كتب

اطلبوا المصالحة ولو في الصين!

اطلبوا المصالحة ولو في الصين!

بكر أبوبكر

بدأت خطوات التعاطي بين حركة التحرير الوطني الفلسطيني- “فتح”، وبين حركة “حماس” منذ عهد الرئيس الراحل الخالد ياسر عرفات أي منذ أواسط الثمانينيات من القرن العشرين وكانت جولات، ومن الشاهدين عليها في السودان الدكتور حسن الترابي، وتتابعت اللقاءات.

فكرة اللقاء الفتحاوي الحمساوي قديمة وسابقة على اتفاقيات أوسلو (١٩٩٣-١٩٩٥م) وسابقة على رفض “حماس” (وقبلها الاخوان المسلمين الفلسطينيين) الانخراط بالمنظمة (العلمانية بمعنى الكافرة) التي سعت جاهدة لوأدها ووراثتها، أوبإطار السلطة الوطنية الفلسطينية التي دخلتها “حماس”-إثر تمزيق فتوى تحريم دخولها سابقًا- وانخرطت بها عام ٢٠٠٦ حيث تسلم اسماعيل هنية رئاسة الوزراء من يد الرئيس ابومازن.

النقطة المفصلية هنا أن ما حصل عام ٢٠٠٧ كان مغامرة (اخوانية) بدفع خارجي تم الاعتراف به، جرّت الويلات على المجتمع الفلسطيني إذ قامت “حماس” ب”الحسم العسكري” كما أسمته أو كما أسمته حركة “فتح” والفصائل ضمن إطار (م.ت.ف) الانقلاب الاسود او الانقلاب الدموي. والذي لاحقًا بدأ الأمر بالتلاطف باستخدام المصطلح ليصبح الانقسام، هكذا بشكل عام.

خلال بضعة شهور انتقلت “حماس” المسيطرة على غزة من الديمقراطية التي رفعتها لكرسي السلطة الى “الحسم العسكري” الاستبدادي، ومنذ ذلك اليوم جرى “التمكين والولاء والبراء والاستعلاء….” من أفكار المتعصبين ب”الاخوان المسلمين” بما أسموه أول حكومة لهم بالتاريخ.

ولما كانت المبادرة الأولى للمصالحة رغم الدم قد جاءت من المعتقلات فإن جولات الحوار اللاحقة على الاقتتال على السلطة أو الهيمنة قد مرّت بمحطات عديدة من فكرة شطب المنظمة أو وراثتها عبر منظمة بديلة الى الاعتذار المقبول عن ذلك (خالد مشعل). وما هو الا تكرار لسيناريو سابق فاشل خاضته معظم دول العرب “التقدمية” حتى أصبح القرار الوطني الفلسطيني المستقل اليوم ضمن الإطار العربي الجامع هو الممثل لحقيقة الفلسطيني المقاوم والثائر والمناضل.

دار المتحاورون عبر العالم من مكة الى صنعاء الى دمشق الى القاهرة-ودومًا ما تكون العودة الى مصر-ثم الى الدوحة ثم الى الجزائر، والى غزة (اتفاق الشاطيء).

ولما ضاقت عواصم العرب ومدنها ب”الإخوة الأعداء” الذين يتربصون ببعضهم البعض! تنقل المتحاورون بين روسيا ثم الصين.

قالوا في الأثر “اطلبوا العلم ولو في الصين”، وعلى ما يبدو أن المثل أو المقولة التراثية-تنسب خطأ للرسول- تتسع لتصبح اطلبوا المصالحة ولو في الصين.

طوال فترات التنقل بين المدن والدول كانت التراشقات على قاعدة نحن ثوار وانتم مستسلمون، أو نحن لانتفاوض مع الاسرائيلي وأنتم تفعلون!؟ وأنتم تنسقون وتتعاونون مع العدو ونحن لا؟!.الخ حتى ظهر ان الجميع بمن فيهم “حماس” و”فتح” يتفاوضون ويتعاملون (ينسقون) مع العدو! كل لأغراضه، وظهر أن كل الفصائل وطنية (مع اعتراف “حماس” بوثيقة ٢٠١٧) بذلك.

ظهر أن كل الشعب المسلم هو مسلم اسلامي!؟ (مفاجأة أليست كذلك!) فسقطت حجج احتكار الاسلام في ثوب حزب ما، فأين الخلاف الحقيقي إذن؟!

إن الخلاف الحقيقي ليس على الدين ولاعلى الرب، ولاعلى تحرير فلسطين.

وما كان الخلاف على المباديء العامة ولا على الثورة والكفاح و المقاومة (اتفق الجميع عام ٢٠٢٠ على برنامج المقاومة الشعبية).

وليس الخلاف على استقلال دولة فلسطين القائمة والمحتلة بحدود ١٩٦٧ حيث ارتبط بها الجميع فلا فرق.

وماكان الخلاف على ضرورة مبدأ ومؤسسات السلطة/الحكم التي يحبها الجميع حبًا جمًّا، ويعزها الفصائليون أكثر من ارواحهم.

وسقطت شعارات انتم تنازلتم ونحن ما فرطنا إذ ظهر الموضوع غير ذلك.

كثير من الخلافات والصراعات والحروب الداخلية منها والخارجية في تاريخ العالم تم خوضها فداء ليس للشعب أو الأرض أو للمبدأ!؟ وانما فداء وتضحية في سبيل النفوذ والسيطرة والسلطة للحزب أو الفصيل أوالاستبداد للشخص القائد فلان أو الإمام علان، أو السلطان فلنتان، وهذا في تاريخ العالم كلّه، ولم يخرج تاريخنا العربي الاسلامي المسيحي المشرقي عن السياق وفي ذلك مئات الأمثلة القديمة والحديثة.

الخلاصة إن ما يحصل سواء في عالمنا العربي المشتت والمجزأ بارادة خارجية أو داخلية أو كليهما ليس بدعة جديدة وكذلك الأمر في السياق الفلسطيني المفتت، الذي آخره البحث بين سهوب وجبال وأنهار الصين عن خفيّ حنين!

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب