الصحافه

الغارديان: ريفييرا ترامب في غزة فحش ويريد منها تبرير أفعال نتنياهو.. ولكن ما هو دور توني بلير؟

الغارديان: ريفييرا ترامب في غزة فحش ويريد منها تبرير أفعال نتنياهو.. ولكن ما هو دور توني بلير؟

 قال المعلق في صحيفة “الغارديان” سايمون جينكنز إن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لغزة ما بعد الحرب هي فحش، فهل يمكننا الثقة بأن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أخبره بها. وقال إن زيارة رئيس الوزراء الأسبق إلى واشنطن مثيرة للقلق، وهذه خطة تثير السخط، ولا يمكن أن تدعمها دول عربية أو غربية على حد سواء.

لعل ترامب أحدث مناهضي التدخل، بل وأكثرهم جنوناً، فقد أظهر في عدائه لنهج الناتو الجماعي وحروبه الجمركية وانقلابه على أوكرانيا، هوساً بفصل الولايات المتحدة عن مشاكل العالم

وقال إن التقارير حول حضور بلير نقاشًا في البيت الأبيض حول خطة “ريفييرا غزة” التي اقترحها ترامب إما أن تكون خبرًا سارًا أو مزعجًا، فهي خبر سار إذا استخدم نفوذه لدى ترامب لإنهاء هذه الفاحشة، وهي خبر مروع إذا كان جزءًا منها.

وكان ترامب قد طرح الفكرة أمام عالم متشكك في شباط/فبراير، وقد ظهرت تفاصيلها الآن. وتتضمن طردًا، أو سجنًا فعليًا لمليوني فلسطيني، بينما تدير الولايات المتحدة القطاع لمدة 10 سنوات. وسيدفع لكل فلسطيني 5,000 دولار أمريكي، بالإضافة إلى إيجار لمدة أربع سنوات في مكان آخر وإمدادات غذائية لمدة عام واحد. ثم يُعاد بناء غزة كأرض ناطحات سحاب رائعة للاستثمار في الذكاء الاصطناعي والسياحة. وستكون دبي ثانية تدر ما يصل إلى 400 مليار دولار للمقاولين.

وسيكون المقاولون من القطاع الخاص لتنفيذ الخطة هم نفس الصندوق “الإنساني” الذي يوزع الطعام على القطاع الذي تنتشر فيه المجاعة.

وقال ترامب إن الفلسطينيين سيكونون أفضل حالًا لـ “العيش بشكل جميل في مكان آخر”. وقد يرى الأمريكيون يومًا ما “نظامًا سياسيًا فلسطينيًا جديدًا ومصلحًا خاليًا من التطرف، مستعدًا لأن يتولى المسؤولية”. ويقول جينكنز إنه “من غير المعقول أن تعتبر الخطة مقبولة في أي مكان، باستثناء إسرائيل”.

وذكر الكاتب بأن جميع أطراف الحرب عليها التزام أخلاقي بالتخطيط لما بعد ذلك. وبصفتها الراعي الرئيسي لرد فعل إسرائيل لهجمات “حماس” في تشرين الأول/أكتوبر 2023، فإن الولايات المتحدة الآن طرفٌ في تدمير أكثر من 90٪ من البيئة العمرانية في غزة، وقتل 63,000 من سكانها. ومن حيث الالتزامات الأخلاقية، لا بد أن يكون هذا الأمر غير مسبوق، ولكن عندما تحتل إسرائيل في النهاية غزة بأكملها، فإنها والولايات المتحدة ستطالبان بلا شك بحقوق المنتصرين في فعل ما يحلو لهما.

ولو كانت الأخلاقيات غائبة عن أجندة اجتماع بلير في البيت الأبيض، فالسؤال هنا: هل كان الواقع حاضرًا؟

وهناك العديد من الخيارات المستقبلية المحتملة التي تُطرح بالفعل بشأن غزة، من بينها خيار تدعمه مصر والجامعة العربية لإعادة إعمارها بتكلفة 53 مليار دولار. وهناك خيار آخر قد يكون العودة إلى اتفاق أوسلو لعام 1993، الذي قوّضته “حماس” وإسرائيل بشكل دوري. إلى جانب خيار آخر قد يشمل، على الأرجح، تحالفًا بين مصالح التنمية الفلسطينية والإسرائيلية تحت السيطرة الإسرائيلية.

وفي كل هذا، لا يمكن لأي خطة مجدية أن تنطوي على تطهير جماعي لأي أرض من سكانها التاريخيين وسرقتها للاستعمار من قبل قوة أجنبية. ولا يمكن لغزة أن تكون دبي ثانية أبدًا، وستكون خرابًا محاصرًا يعاني من الفصائلية والإرهاب. وستظل واشنطن مسؤولة لمدة 10 سنوات عن موقع بناء محاصر، حتى تشعر بالملل وتتركه لمصيره، كما فعلت مع سايغون وبغداد وكابول.

ويعلق جينكنز بأن الولايات المتحدة قد تكون أقوى وأنجح دولة في العالم، إلا أن محاولاتها الاستعمارية كانت بائسة. كانت أولى هذه المحاولات في القرن العشرين عندما وافق تيدي روزفلت على الاستيلاء على الفلبين، وسعى للحصول على أجزاء من منطقة البحر الكاريبي وأمريكا اللاتينية. وقد أدت محاولات فرض رقابة على العالم باستمرار إلى توسع المهام العسكرية إلى نوبات طويلة من التدخل. وكاد الجنرال ماك آرثر أن ينجح في غزو الصين خلال الحرب الكورية. أما جورج بوش الأب، فقد كان له دور عالمي في الكويت، عندما أعلن عن “نظام عالمي جديد” تحت السيطرة الأمريكية. وقد تصرف بشكل عام في حراسة قائد جيشه، كولن باول، محذرًا لاحقًا من أنه “إذا كسرته، فأنت تملكه”، ومع ذلك غزا الصومال.

وقد اتبع ابنه، جورج دبليو بوش، نداء مستشارته للسياسة الخارجية كوندوليزا رايس بعدم استخدام القوات المسلحة الأمريكية “كقوة شرطة عالمية، إنها ليست مركز اتصال 911 للعالم”. وافق بوش على ذلك حتى جعلته هجمات القاعدة في 11 أيلول/سبتمبر 2001، هو وزملاؤه من المحافظين الجدد، متلهفين للحرب وبناء الدول.

وفي العراق، وعد ببناء عراق ديمقراطي، وتعزيز النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط، وتسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وسيطرت أمريكا لفترة على جنوب فيتنام، وأفغانستان، والعراق، ولفترة وجيزة على لبنان، كل ذلك بتكلفة باهظة وخسائر بشرية. في كل حالة، كانت الفجوة هائلة بين الهدف المعلن وما أُنجز.

لا يمكن لأي خطة مجدية أن تنطوي على تطهير جماعي لأي أرض من سكانها التاريخيين وسرقتها للاستعمار من قبل قوة أجنبية

وقال جينكنز إن مبدأ عدم التدخل في شؤون الآخرين له تاريخ طويل في الولايات المتحدة. وكل رئيس حاول اللعب به حتى استدعته أبواق المجد والقوة المطلقة المتاحة للدخول في الحرب.

ولعل أحدث مناهضي التدخل، بل وأكثرهم جنونًا، هو ترامب، فقد أظهر في عدائه لنهج الناتو الجماعي وحروبه الجمركية وانقلابه على أوكرانيا، هوسًا شبه كامل بفصل الولايات المتحدة عن مشاكل العالم.

لم تكن مهمة كينيدي/جونسون لتحرير العالم وتحقيق “الحرية” من نصيبه.

وفي أيار/مايو الماضي، انتقد ترامب في المملكة العربية السعودية، بشدة “ما يسمى ببناة الأمم [الذين] دمروا دولًا أكثر بكثير مما بنوها وتدخلوا في مجتمعات معقدة لم يفهموها هم أنفسهم”. وقال لجمهوره العربي إن الشرق الأوسط قد “بنته شعوب المنطقة نفسها التي أرادت تحقيق رؤيتها الفريدة ورسم مصائرها”، مع أنه كان يسلح بنيامين نتنياهو حتى الأسنان، كي يتمكن من مواصلة حربه في غزة.

وختم الكاتب مقالته بالقول إن غزة تواجه مهمة إعادة إعمار هائلة، ونعم، تقع على عاتق الولايات المتحدة مسؤولية أخلاقية للمساعدة، لكن ترامب رسم خطة لتدخل استعماري، من غير المرجح أن تحظى بدعم أي دولة عربية أو غربية أخرى. وهو يسعى فقط إلى تبرير غزو نتنياهو المروع والاستفادة منه، وهو يتخبط في نفس الطريق المظلم الذي سلكه رئيس أمريكي تلو الآخر.

والسؤال الوحيد: هل قال بلير ذلك؟

– “القدس العربي”:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب