الصحافه

التجنيد الإلزامي في الأردن.. “نضوج مفاجئ” أم استعداد لتهديدات اليمين الإسرائيلي؟

التجنيد الإلزامي في الأردن.. “نضوج مفاجئ” أم استعداد لتهديدات اليمين الإسرائيلي؟

روان سليمان وجاكي خوري

أعلن الأردن أول أمس عن استئناف التجنيد الإلزامي للرجال، للمرة الأولى منذ 34 سنة، واعتبر الخطوة واجباً وطنياً لكل مواطن.

ولي عهد الأردن، الأمير حسين بن عبد الله الثاني، عرض ذلك في خطاب ألقاه أمام الشباب في محافظة إربد، وقال إن على الأردنيين الاستعداد للخدمة في الجيش والدفاع عن دولتهم. وذكر بأن الأجيال السابقة التي أدت الخدمة الإلزامية فهمت أهميتها في بناء المناعة والوحدة. “الخدمة الإلزامية تعزز الهوية وتعمق العلاقة بين الشباب ووطنهم”، قال الأمير حسين.

تم عرض تفاصيل الخطة الأردنية أمس في مؤتمر صحافي مشترك عقده المتحدثون بلسان الحكومة والجيش. “على كل من يستدعى للخدمة التجنيد، ولن يكون معفياً من الخدمة”، قال المتحدث بلسان الجيش، الجنرال مصطفى الحياري. وأضاف بأنه سيكون بين المجندين عمال وطلاب أيضاً. وقال إن المرحلة الأولى من التجنيد للخدمة الإلزامية ستضم ستة آلاف رجل من مواليد العام 2007 الذين سيبلغون 18 سنة حتى الأول من كانون الثاني 2026، ثم سيرتفع العدد إلى 10 آلاف مجند. وأضاف أن عدد المجندين سيزداد بعد ذلك.

المرحلة الأولى من التجنيد للخدمة الإلزامية ستضم ستة آلاف رجل من مواليد العام 2007 الذين سيبلغون 18 سنة حتى الأول من كانون الثاني 2026، ثم سيرتفع العدد إلى 10 آلاف مجند

جاءت خطة التجنيد الإلزامي في موازاة الجيش المهني وبقيادته، الذي ما زال التجنيد له مفتوحاً كالعادة. كان الأردن ألغى التجنيد الإلزامي في 1991، حيث كان على الرجال في أعمار 18 – 40 سنة، الخدمة سنتين في الجيش. بعد ثلاث سنوات من ذلك، وقعت المملكة على اتفاق السلام مع إسرائيل، ثم اعتبرت خلال سنوات حليفة مقربة من الولايات المتحدة في المنطقة، وتستضيف فيها آلاف الجنود الأمريكيين في إطار اتفاق دفاع مع الإدارة في واشنطن.

تجنيد بالقرعة الإلكترونية

عملياً، سيجتاز المجندون الجدد في الأردن تدريباً عسكرياً لثلاثة أشهر، وبعدها يمكن استدعاؤهم للخدمة – حسب احتياجات الجيش – إلى أن يصلوا إلى جيل الأربعين. بعد ذلك، سيعتبرون جنوداً في الاحتياط لمدة خمس سنوات.

حسب المتحدث بلسان الجيش الأردني، سيتم اختيار المرشحين للتجنيد الإلزامي من خلال قرعة إلكترونية. “ستستمر الخطة للسنوات القريبة القادمة بهدف ملاءمة نفسها مع كل الشبيبة، طبقاً للقدرات المالية واللوجستية”، قال المتحدث بلسان الجيش.

المتحدث بلسان الحكومة، محمد المومني، قال إن أجهزة تنفيذ خطة التجنيد مرنة، وتأخذ في الحسبان احتياجات الطلاب والعاملين على حد سواء. وحسب قوله، فإن فترة التجنيد الإلزامي ستساوي 12 ساعة من النقاط الأكاديمية بالنسبة للطلاب. وجاء أيضاً أنه يمكن تأجيل التجنيد أو الحصول على إعفاء وفقاً للحالات المشار إليها في القانون، مثل الولد الوحيد في العائلة، وعدم اللياقة الصحية، والعيش في الخارج، والطلاب. “أما عقوبة عدم تنفيذ التجنيد الإلزامي فهي السجن ثلاثة أشهر على الأقل وحتى سنة”، قال المومني.

عندما سئل المتحدث بلسان الحكومة: لماذا لم يتم شمل النساء في التجنيد الإلزامي؟ أجاب: “في البداية، سيتم استكمال تأهيل القوة البشرية بتجنيد الرجال حسب سنة الميلاد، ولاحقاً سنبدأ بتجنيد النساء. والمرأة الأردنية ستعمل إلى جانب الرجل الأردني حتى في الوحدات القتالية”، قال المومني.

وسئل المتحدث بلسان الحكومة: هل تشعر بوجود تهديد على الأردن من جانب الحكومة اليمينية في إسرائيل، وهو ما سرع إخراج هذه الخطة إلى حيز التنفيذ؟ أجاب بأن سلوك اليمين في إسرائيل يمس بمصالح دول المنطقة بسبب سياستها المتبعة في غزة، وجهودها لإضعاف فكرة حل الدولتين. “لذلك، نعمل مع مؤسسات وأجهزة الدولة بصورة حكيمة ومنطقية أمام جنون اليمين المتطرف في إسرائيل”، قال المتحدث.

مصادر عربية تحدثت مع “هآرتس” قالت إن قرار الأردن يرتبط بالتحديات المتزايدة في المنطقة، مع التأكيد على ما جلبته الأشهر الأخيرة في الساحات القريبة من الأردن، بالأساس أمام إسرائيل وسوريا. وحسب هذه المصادر، حتى لو تعلق الأمر بعملية نضجت خلال فترة طويلة، فلا يمكن تجاهل عدة أمور حدثت في الفترة الأخيرة. وقدمت المصادر مثالاً على ذلك، وهو آخر بيان طرحه سموتريتش عن خطة البناء في منطقة إي1، التي تفصل شمال الضفة عن جنوبها، وتصريحه بشأن تحطيم حلم الدولة الفلسطينية وتداعيات هذه الخطوة على السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية.

حسب أقوال المصادر نفسها، من غير الواضح إلى أي درجة ستضغط الخطوات الإسرائيلية على الحكومة الأردنية لمنع الهجرة أو التهجير من الضفة الغربية نحو المملكة، وذلك في موازاة الخطاب المتزايد حول إخلاء السكان من قطاع غزة، وأن الأردن قد يكون الهدف للاجئين الفلسطينيين.

وثمة قضية أخرى لا تقل إزعاجاً للأردنيين، وهي التطورات الأخيرة جنوبي سوريا والمواجهات بين العشائر البدوية والدروز، وأيضاً أمام النظام في دمشق، حيث لدى معظم القبائل السورية قرابة عائلية مع قبائل في الأردن. إضافة إلى ذلك، ما زالت هناك تحديات على الحدود المشتركة، بما في ذلك التهريب.

ملك الأردن، عبد الله الثاني، قال في السنة الماضية إن بلاده لن تقبل بأن يكون مستقبل المنطقة رهيناً لسياسة حكومة إسرائيل “اليمينية المتطرفة”. في المناسبة نفسها، طالب بإنهاء الحرب في قطاع غزة، وقال إن الأردن يحاول معارضة طرد الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة. “لن نسمح بأن يأتي التصعيد في المنطقة على حساب أمن الأردن أو أمن الأردنيين من أي طرف”.

بشكل عام، العلاقات بين الأردن وإسرائيل تدهورت منذ هجوم حماس في 7 تشرين الأول 2023 وبداية الحرب في القطاع. وتخشى عمان من القيام بخطوات أحادية الجانب في الساحة الفلسطينية. بعد حرب إسرائيل ضد إيران في حزيران، أشار محللون وكتاب أعمدة في الأردن إلى مواقف الحكومة الحالية في إسرائيل، واعتبروها عاملاً يزيد مخاوفهم من هيمنة إسرائيل في المنطقة، وعبروا عن قلقهم من أن تقوم بعمليات تهدد المصالح الوطنية للأردن بشكل مباشر، من بينها الدفع قدماً بسياسة الاستيطان والتهويد في الضفة الغربية بهدف إحباط إقامة الدولة الفلسطينية وتحقيق السلام في المنطقة.

هآرتس 19/8/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب