رياضة

آخر فصول التعتيم الرياضي: وسام أبو علي ليس فلسطينياً!

آخر فصول التعتيم الرياضي: وسام أبو علي ليس فلسطينياً!

على امتداد حرب الإبادة الوحشية بحق الفلسطينيين، حاولَ الكيان الإسرائيلي تلميع صورته بشتى الطرق، منها عبر الرياضة، حيث تسوّلَ تعاطف العالم من منصة «الألعاب».

حسين فحص

تستغل «إسرائيل» أي حدث عالمي لتحوير الحقيقة بما يخدم مصالحها. ظهرَ ذلك في شتى الحقول، والرياضة ليست استثناءاً. بالتزامن مع حرب الإبادة الحاصلة بحق المدنيين الفلسطينيين، طافَ الرياضيون «الإسرائيليون» بلاد العم سام لجذب التعاطف العالمي نحوهم. أولى معالم الوقاحة العاطفية جسّدها فريق مكابي رعنانا الصهيوني عندما شاركَ قبل عامَين تقريباً في تحضيرات دوري كرة السلة الأميركي للمحترفين، وهو ما استغلّه الصهاينة عبر مشهديةٍ مبتذلة شملت أعلاماً وقمصان تضامن على أنغام النشيد الوطني للكيان المغتصب.

ترافقَ الأمر مع إصدار اتحاد كرة السلة الأميركي (NBA) والرابطة الوطنية للاعبين بياناً أعلنا خلاله دعم العدو الغاصب بقولهما: «إننا نقف مع شعب إسرائيل»، فيما وقفَ فريقا نيويورك نتس وكليفلاند كافالييرز دقيقة صمت قبل استضافتهما فريق مكابي رعنانا، بالتوازي مع دعم بعض اللاعبين للكيان، على رأسهم لاعب لوس أنجليس لايكرز الأميركي ليبرون جيمس.

مشهديةٌ قبيحة تزامنت مع استخدام الولايات المتحدة وحلافائها النفوذ السلطوي لترهيب المتعاطفين مع فلسطين، جماهير ولاعبين وأندية… لكن ذلك لم يردع أحرار العالم عن نصرة القضية.

الفدائي حاضر

منذ إطلاق شرارة «طوفان الأقصى» الأولى، رفرفَ علم «الفدائي» في أغلب الدوريات الرياضية العالمية، غالباً عبر الجماهير التي حاولت رفع صوت المستضعفين بوجه الطبقات الحاكمة الساعية لخنقه، وطافت الكوفية في مدرجات آسيا وإفريقيا والقارة العجوز… وصولاً لأميركا نفسها التي وجدت نفسها أخيراً في عنق الزجاجة بعد استقدام نادٍ كروي تابع لها واحداً من أبرز نجوم كرة القدم الفلسطينية، وسام أبو علي.

يتم تسخير الرياضات في بلاد العم سام لضمان مصالح بعض النافذين

انتقلَ اللاعب الفلسطيني-الدانمركي قبل أسابيع من الأهلي المصري إلى كولومبوس كرو مقابل 6.4 ملايين يورو، وسبقَ لابن الـ26 عاماً أن مثّلَ منتخب «الفدائي» في التصفيات الآسيوية المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2026، مع إضاءته على القضية الفلسطينية مراراً خلال مسيرته، منها عبر الاحتفال بإحدى أهدافه على طريقة الشهيد يحيى السنوار.

وفي ظل حساسية ما يُمثّله أبو علي، وإمكانية التأثير التي يمتلكها في اللعبة الشعبية العالمية، أثارت الصفقة فضول الوسط الرياضي حول كيفية تعامل كرة القدم الأميركية مع اللاعب الفلسطيني، خاصةً لجهة سياستها ذات المعايير المزدوجة فيما يتعلّق بالخطاب السياسي عبر المدرجات.

معايير لخدمة الأجندات

يفرض الدوري الأميركي لكرة القدم (MLS) قواعد صارمة تمنع اللافتات السياسية أو أي شيء يتعلق بالقوانين التشريعية في الملاعب. ولكن ما يثير السخرية هو سقوط هذه «الضوابط» غالباً على أعتاب المصالح الشخصية، حيث يتم تسخير الرياضات في بلاد العم سام لضمان مصالح بعض النافذين، تماماً كما حصلَ في الانتخابات الأخيرة عندما صالَ الرئيس الجمهوري المٌنتخَب دونالد ترامب في الملاعب والمضامير لجمع أصوات الناخبين الشباب تحديداً، مع حصده مئات ملايين الدولارات لتمويل حملته الانتخابية من ملّاك الأندية، على رأسهم مالكة فريق دالاس مافريكس، ميريام أديلسون، التي ضخّت وحدها 100 مليون دولار في جهود إعادة انتخاب الرئيس الجمهوري، وهو ما لعبَ بحسب النقّاد دوراً كبيراً في ضمان ترامب ولايةً رئاسية ثانية في البيت الأبيض.

على الجهة المقابلة، يسمح «MLS» برفع الأعلام الوطنية الخاصة بلاعبي الدوري الدوليين على نطاقٍ واسع. عليه، طالبت رابطة المشجعين الرسمية لفريق كولومبوس كرو بالسماح لها برفع علم فلسطين لدعم أبو علي، والحصول تباعاً على استثناء بعد التضييق الممنهج الذي رافقَ الجماهير منذ 7 أوكتوبر/تشرين الأول (تاريخ طوفان الأقصى)، وهو ما وافقَ عليه الدوري الأميركي شرطَ أن يقتصر الأمر على المباريات البيتيّة.

رغم ذلك، صُعِقَ الوسط الرياضي المؤيِّد لفلسطين بعد أن نشرَ نادي كولومبوس كرو عبر حساباته الرسمية مقطع فيديو لاستعراض كواليس المشاركة الرسمية الأولى لأبو علي مع الفريق، مع وضعه علم الدانمارك أمام اسم اللاعب في غرفة الملابس الخاصة بالفريق، وليس العلم الفلسطيني الذي يُمثّل أبو علي ألوانه على الصعيد الدولي. لا تزال ملابسات المقطع غير واضحة فيما يتعلّق برضا اللاعب من عدمه، وحول الضغوط التي حصلت لإقصاء العَلَم الفلسطيني. الأكيد هو التجاهل التام من قِبَل النادي لهوية وجنسية أبو علي الفلسطينية، ما يُشكّل قمع وإهانة له في «بلاد الحريات».

ويبدو أن جزءاً من الكَيد الأميركي جاء رداً قامعاً في وجه احتفال وسام أبو علي بعلامة النصر على طريقة حنظلة، الرمز الأيقوني للمقاومة الفلسطينية الذي رسمه ناجي العلي، حيث أشاد أبو علي بروح أمته الصامدة بعد تسجيله ثلاثية لفريقه السابق الأهلي المصري أمام بورتو البرتغالي في كأس العالم للأندية على ملعب ميتلايف في الولايات المتحدة.

هي حلقة جديدة من مسلسل الإضاءة والتعتيم على القضايا بما يخدم الأجندات الغربية. العَلم الفلسطيني سُلبَ أمس عنوةً من أبو علي، تماماً كما يحاوِلُ الغرب اليوم سلب الفلسطينيين أرضهم. أمام هذا الاستعمار الرمزي والممنهج، يبقى الرفض أداةً فعّالة بوجه الطغاة، حتى ولو عبر إجراءٍ بسيط كعَلَمٍ يُرفع أو هتافٍ يصدح على المدرجات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب