
آيل للسقوط
بقلم: حسين عبدالله جمعة – سعدنايل- لبنان
لبنان بين الأمل والمأساة كثيرة هي القضايا الآيلة للسقوط في لبنان، كما هو الحال في أغلب الدول العربية. لبنان، الذي يتألق على شاشات التلفزة بعروض الفرح والسهر والغناء، يبدو وكأن الأمل قد تحقق هنا، وأن المواطن يعيش حياة الرفاهية والحرية. لكن خلف هذه الواجهة البراقة تختبئ الحقيقة المؤلمة: أبنية متهالكة، كهرباء مقطوعة، مستشفيات ترفض استقبال المرضى، وفساد مستشري في كل زاوية. لبنان كما هو اليوم: مشهد مزدوج بين البهجة المزيّفة والمعاناة اليومية. الموت والحياة يتساويان في موازين غير عادلة، والأمل واليأس يختلطان في حياة المواطن البسيط. بين البؤس والثراء الفاحش في لبنان اليوم، يعيش الكثير من المواطنين تحت سقفٍ آيل للسقوط، وسط برد الشتاء القارس، وفقر يعصف بأطفال لم يذوقوا اللحمة منذ شهور، وعائلات تتقاسم طبق المجدرة لتكفي الحاجة. في المقابل، ينعم بعض السياسيين بامتيازات ورواتب خيالية، فيما الحد الأدنى للأجور لا يتجاوز ٣٠٠ دولار، في بلد يحتاج فيه المواطن إلى أكثر من ألف دولار ليعيش حياة كريمة. الفساد يملأ كل فجوة في الدولة: نهب الأموال العامة، تعطيل البرلمان والحكومة، وانهيار النظام المصرفي بعد سرقة ودائع الناس. كل ذلك يحدث بينما المواطن يشاهد المشهد وكأنه بعيدا عن حياته، في بلد يعج بالسهرات والملاهي بينما أبسط حقوق الإنسان مفقودة. اللبنانيون والربيع العربي – غياب الانفجار الشعبي نعود إلى الوراء، لنستذكر البوعزيزي في تونس، الرجل الذي أشعل ثورات الربيع العربي، وفتحت حركات الشعوب المقهورة أبواب التغيير بعد عقود من القمع والاستبداد. في كثير من الدول العربية، شهدت الشعوب انتفاضتها ضد الفساد والقهر، من تونس ومصر إلى ليبيا وسوريا، مع صراعات طويلة ومآسٍ إنسانية ضخمة. أما اللبنانيون، فهم الأكثر حاجة إلى مثل هذا الانفجار، لكن ربيعهم لم يأتِ. المواطن اللبناني المقهور، المسروق، والمحروم، ظل ينتظر بصمت، يتأمل في سقفه المتهالك، وفي أطفال لا يجدون طعامهم اليومي، وفي الثلوج التي تتساقط عليه وفي قارورة صغيره يبحث عن ماده المازوت ليدفئ بها أبنائه الشاعر خليل مطران قال “ما كانت الحسناء ترفع سترها لو أن في هذه الجموع رجالا.” اليوم، كما الأمس، يعاد السؤال نفسه: أين الرجال الذين يحمون وطنهم ويطالبون بالعدل؟ الثورات العربية تذكرنا بأن التغيير ممكن، لكن في لبنان، الشعب ما زال ينتظر فجره الخاص، وسط تضاد صارخ بين الرفاهية القليلة والفقر المدقع، بين صخب السهرات وعتمة الشوارع المظلمة. نحو ربيع إنساني لبناني تعالوا جميعًا، نرفع صوتنا ونعلن ربيعنا الإنساني، لا طلبًا للترف، بل لنيل أبسط حقوق الإنسان: بيت آمن، كهرباء، دواء، ومستقبل كريم واعاده اموال الناس للمتقاعدين والعجز والاهم اعاده الثقه المفقودة… فإذا كان أربعه ملايين فقط من اللبنانيين يعيشون اليوم على أرضهم، يعانون الفقر والحرمان، فيما البقية منتشرون في أصقاع الدنيا، فكيف سيكون حال هذا الوطن لو عاد الجميع فجأة؟ هل تستطيع دولة مأزومة، بنظام سياسي فاسد وباقتصاد منهار ومصارف ناهبة لودائع الناس، أن تحتوي أبناءها جميعًا؟ لقد حان الوقت لنسأل السياسيين جميعًا: إذا كان هذا هو حالنا ونحن قلة، فكيف سيكون حالنا إذا اجتمعنا كلنا هنا؟ لبنان اليوم يقف بين خيارين: أن يبقى بلد السهرات الفارغة والشعارات الخاوية، أو أن ينهض من جديد على أكتاف شعبه، بالحق والعدل، وبإرادة لا تعرف الخضوع. حسين عبدالله جمعة



