تحقيقات وتقارير

حوار مع سعيد زيداني | حرب إبادة في غزة وقائمة مشتركة على أساس تقني

حوار مع سعيد زيداني | حرب إبادة في غزة وقائمة مشتركة على أساس تقني

أكد أستاذ الفلسفة بروفيسور سعيد زيداني، أنه “في ظل حرب الإبادة في غزة، فإن سقوط الحكومة الإسرائيلية لا يمكن أن يحدث إلا من داخلها”. ورأى أن “إعادة تشكيل القائمة المشتركة قائمة على أساس تقني”.

يرى أستاذ الفلسفة بروفيسور سعيد زيداني، أن “الحرب على غزة تمثل نكبة فلسطينية جديدة، مركزها القطاع ومحيطها الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والداخل ودول الجوار”.

 

ويشير زيداني في حديثه لـ”عرب 48” إلى أن “نهاية الحرب تلوح في الأفق على الرغم من تعقيدات المشهد السياسي الإسرائيلي، وسط خلافات عميقة داخل الائتلاف الحاكم، وتوتر متصاعد في أراضي الـ48”.

“عرب 48”: كيف تقرأ المشهد السياسي الإسرائيلي في ظل استمرار الحرب على غزة، في أطول حرب خاضتها إسرائيل، وهل تلوح في الأفق نهاية لها؟

زيداني: هذه حرب إبادة جماعية، كما يقول الخبراء وكما تؤكد المؤسسات الحقوقية المختصة. وبعد مرور 22 شهرا على هذه الحرب، نحن بصدد نكبة فلسطينية مركزها في غزة، وتطال تداعياتها الفلسطينيين في الضفة الغربية والـ48 ودول الجوار.

سعيد زيداني

تأثير هذه النكبة يختلف من مكان إلى آخر، لكن الإبادة تتجلى بوضوح في غزة، حيث الإنسان والمكان يتعرضان للدمار، في حين تعيش مناطق أخرى مثل شمالي الضفة والمخيمات الفلسطينية حالة من التشريد والتخريب المباشر.

برأيي، هذه الحرب تقترب من نهايتها لأن كافة الأطراف لم تعد تحتمل المزيد من الوقت والخسائر. هناك مؤشرات على ذلك، من بينها تبادل الأسرى، وانسحاب إسرائيلي تدريجي من غزة، وتشكيل إدارة جديدة للقطاع فلسطينية – عربية – دولية، وإن كانت ملامحها غير واضحة بعد، لكن الثمن المرجّح هو نهاية حكم حماس ونهايتها كتنظيم مسلح في غزة.

“عرب 48”: هل هناك خلاف داخل المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية بشأن استمرار الحرب؟

زيداني: نعم، الخلافات قائمة منذ البداية، ولا تزال. نتنياهو وضع هدفًا معلنًا يتمثل في القضاء الكامل على حماس وتحقيق نصر مطلق. هذا الهدف محل خلاف مع قيادات الجيش، سواء الحالية أو السابقة، لأنه يتعارض مع سلامة الأسرى الإسرائيليين. لا يمكن تحرير الأسرى وفي الوقت نفسه القضاء على حماس كليًا. الجيش الإسرائيلي، اليوم، يقول إن العمليات العسكرية انتهت، وعلى المستوى السياسي أن يقرر إن كان يريد احتلال غزة بالكامل. هذا القرار مرتبط بعوامل سياسية داخل الائتلاف، ويعكس تردد المستوى السياسي.

“عرب 48”: كيف تقيّم موقف المجتمع الدولي، وخصوصا الولايات المتحدة، من أداء حكومة نتنياهو؟

زيداني: يجب التفريق بين المجتمع الدولي من جهة، والولايات المتحدة من جهة أخرى. أميركا ما زالت تدعم إسرائيل بشكل غير مشروط: دعم مالي، سياسي، عسكري، وقانوني. أما بقية دول العالم، فقد شهدنا تغيرًا في المواقف، حتى من حلفاء تقليديين كفرنسا وبريطانيا، إضافة إلى الغضب الشعبي المتصاعد، كما رأينا في مظاهرة ضخمة بأستراليا.

هذا الغضب يؤثر على مواقف الحكومات، كما ظهر في مؤتمر نيويورك الذي قادته السعودية وفرنسا، وطُرحت خلاله وعود بالاعتراف بدولة فلسطين. في أميركا، هناك ضغط شعبي أيضًا وحتى من داخل الكونغرس، لكن الإدارة لا تزال على موقفها الداعم لإسرائيل.

“عرب 48”: هل فعلا هناك أزمة سياسية داخل الحكومة الإسرائيلية، أم أنها مجرد خلافات حول مصالح ضيقة؟

زيداني: هناك خلافات فعلية، تتعلق بقانون الإعفاء من الخدمة العسكرية، بين الأحزاب الحريدية، وأيضًا مع الصهيونية الدينية التي تريد استمرار الحرب واحتلال غزة.

نتنياهو يحاول التوفيق بين هذه الأطراف، ويلجأ إلى الإقالات وإعادة ترتيب المناصب، كما حدث مع رئيس الأركان، المستشارة القضائية، ورئيس لجنة الخارجية والأمن.

الهدف هو كسب الوقت وتحقيق إنجازات قبل الذهاب للانتخابات البرلمانية، التي يسعى نتنياهو لتأجيلها حتى موعدها الرسمي، لأن الاستطلاعات لا تصب في صالحه.

“عرب 48”: هل الضغوط الداخلية والمظاهرات قادرة على دفع إسرائيل نحو انتخابات برلمانية جديدة؟

زيداني: المظاهرات تطالب بذلك منذ وقت طويل، لكنها لن تسقط الحكومة. الائتلاف لا يزال متماسكًا ويضم 68 نائبًا بعد عودة جدعون ساعر إلى الليكود.

الانتخابات قد تقترب فقط إذا انفجرت أزمة داخلية في الائتلاف، وليس بسبب ضغوط خارجية. حتى الآن، يتم احتواء هذه الخلافات، وإذا استمر ذلك، فالحكومة ستبقى حتى نهاية ولايتها.

التجربة تقول إن المظاهرات لا تُسقط هذه الحكومة، بل ربما تسقط فقط من الداخل.

“عرب 48”: كيف تؤثر الأزمة في غزة على العلاقات بين المجتمعين اليهودي والعربي داخل إسرائيل، في ظل تصاعد الخطاب التحريضي؟

زيداني: نحن بصدد نكبة فلسطينية ثانية مركزها في غزة، وما يحدث هناك من قتل وتجويع واضح للعالم.

المحيط أيضًا يتأثر، لا سيما الضفة الغربية التي تتعرض لهجمة استيطانية وتهجير، وهناك أكثر من 1000 حاجز عسكري ومعاقبة مالية للسلطة.

في أراضي الـ48، التأثير مباشر وكبير، ويذكّر بما بعد النكبة الأولى: اعتقالات، مصادرة حريات، وملاحقة تعبير. الفلسطينيون في الداخل يدفعون ثمنًا سياسيًا ومعيشيًا، وإن كان أقل من الضفة وغزة، لكنه ثمن واضح.

“عرب 48”: ما هي توقعاتك لتشكّل التكتلات الانتخابية في المجتمع العربي، وهل من إمكانية لإعادة تشكيل القائمة المشتركة؟

زيداني: التجربة تقول إن وجود قائمة مشتركة يرفع نسبة التصويت ويزيد عدد النواب العرب في الكنيست.

المشكلة تكمن في توحيد مصالح الأحزاب، وليس المبادئ، إذ يصعب التوفيق بينها.

برأيي، يجب تشكيل قائمة موحدة، حتى لو على أساس تقني فقط، لعبور الانتخابات، وبعد ذلك يُنظر في التفاصيل. هذا الخيار يحظى بتأييد شعبي أوسع.

“عرب 48”: حتى مع من شارك في الحكومة السابقة التي يرأسها التيار الديني الصهيوني؟

زيداني: إذا كانت القائمة المشتركة قائمة على أساس تقني، فلا مانع، خاصة إذا “تاب” من شارك في الحكومة السابقة.

أما تحالف مبدئي وعميق، فهذا مستبعد في الوقت الحالي، لكن وحدة تقنية لتجاوز الانتخابات والحصول على أكبر عدد من مقاعد النواب خيار واقعي وأكثر قبولًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب