على صديق لتستعيد توازنك، مع استعدادك للتراجع عن الخطوة الخطأ التي خطوتها .. ولكن في المزيد من الخطوات الخاطئة ستحترق متلاشياً كورقة البافرا ………….كائناً من تكون …! فهنا يكون شرف أي شخص كعود الكبريت … يولع مرة واحدة …!