مقالات

الرّدّةُ في البعث العربي الاشتراكي بقلم الاستاذ الدكتور  عزالدين حسن الدياب -استاذ جامعي -دمشق 

بقلم الاستاذ الدكتور  عزالدين حسن الدياب -استاذ جامعي -دمشق 

الرّدّةُ في البعث العربي الاشتراكي
بقلم الاستاذ الدكتور  عزالدين حسن الدياب -استاذ جامعي -دمشق
 
في مقاربتي للظاهرة الانقسامية،ومحاولاتي تفكيك البنية الاجتماعية الانقسامية،بحثا عن عللها وأسبابها البنائية الاجتماعية والثقافية،القريبة والبعيدة،وفي ردي على بعض علماء الأنثروبولوجيا،ممن يعتبرون ويرون أن المجتمع العربي ،مجتمع انقسامي،وعدت إلى ابن خلدون،في أطروحة الدكتوراه،التي طبعت بكتاب؛”التحليل الاجتماعي السياسي لظاهرة الانقسام في الحياة العربية -حزب البعث العربي الاشتراكي أنموذجاً,وراجعت نظريته في مسألة العصبية،ودورها في الانقسامات،وأخذت بقوله :”الإنسان ابن عوائده”أي أن العوائد تكون الشخصيات الاجتماعية،وتثقفه بعوائدها،أي أعرافها وقيمها وعاداتها وما تنتجه من وسائل عيش وحياة.وعدت إلى بنية البعث الاجتماعية الثقافية،لأستدل،على ثقافة
أعضاءه,منقاداً بمقولتنا:”قل لي ما ثقافتك أقول لك من أنت،فترائى لي أن بنية البعث الثقافية،بنية متنوعة الثقافات،شأنه في ذلك شأن البنية الثقافية العربية،وهذا التنوع الثقافي،تنوع تركيبي تكاملي خلاق لأنّ في التنوع تتلاقى الخبرات،وتتلاقى المعارف في خلفياتها واجتهاداتها وما أتت به من جديد فيه مستويات من التراكم والتفاعل والإضافات الجديدة،وقلت أن الشخصية البعثية بمعالمها وخصائصها،لها جملة مع المشتركات الثقافية، وبحثت في مقولة وأطروحة الجيل العربي الجديد لأستاذنا ميشيل عفلق،أبحث عن مواصفات هذا الجيل ومحدداته الثقافية ومعالمه،وما فيها من جديد، وهو يدعو إلى
انقسام هذه الشخصية،انقساما إبداعياً،تتلاقى مع ما يريده نضاليا من هذا الجيل،وقرأت مقالاته لأرى إلحاحه،على الانفكاك من القيم والاعراف البالية،التي ناهضها الرسول
العربي،من أجل جيل عربي جديد بإسلامه وأخلاقه العربية ،عندما قال جملته الخالدة،:”كان محمداً كل العرب،فليكن كل العرب اليوم محمداً.
وفي قوله هذا نرى الجيل الجديد الذي راهن عليه في معركة المصير العربي الًواحد،نرى شخصيته الاجتماعيّة النضالية،التًي نرى فيها المستقبل العربي.
ولم أر هذه الصورة-الشخصية البعثية قد تحققت كما يراد لها في أكثر صفحات موسوعته :في سبيل البعث،الأجزاء الخمسة.الأمر الذي استدعاني لدراسة الجديد،في الانقسامات
التي كانت تطول بنية البعث التنظمية،فوجدت في مؤامرة 23شباط،ظاهرةانقسامية،تحمل عنوان الردة كما سماها استاذنالكن العودة لدراسة هذه الردة،لابد أن تنطلق من حقيقة فكرية هو أن البعث كان “منذ نشأته الفكرية النضالية الأولى،أنه ليس إلا نتاج أمته-في سبيل البعث -ك3-ص165″ومادم البعث على هذه الصورة-الشخصية,فلا بد من دراسة مشكلاته التنظمية،على ضوء هذه النشأة.ومنهج التعامل مع الردة الشباطية،تعاملاً لايخرجنا عن ثوابت البعث الفكرية في قول مايجب أن يقال بحقها.يلزمنا العودة
إلى معنى الردة في اللغة العربية:
” الّردّةُ-يقال:له ردّهُ رجوعه وعطفه(الرّدّةُ:هيئة إلارتداد و:-الرجوع إلى الكفر- المعجم الوجيز -القاهرة-ص261″
وقصدنا من الرجوع إلى ردة شباط،الحيلولة دون انهياره،في ظل حملة منظمة ومسكونة بالمؤامرة على هذا الحزب ،لانّه حزب الأمة وهذا مايقوله نضاله،وما قدم ويقدم من شهداء على الساحة العربية.وما راح يقال تحت اسم وشعار حل حزب الدولة الأسدية “حزب البعث العربي الاشتراكي،والدعوات المغرضة التي تقول إن الزمن تجاوز البعث ،والتحديات التي تواجه الامة العربية تخطته..إلخ منها الدعوات الباطلة،التي يرد عليها البعث بنضاله،يوم جعل من العراق أنموذجاً قومياً،ترى فيه العروبة نفسهاوشخصيتها الاجتماعية النضالية الحضارية.
ردة شباط رأى فيها البعث على لسان مؤسّسه،بأنها عدوان وقع على شرعية نضال البعث،وانحراف باستعمال الجيش ضد الحزب،ودالة على انحراف عقائدي بالعودة للطائفية والجهوية والمناطقية،وتسلط على البعث من قبل فئات ارتدت إلى الثقافة الطائفية،بما تحمل من تفكيك لبنية التنوع الثقافي العربي.وما فرضته بالقوة والانحراف عن فكر البعث  بما انعكست”آثاره على حياة الشعب في هذا القطر،وعلى نفسيةالشعب العربي في الأقطار الأخرى،فشوّشت وشوّهت صورة”البعث”- وبدلت نظرته إلى الحزب-في سبيل البعث -ج2-ص368- 369.
هذا التبديل بصورة البعث،لم تقنع دعاة الحلّ بانّ الحزب الحزب بريء من أعمال الفئة العسكرية المتسلطة التي أساءت إلى سمعة الجيش والحزبيين العسكريين،بقدر ما أساءت إلى سمعة الحزب وماضيه النضالي المشرف، ووضعت الحواجز والسدود النفسية بينه وبين الشعب-ص329-نفس المرجع سالف الذكر”
وتمسكا بالنضال القومي وحفاظا على وحدة هذا النضال،وانتماء إلى قوة الوحدة الوطنية،ووحدة الروابط الوطنية والقومية،في معركةتخوض فيها الأمة العربية معركة
وجودها،أتينا بما قلناه عن الردة وردة شباط،حتى نزيل الالتباس بمسألة إقدام القوى المغيرة في سوريا على حل حزب الدولة الأسدية،إذا حاز هذا التعبير،منعا من الصيد بالماء العكر.
د-عزالدين حسن الدياب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب