الصحافه

نيويورك تايمز: إسرائيل أجرت محادثات مع جنوب السودان لتهجير سكان غزة إليها

نيويورك تايمز: إسرائيل أجرت محادثات مع جنوب السودان لتهجير سكان غزة إليها

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا أعده أرون بوكسرمان وناتان أودينهايمر وعبد اللطيف ضاهر، قالوا فيه إن إسرائيل أجرت محادثات مع دولة جنوب السودان لتهجير سكان غزة إليها.

وأشارت الصحيفة إلى أن المسؤولين الإسرائيليين تحدثوا ولأشهر عن تهجير سكان غزة جماعيا وقسرا إلى جهات عدة، ولكنهم الآن ناقشوا مكانا محتملا: إجبارهم على الرحيل إلى دولة جنوب السودان التي مزقتها الحرب والمجاعات، كجزء من الدفع الإسرائيلي الأوسع للهجرة الجماعية من القطاع المدمر.

ونظرا لعدم تمكن إسرائيل حتى الآن من إيجاد دول مستعدة لاستقبال أعداد كبيرة من لاجئي غزة، فقد أجرت محادثات مع جنوب السودان بشأن استقبالهم، وفقا لمسؤولين وأشخاص مطلعين على المناقشات.

ويعتبر المراقبون والنقاد أن إجراء إسرائيل محادثات بهذه الطريقة وإجبار الفلسطينيين قسرا على مغادرة وطنهم هو تطهير عرقي وجريمة حرب. ولأن إسرائيل تطمح في إعادة احتلال غزة وبناء المستوطنات من جديد فيها فإن المسألة تتعلق إما بتهجير دائم للفلسطينيين أم مجرد إعادة توطنيهم في مكان غير وطنهم، حسبما يقول النقاد.

وعليه فقد أطر المسؤولون الإسرائيليون عملية تهجير الفلسطينيين بأنها مجرد “هجرة طوعية”، وفي الأسبوع الماضي نفى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو أن تكون إسرائيل عازمة على “طرد” سكان غزة، ولكنه لم يقل إن كان سيسمح لمن سيخرج منهم بالعودة إلى وطنه مرة أخرى.

وفي الوقت الذي نفى فيه مسؤولون في دولة جنوب السودان أي محادثات بهذا الشأن، إلا أن مسؤولين بارزين اعترفوا في أحاديث خاصة بأنهم ناقشوا الاحتمال المثير للجدل مع مسؤولين إسرائيليين، وذلك حسب ثلاثة مسؤولين في المنطقة ومسؤول في جنوب السودان الذي أحيط بالمحادثات وكذا جماعة لوبي تحاول إقناع حكومة جنوب السودان بقبول الفلسطينيين.

وقال خمسة أشخاص، تحدث أربعة منهم شريطة عدم الكشف عن هويتهم، إن المحادثات بين إسرائيل وجنوب السودان لم تشهد أي تقدم بعد. ومع ذلك، فإنها تخدم مصالح كلا الجانبين، فمن جهة، يأمل المسؤولون الإسرائيليون بطرد أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين في غزة، بينما يسعى جنوب السودان لكسب ود الرئيس دونالد ترامب، من جهة أخرى.

وكان الرئيس الأمريكي قد طرح مبدئيا فكرة إجلاء سكان غزة البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة، ولكنه تراجع عنها عندما رفضها حلفاء آمريكا في مصر والأردن. وفي حين كان نتنياهو متحفظا في تصريحاته، إلا أن حلفاءه من اليمين المتطرف، الذين يدعمون الاحتلال الإسرائيلي الدائم في غزة، دعموا فكرة تهجير الفلسطينيين.

 ففي أيار/ مايو، عبّر وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، عن أمله بتهجير سكان غزة قريبا “إلى دولة ثالثة”. كما قال الشهر الماضي إن غزة “جزء لا يتجزأ من أرض إسرائيل”. وقالت غيلا غامليل، الوزيرة في مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي، في مقابلة تلفزيونية إنه “يجب على 1,700,000 فلسطيني مغادرة قطاع غزة”. وفي الشهر الماضي، دعا وزير حكومي أقل شهرة، وهو عميخاي إلياهو،إسرائيل لأن “تطرد سكان” غزة، وهو موقف نأى مكتب نتنياهو بنفسه عنه.

وعلى خلاف الحروب الحديثة، فسكان غزة ليس لديهم مكان للخروج إليه، فمع أن مصر فتحت المجال أمام عشرات الآلاف من الغزيين للدخول إلى أراضيها في الأشهر الأولى من الحرب، إلا أنها لم تعد تستقبل أحدا، فيما تركز الدول الأخرى على إجلاء أعداد صغيرة ممن هم بحاجة للعلاج الطبي.

 وبعد هجمات حماس في 7  تشرين الأول/أكتوبر، حثت إسرائيل الدول، وبخاصة مصر على استقبال أعداد كبيرة من لاجئي غزة، ولكن دون جدوى. أعربت بعض الدول عن مخاوفها من أن تمنع إسرائيل الفلسطينيين من العودة، مما يجعلهم لاجئين دائمين، وهو خوف يتشاركه الفلسطينيون أنفسهم.

 وترى جماعات حقوق الإنسان أن ما تسميه إسرائيل هجرة “طوعية” هو أبعد ما يكون عن ذلك. ويعلق عمر شاكر، مدير مكتب إسرائيل وفلسطين في منظمة هيومان رايتس ووتش: “لا يوجد شيء طوعي عندما تجعل غزة غير صالحة للعيش، وعندما تدمر البنية التحتية المدنية الضرورية للحياة المدنية” فـ”الاستمرار في إجبار الناس على النزوح ليس طوعيا”.

ورغم رغبة عدد من الغزيين في الخروج من القطاع المدمر، إلا أن فكرة الذهاب إلى جنوب السودان التي عانت من العنف العرقي والمجاعة والفساد منذ انفصالها عن السودان عام 2011 غير مقبولة. وقد لا يجد الفلسطينيون الاستقبال الكبير في جنوب السودان، الدولة ذات الأغلبية المسيحية والوثنية. ويقول جلال الهمص، الذي يعيش في خيمة بجنوب غزة مع زوجته وأطفاله الأربعة: “سأغادر غزة لإنقاذ أطفالي من هذا الوضع المروع، لكن الذهاب إلى جنوب السودان؟ هذا ما لا يمكننا قبوله”.

وعن المزايا التي يمكن أن تحصل عليها دولة جنوب السودان من خلال العمل على تهجير الفلسطينيين، فهي مساعدة إسرائيل لهم في الضغط على إدارة ترامب لرفع حظر التأشيرات على مواطنيها، بالإضافة إلى رفع حظر الأسلحة والعقوبات المفروضة على بنيامين بول ميل، نائب الرئيس القوي الذي ينظر إليه على نطاق واسع على أنه الزعيم القادم المحتمل للبلاد.

وفي نيسان/ أبريل، ألغت إدارة ترامب جميع تأشيرات السفر لمواطني جنوب السودان إلى الولايات المتحدة، بعد اتهام جنوب السودان برفض التحرك بسرعة لإعادة مواطنيها الذين يتم ترحيلهم. وفي تموز/ يوليو، وافق جنوب السودان على قبول ثمانية مهاجرين رحلتهم إدارة ترامب من الولايات المتحدة، واحد منهم فقط من جنوب السودان.

في المقابل، فتدفق أعداد كبيرة من سكان غزة سيكون له أثر كبير على البلاد، في ظل معاناة جنوب السودان من عدم استقرار سياسي متزايد وأزمات إنسانية متفاقمة. وقال جوزيف سزلافيك، مؤسس شركة ضغط تعمل مع حكومة جنوب السودان، إنه ناقش الموضوع مع مسؤولين من هذا البلد، وكشف أن المحادثات بين إسرائيل وجنوب السودان بدأت في وقت سابق من هذا العام. وكانت وكالة “أسوشيتد برس” أول من أورد خبر المحادثات بين الجانبين. ويدرس جنوب السودان المقترح، لكن مسؤوليه يخشون تحمل العبء المالي لرعاية عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين، وفقا لسزلافيك. وأضاف: “يتساءل سكان جنوب السودان عمن سيدفع”.

من جانب دولة جنوب السودان، تحدثت وزيرة خارجية البلاد، سيمايا ك. كومبا، يوم الاثنين مع مسؤولين إسرائيليين حول هذا الموضوع، وفقا لمسؤولين من الشرق الأوسط وجنوب السودان. ولم يستجب المتحدث باسم حكومة جنوب السودان لطلب التعليق. ونفت وزارة خارجية جنوب السودان إجراء محادثات مع إسرائيل، واصفة التقارير المتعلقة بها بأنها “لا أساس لها من الصحة”.

 وأثارت هذه التقارير ردود فعل غاضبة في جنوب السودان. وصرح رئيس اللجنة البرلمانية للشؤون الخارجية في جنوب السودان لوسائل الإعلام المحلية بأنه سيستدعي كومبا للمطالبة بإجابات منها.

– “القدس العربي”:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب