الضجيج حول احتلال غزة: ضباب يسدل الستار على التهجير والضم الزاحف للضفة بقلم الكاتب مروان سلطان.فلسطين
بقلم الكاتب مروان سلطان.فلسطين

الضجيج حول احتلال غزة: ضباب يسدل الستار على التهجير والضم الزاحف للضفة
بقلم الكاتب مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸
6.7.2025
————————————————-
احتلال غزة هذا المصطلح المتداول منذ السابع من اكتوبر ، اليوم وبعد مرور اكثر من عشرون شهرا على الحرب والدبابات والجنود الاسرائيليون اصبحوا يحتلون اكثر من %80 من قطاع غزة، استطيع القول ان الوصول الى نقطة في القطاع لا يتعدى اكثر من نصف ساعة، اذا لم يكن بضع دقائق . المصطلح اصبح مستهلكا اكثر من اللازم ولكن ان حصل فان يحمل في طياته الكثير من المعاني التي تخدم اهداف الحرب على غزة.
اثارة ذاك الضجيج حول احتلال غزة ، من جديد بعد توقف المفاوضات مع حركة حماس ، يهدف الى احداث بلبلة قد تخفي وراءها نوايا للتغطية على مسار مخططات قد تفضي الى ضم واسع الى الضفة الغربية لاسرائيل هذا من جهة ، ومن جهة اخرى فان هذا المشروع يدفع باتجاه تهجير الغزيين الى خارج قطاع غزة. المخطط يحظى بالدعم الامريكي الواسع من ادارة ترامب، والكونجرس الامريكي. ويتكوف مستشار الرئيس ترامب زار غزة بحجة الاطلاع على الوضع الانساني في غزة، وهذا يبدو ان الموضوع اكبر من ذلك بكثير لان مسؤول رفيع يزور غزة ، لا يمكن ان يكون ذلك فقط من اجل وجبات تقدمها جمعية غزة الانسانية، هم اناس اوقاتهم تحسب بالدقيقة والثانية ولكن الامر كبير ، ويتم الاعداد له للحصول على الدعم الامريكي.
بينما تُسلّط الكاميرات على أنقاض غزة، وتحتل المأساة مشهد الأخبار الدولية، تُمرّر إسرائيل في الضفة الغربية أخطر ما يمكن تمريره: تغيير دائم في الجغرافيا والسكان، وتكريس للاحتلال كأمر واقع لا رجعة فيه. الضجيج الذي تصنعه إسرائيل في غزة، يُخفي ما تُنجزه بصمت في الضفة الغربية، ومارب اخرى في غزة.
الضجيج حول غزة ليس فقط صوت المدافع والطائرات، بل أيضًا صوت التضليل الاستراتيجي الذي يخدم أهدافًا أعمق بكثير مما يبدو على السطح. ما يجري في غزة منذ 7 أكتوبر ليس معزولًا عن المشروع الاستيطاني الاحلالي في الضفة الغربية، بل هو جزء من خطة مركبة، معقدة تهدف الى خلق واقع جديد على حساب الفلسطينيين يتضمن، استنزاف الفلسطينين الى الحد الاقصى، وكذلك خلق ضجيج اعلامي يتم التركيز على الدمار الشامل، واثار الجوع القاتل، وترنح المواطنين في اروقة المشافي التي يمكن ان تسمى اي شئ الا مشافي لان تخلو من الحد الادني من العلاجات. وما بين هذا وذاك قد تنفذ اسرائيل مشروعها الاستيطاني في الضفة والتهجير في غزة بعيدا عن الانظار وتجري تغيرا في الجغرافيا والسكان.
من يرى بعين واحدة ولا يرى التغير ، الذي تحدثه اسرائيل في الشان الفلسطيني ، يضل البوصلة، ويقع في فخ التضليل الذي يرسمه الاعلام الرسمي الاسرائيلي في تدمير غزة ، وملاحقة حركة حماس بينما تقوم بهندسة الواقع الجغرافي الفلسطيني بالقوة العسكرية في غزة والناعمة، من خلال التطهير العرقي في الاغوار ومناطق C، وانفلات المستوطنين ظل الجيش الاسرائيلي ومكوناته، وقرارات حكومية تتستر بغطاء امني . انه تواطئ يكشف المقاربة بين الحرب واهدافها على غزة وضم الضفة الغربية على اعتبار انها اخر حلقات ضياع القضية الفلسطينية.
المؤسسة الإسرائيلية لا تخوض الحروب من أجل الأمن ولا تُمعن في قتل الفلسطينيين من باب الردع . ما يحدث منذ أكتوبر هو جزء من مشروع تاريخي يقوم على الحسم الجغرافي والديموغرافي، تحت ذرائع تتغير، لكن الهدف يبقى ثابتًا: السيطرة على الأرض، وطرد الإنسان.
عرض نتنياهو لخرائط الضم أمام الأمريكيين هو محاولة لتمرير ما تعجز إسرائيل عن فرضه دفعة واحدة. هي تراهن على الغفلة، وعلى الحرب، وعلى انشغال الفلسطينيين والعرب والعالم بالدمار في غزة ، وادخال المساعدات، والاعمار.
ما بعد الحرب قد يكون أخطر من الحرب ذاتها، إذا غابت الرؤية الوطنية، وإذا تم عزل غزة عن الضفة كما تريد إسرائيل. وما لم نُفشل هذا الفصل المقصود، سنستيقظ على وطن ممزق، جغرافيًا وسياسيًا، يهيمن عليه الاحتلال من البحر إلى النهر في ظل صمت مريب.