رئيسيالافتتاحيه

ماذا يدور في الغرف المغلقة؟

ماذا يدور في الغرف المغلقة؟

دعوات أمريكية لشخصيات فلسطينية: بين الوصاية المرفوضة والإرادة الشعبية

بقلم رئيس التحرير 

تشهد الساحة الفلسطينية في الآونة الأخيرة حراكًا مريبًا يتمثل في دعوات أمريكية لشخصيات فلسطينية لاجتماعات مغلقة، في محاولة لاستكشاف توجهات هذه الشخصيات وتهيئتها للعب دور في ترتيبات المرحلة المقبلة. هذا الحراك يأتي في سياق متغيرات إقليمية ودولية، ووسط حديث متصاعد عن “مرحلة ما بعد الرئيس محمود عباس”، وعن إمكانية إعادة تشكيل النظام السياسي الفلسطيني بما يتماشى مع الرؤية الأمريكية–الإسرائيلية.

محاولة لإنتاج قيادة على المقاس

الولايات المتحدة تدرك أن السلطة الفلسطينية تواجه أزمة مشروعية متفاقمة نتيجة غياب الانتخابات وتآكل الثقة الشعبية. ومن هنا تسعى واشنطن، عبر هذه اللقاءات، إلى إعادة إنتاج القيادة الفلسطينية وفق شروط محددة، تضمن استمرار التنسيق الأمني، واحتواء فصائل المقاومة، وتوفير الغطاء اللازم لخططها السياسية والأمنية. هذا المشروع، في جوهره، ليس سوى محاولة لفرض وصاية جديدة على الفلسطينيين، على غرار ما جرى في تجارب عربية سابقة أثبتت فشلها.

منظمة التحرير – الممثل الشرعي والوحيد

الفلسطينيون يؤكدون أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وأن أي محاولة للالتفاف على هذا التمثيل أو خلق بدائل وهمية ستفشل كما فشلت كل المشاريع السابقة. التغيير الحقيقي لا يُصاغ في الغرف المغلقة ولا بقرارات خارجية، بل ينطلق من القاعدة الشرعية الشعبية عبر صناديق الاقتراع.

التحذير من الإملاءات الأمريكية والانجرار وراءها

إن خطورة هذه اللقاءات تكمن في محاولات العبث بوحدة الشعب الفلسطيني من خلال الإملاءات الأمريكية، وإغراء بعض الأطراف أو المنظمات المدنية بالانخراط في مشاريع مشبوهة مقابل ضمان استمرار الدعم المالي. هنا يجب التنبيه بوضوح إلى أن منظمات المجتمع المدني (NGOs) مدعوة للتمسك بدورها الوطني الحقيقي، لا أن تتحول إلى أدوات في خدمة أجندات خارجية تحت ذريعة التنمية أو الاستقرار.

رفض مشاريع التقسيم والفصل

الأخطر في المشروع الأمريكي–الإسرائيلي هو السعي إلى تقسيم الضفة الغربية إلى كانتونات أو “إمارات” محلية، وفصل غزة عن الضفة الغربية بشكل نهائي، بما يكرس واقعًا استعماريًا جديدًا تحت شعار “الإدارة المحلية” أو “الحكم الذاتي المحدود”. هذه المخططات ليست سوى نسخة معدّلة من “صفقة القرن”، تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وتجريد الشعب من حقه في دولة مستقلة ذات سيادة.

الخلاصة – الطريق يبدأ من الشعب

المطلوب اليوم هو إجماع فلسطيني على إقرار الدستور الفلسطيني وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية تضمن تجديد الشرعية لمؤسسات الحكم وتكريس وحدة التمثيل الفلسطيني.

إن أي محاولة لتعيين أوصياء على الفلسطينيين، أو فرض حلول من الخارج، مرفوضة جملة وتفصيلًا. فالشرعية تُستمد من الشعب الفلسطيني وحده، عبر وحدته الوطنية ومقاومته وصموده، لا من الغرف المغلقة ولا من الدعم المشروط.

خاتمة – المرجعية القانونية الدولية

إن أي مسار سياسي عادل للقضية الفلسطينية لا يمكن أن يُبنى على الإملاءات الخارجية، بل يجب أن يستند إلى قرارات الشرعية الدولية التي أرست حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، ومن أبرزها:

القرار 181 (1947) الذي أقر مبدأ تقسيم فلسطين وأسس لحق الفلسطينيين في دولة مستقلة.

القرار 242 (1967) والقرار 338 (1973) اللذان رسخا مبدأ الانسحاب من الأراضي المحتلة مقابل السلام، وأكدا عدم جواز الاستيلاء على أراضٍ بالقوة.

القرار 2334 (2016) الذي اعتبر الاستيطان الإسرائيلي غير شرعي ويقوّض حل الدولتين.

وبناءً على هذه المرجعيات، فإن أي حل سياسي لا يعترف بحق الفلسطينيين في الاستقلال الوطني الكامل وحقهم غير القابل للتصرف في تقرير مصيرهم، لن يكون سوى استمرار لمسلسل الهيمنة والتجزئة. الطريق الواضح هو الالتزام بالقانون الدولي، وتوحيد الصف الفلسطيني، ورفض كل محاولات فرض الوصاية أو تقسيم الأرض والشعب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب