مقالات

شرح التمرد الدرزي لغير السوريين :الدروز ضد خلاصنا من الإبادة والعبودية ! بقلم احمد كامل 

بقلم احمد كامل 

شرح التمرد الدرزي لغير السوريين :الدروز ضد خلاصنا من الإبادة والعبودية !
بقلم احمد كامل 
منذ عام ١٩٧٠ حكم سورية عسكر (حافظ الأسد وعلي دوبا وعلي حيد وبشار الأسد وجميل الحسن ..) كلهم من الأقلية العلوية أو النصيرية (٦ ٪ من الشعب السوري)، حكموها بالحديد والنار، والاستبداد بحق كل السوريين، وارتكبوا فوق ذلك جريمة إبادة جماعية بحق الأغلبية السنية (٨٥٪ من الشعب السوري).
الاستبداد والقهر والنهب والإذلال والترويع كان يمارس بحق كل السوريين، لكن الإبادة كانت تمارس بحق السنة فقط. وهكذا قتل أو هجر نصف السنة السوريين (قتل حوالي مليون سني، وهجر قسرياً ١٠ ملايين).
كل ما رأيتموه على شاشات التلفزيون من قصف بالصواريخ والطائرات وأسلحة الدمار الشامل (السلاح الكيماوي) وبراميل المتفجرات والأسلحة المحرمة.. كان قصفاً للسنة حصرا. وملايين اللاجئين الذين رأيتموهم في الخيام، كلهم (بنسبة ١٠٠٪) سنة، وليس فيهم لا مسيحي ولا علوي ولا درزي واحد.
كل المذابح التي رأيتموها على الشاشات أو سمعتم عنها طوال ٥٤ سنة، كان ضحاياها من السنة. وكل المدن والأحياء والمنازل السورية المهدمة التي ترونها في الصحف والتلفزيونات هي للسنة، وليس فيها حي واحد درزي أو علوي أو مسيحي.
حتى عندما ثار غير السنة على النظام العلوي لم يكن النظام يقتل الثائرين ولا يهجرهم ولا يقصفهم ولا يستخدم ضدهم أي سلاح فتاك.
السنة ثاروا على النظام عدة مرات (أكبرها الثورة التي أسقطت النظام٢٠١١- ٢٠٢٤)، وفي كل مرة كان رده وحشياً، إبادياً، وارتكب بحقهم أفظع المجازر.
لم يشارك الدروز في الثوارت على النظام طوال٥٢ سنة، بل كانت نسبة منهم مؤيدين بقوة للنظام، ورجال الدين الدروز كانوا يرون في ثورة ٢٠١١ شراً يجب تجنبه (وفق ما قال حرفيا الصحفي الدرزي ماهر شرف الدين). ونسبة أخرى كانت تعلن الحياد بين النظام والثوار، ونسبة كانت تعلن أنها ضد النظام لكنها لا تشارك في الثورات ضده بحجة أن الدروز أقلية صغيرة جداً لا قبل لها بمواجهة النظام (٢ ٪ من الشعب السوري = نصف مليون نسمة من أصل ٢٥ مليون).
قلة من الدروز كان يعبرون عن امتعاضهم من النظام، وخاصة من تدهور الوضع الاقتصادي، بطرق مختلفة، بسيطة. وفي عام ٢٠٢٣ تفجر الامتعاض بصورة ثورة سلمية في السويداء (سميت حراك السويداء، وتقوم على التظاهر السلمي) نالت هي وقائدها شيخ الدروز حكمت الهجري ترحيبا وتقديرا وصل أحياناً حد التقديس من قبل السنة السوريين.
ولم يقمع النظام العلوي حراك السويداء، لم يقتل ولم يقصف ولم يهجر، ولم يعتقل الألوف ولا المئات، ولم يمتد حراك السويداء السلمي لمدن سورية أخرى (انتقلت الثورة السورية بعد عام ٢٠١١ من ثورة سلمية إلى ثورة مسلحة) لأن السنة كانوا يعرفون من تجارب طويلة ومريرة أن النظام العلوي سيرد عل تظاهراتهم السلمية بأسلحة فتاكة، ويقتل منهم الألوف، ويهجر الملايين.
ولأن حراك السويداء لم يمتد لمدن أخرى، ذبل وذوى، وتحول إلى مجرد وقفة أسبوعية لبضعة أشخاص يرفعون أعلام طائفية (علم الدروز الملون) وصور شيخ طائفة صغيرة (الهجري).
وسقط النظام السوري عام ٢٠٢٤، بحركة عسكرية مفاجئة، قامت بها فصائل سنية إسلامية، في لحظة مواتية نادرة كان فيها أعدى أعداء الشعب السوري مشغولون بهمومهم (روسيا مشغولة بحرب طاحنة في أوكرانيا، وحزب الله خارج من معركة مزلزلة مع إسرائيل، وإيران وشيعة العراق يحتفظون بقواهم لمواجهة شاملة محتملة مع إسرائيل).
وقام في سورية عهد جديد يضم الفصائل السنية التي أسقطت النظام، وبدأ تدريجيا بتوسيع قاعدة حكمه وإدارته، بين الطوائف الأخرى، فيما كانت قاعدته الشعبية السنية واسعة جداً (أكثر من ٨٠ ٪ من السنة يؤيدون العهد الجديد وفق أول استطلاع علمي لرأي السوريين أجرته مجلة الإيكونوميست البريطانية الرصينة).
العهد الجديد بالنسبة للسنة السوريين هو عهد الخلاص من الإبادة الجماعية والتحرر من العبودية المطلقة التي كان يمارسهما عليهم النظام الأسدي العلوي طوال ٥٤ سنة.
عندما ينظر السنة السوريون (٢٢ مليون إنسان) إلى العهد الجديد في سورية لا ينظرون إلى مؤشرات التضخم والنمو والأجور والبطالة، وإنما ينظرون إلى عداد قتلاهم وجرحاهم ومهجريهم وغرقاهم ومعتقليهم ومعذبيهم الذي توقف عند الصفر لأول مرة من ٥٤.
ومنذ يومه الأول تصرف العهد الجديد بإيجابية كبيرة وتسامح مع الدروز، ومع زعيم طائفتهم حكمت الهجري. وقدم تنازلات لم يقدمها لمكون آخر، وقدم مبادرات كثيرة رفضها كلها حكمت الهجري، الذي أصر على مطالب تعجيزية لم يطالب هو ولا الدروز ولا ب ١ ٪ منها من النظام السوري العلوي.
يقول الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط : سورية تحتاج للحوار، والذي يرفض الحوار هو حكمت الهجري، السويداء تحتاج لرجال كبار، ولا يوجد فيها الآن رجال كبار.
لقد كانت حقوق وحريات وأوضاع السوريين في عهد النظام الأسدي البائد صفر مطلق بالمئة، ولم تصبح ١٠٠ ٪ في العهد الجديد، صارت ٥٠ ٪ ثم ٥٥ ٪ ثم ٦٠ ٪ ثم ٦٥٪ وحكمت الهجري، ونسبة كبيرة من الدروز السوريين، كانوا راضين بالصفر بالمئة، وهم الآن رافضون بقوة للنسبة المتصاعدة من الحقوق والحريات والأوضاع، رفضاً دمويا وصل لحد طلب مساعدة إسرائيل نتنياهو ضد سورية.
بالنسبة لكثير من السنة السوريين، لا يمكن تفسير هذا التناقض غير المفهوم، إلا بأن حكمت الهجري، والدروز الذين يمثلهم، غاضبون من توقف جريمة إبادة وتهجير السنة التي دامت ٥٤ عام، ويريدون لها أن تستأنف.
بالنسبة لكثير من السنة السوريين، حكمت الهجري والدروز الذين يمثلهم، يحاربون العهد الذي خلصهم من الإبادة وحررهم من الرعب، وأخرجهم من جهنم، ولا يفهم ملايين من السنة السوريين لماذا يفعل الدروز ذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب